حكاية نور و أخوه عصفور

[walaa farouk]

* حكاية"نور"و أخوه "عصفور"



كانوا إتنين إخوات عايشين طول عمرهم فى علبة واحدة وسط إخواتهم..
والإتنين كانوا بيحبوا الحياه والنور والبقاء..لذلك كانت أكتر حاجة بيخافوا منها فى حياتهم
هى "البراية".. لأنها كانت عدوهم اللى عايش علشان يقصر عمرهم.
.وفى مرة جاء للمكتبة تلميذين إخوات علشان يشتروا حاجات المدرسة
لأن الدراسة كان باقى عليها يومين وتبدأ..وكانوا الإتنين الإخوات مختلفين
عن بعض تماماً فواحد كان شاطر جدا ونشيط والتانى كسول وبليد
..المهم إنهم إشتروا من المكتبة شوية حاجات منهم القلمين الرصاص الإخوات
اللى كانوا متمسكين بالحياة..واللى من حبهم للطبيعة والحياه واحد منهم سمى نفسه "نور"
والتانى كان مسمى نفسه "عصفور"..عصفور أخذه التلميذ الشاطر وحطه فى مقلمته..
أما نور فأخذه التلميذ البليد وحطه فى درج مكتبته.
.وتانى يوم بالليل دخل التلاميذ يناموا علشان يستعدوا للصحيان بدرى فى أول يوم دراسة.
.ووسط سكون الليل "نور" سمع أخوة "عصفور" وهو بيبكى جوة الشنطة.
.ففتح الدرج بالراحة ومشى بخطوات رشيقة ومرتاحة على أستيكته المساحة
.. وراح لأخوه فى مقلمته وقاله مالك بتعيط ليه؟.
.فعصفور قاله خلاص يا نور هتوحشنى وهتوحشنى الحياة
..فالدراسة هتبدأ بكرة وللأسف التلميذ اللى إشترانى باين عليه شاطر
وهيفضل يذاكر بيا كل يوم (وهاتك يا برى)..فنور قاله طب وانت زعلان ليه؟..
قاله علشان هنموت ومش هيبقى لينا وجود.
.فنور قاله وانت نفسك تعيش؟..قاله ياريت يا نور بجد نفسى أعيش وأفضل طول عمرى بنفس
طولى كدة ولا براية تقرب من سن رأسى أبداً..فنور بص على الأرض حزين
وفكر شوية وقاله خلاص يا أخويا يا حبيبى انا من محبتى ليك قررت أضحى برصاصى
وخشبى وهبدل مكانك وهسلم نفسى ليد التلميذ الشاطر
وتعالى أنت مكانى فى درج التلميذ البليد وبكدة خشبك هيعيش لعمر مديد
..فعصفور طلع معندهوش رصاص فى دمه وفرح وقبل العرض
وقاله شكرا يا أخويا إنك قررت تضحى بنفسك علشان أعيش انا.
.أنت اعظم أخ فى الدنيا وصدقنى هفضل طول عمرى أدعيلك ومش هنسالك أبداً المعروف دة..
فهز نور سن قلمه وبص فى الارض وقاله: ولا يهمك يا أخويا المهم أشوفك فرحان وأنت تعيش.
.وفعلا القلمين الاخوات بدل كل واحد مكان التانى وبدأت الدراسة
وبدأ التلميذ الشاطر يذاكر ويدرس ويتعلم بكل همة ونشاط..
وبرايته هى كمان كان كلها همة ونشاط فى تقصير عمر "نور".
.أما "عصفور" فضل نايم فى الدرج ومصحيش إلا بعد 15 سنة على صوت بكاء ونواح جوة البيت
اللى كان نايم في درج مكتبه لأن صاحبه اللى كان تلميذ بليد مات فى جرعة مخدر زيادة
وكان المشهد مؤثر ومرتبك على غير العادة..
وأصعب ما فى المشهد لحظة ما شاف الناس حاملين صاحبه البليد على أكتافهم
وداخلين بيه غرفته ليضعوه أمامه على السرير..فبكى القلم "عصفور" بكاء مر جداً
لدرجة إن سنه الحاد إتبرى من كثرة الدموع..لكنه مكانش بيبكى من أجل صاحبه اللى مات
ولكنه بكى لأنه إفتكر أخر نفس وآخر برية إتبراها أخوه "نور" من 15 سنة
واللى إترمى بعدها جثمانه الخشبى بأستيكته المتآكلة فى "باسكت" القمامة
..ودة اليوم اللى كان حزين جداً فى حياة "عصفور" لأنه اليوم اللى فقد فيه أخوة "نور"
اللى ضحى بنفسه علشانه..وفات سنتين والتلميذ اللى كان شاطر
واللى كان صاحب أخوه القلم "نور" فتح عيادة جديدة لأنه عقبال الجميع كبر
وأصبح طبيب أطفال قد الدنيا..وفوجئ القلم عصفور بيد التلميذ الشاطر اللى صار طبيب مشهور
وهو بيسحبه لأول مرة من أكتر من 15 سنة من درج المكتب وبياخده معاه وحطه فى درج مكتبه
فى عيادته الجديدة بمدينة نصر..وبقى القلم "عصفور" مرعوب وخايف
وبيترعش من شدة الخوف خصوصاُ إن جارتة فى الدرج اللى جانبه مباشرة
كانت براية ألمانى ماركة EISEN بسلاح محترم ياكل فى أجدع خشب.
.فأدرك "عصفور" أنها النهاية قد إقتربت..وبدأت العيادة الجديدة فى العمل
وأطفال داخلة وأطفال خارجة وبدأ "عصفور" وهو فى العيادة يسمع أمهات
وهى بتشكر الدكتور ويقولوله لولاك يا دكتور لكان إبنى مات..
وبدأ يسمع كمان أطفال داخلة تصرخ من الوجع وتخرج وهى بتضحك زى البجع..
ويوم ورا يوم كان لكل يوم رواية..ومع كل طفل مريض حكاية.
.فبدأ "عصفور" يحس بروح أخوه "نور" تضيئ فى المكان
..بدأ يشوف إن "نور" لسة عايش ولم يموت..لأن "نور" داب وإتبرى
ودماء رصاصه سالت على كتب وكراريس التلميذ الشاطر
علشان النهاردة يبقى دكتور يطلع من تحت إيده أطفال كانت هتموت لكنها تخف وتعيش
..وأطفال كانت داخلة ساكتة بتتألم تخرج وهى بتضحك وتتكلم.
.فأدرك وقتها "عصفور" إن أخوه "نور" مازال حى وسيبقى حى الى الأبد..
أما هو فسيموت ويضيع عمره فى مجرد كتابة بعض البيانات مع شوية أرقام
وحسابات وإن العمر جرى بيه وفات.
سلام المسيح أيها الإخوة فى الحقيقة من أروع الأيات اللى حبيتها فى الكتاب المقدس
أول ما سمعتها الأية التى تقول" فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا
، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا"..فالإنسان الذى يعيش من أجل نفسه
ومن أجل راحته ومن أجل كسله سيموت قبل الجميع
..فلا ينبغى أن يكون هذا فينا لأننا ملح الإرض..والملح أيها الإخوة يجب أن يذوب ويتحلل
ويتخلل فى التربة حتى يسمدها ويعطيها أن تصير صالحة لتعطى ثمار وإنبات طيب وكريم
..فنحن كأولاد لله لم نولد لتكون فى أفواهنا ملعقة فضية ونضع على أكتافنا شارة ذهبية
مكتوب عليها أولاد الملك..بل نحن خدام للناس وخدام للكلمة وخدام للمسيح
ومكلفين بأن نكون مثل حبة الحنطة فالكتاب يقول" اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:
إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا.
وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ"..فلا يكن أحدنا"عصفور"
حتى لا يجد نفسه فى نهاية العمر يباع بفلسين
..ولكن ليبحث كلاً منا عن عمل ودور وخدمة يقوم بها حتى يترك بصمة نافعة للكلمة
وللكنيسة ليكن "نور" يلمع كالماس..ويسكن ويبقى فى حياة وعقول وقلوب الناس
..وليكن أيضاً كما قال المزمور" كشجرة مغروسة عند مجاري المياه،
التي تعطي ثمرها في أوانه، وورقها لا يذبل. وكل ما يصنعه ينجح".
.صلوا لأجل الكنيسة الواحدة..آمين