|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إساءة حكمهم عليه فَقَالَ أَيُّوبُ: [1] صَحِيحٌ إِنَّكُمْ أَنْتُمْ شَعْب،ٌ وَمَعَكُمْ تَمُوتُ الْحِكْمَةُ! [2] يوبخ أيوب أصدقائه لأنهم غير حكماء: أولًا: لأن قسوتهم هربت منها الحكمة. هذا التوبيخ مُوجه إلى كل من يتكبر ويستخف بأخيه، خاصة في وقت آلامه. هذا الذي لا يعرف أن بضع حدودًا للتوبيخ، كما الذي لا يعرف أن يختار الوقت المناسب. "الإنسان الحكيم يسكت إلى حين، أما العاتي والجاهل فلا يبالي بالأوقات" (سيراخ 20: 7). ثانيُا: لأنهم يتوهمون أنهم شعب يحتكر الحكمة، وأن حكمهم هو الأمثل والأعلى، الذي به يُقاس كل شخص ويُحكم عليه. لهذا يحذرنا الكتاب المقدس من السقوط في هذا الوهم، حين نحسب أنفسنا حكماء في تشامخٍ وكبرياءٍ. "لا تكن حكيمًا في عيني نفسك، اتق الرب، وابعد عن الشر" (أم 3: 7). "أرأيت رجلًا حكيمًا في عيني نفسه؟ الرجاء بالجاهل أكثر من الرجاء به" (أم 26: 12). "الرجل الغني حكيم في عيني نفسه، والفقير الفهيم يفحصه" (أم 28: 11). "هكذا قال الرب: لا يفتخرن الحكيم بحكمته، ولا يفتخر الجبار بجبروته، ولا يفتخر الغني بغناه" (إر 9: 23). * كن جاهلًا في العالم كما يوجهك الرسول فتصير حكيمًا. لا تتحيز (لرأيك) ولا تصدر حكمًا من ذاتك فيما تسأل فيه، بل اظهر الطاعة على الدوام بكل بساطة وإيمان. اهتم فقط أن تكون هذه الأمور مقدسة ونافعة وحكيمة، إذ تعلن عن شريعة اللَّه، وتكشف عن رأي أبيك الروحي في تلك الأمور. القديس يوحنا كاسيان من الحماقة أن نتوهم أن موتنا يسبب خسارة كبيرة، وأنه لا يمكن الاستغناء عنا، فإن الله قادر أن يقيم من بعدنا من هو أكفأ منا. موت الحكماء والصالحين لا يعني موت الحكمة والصلاح. رابعًا: عدم الاعتدال في السلوك تحت ستار الحكمة يحول حتى ما هو صالح إلى الهدم لا البنيان. "لا تكن بارًا كثيرًا، ولا تكن حكيمًا بزيادة، لماذا تخرب نفسك؟" (جا 7: 16) خامسًا: يرى البابا غريغوريوس (الكبير)وغيره من الآباء أن أصدقاء أيوب يمثلون الهراطقة الذين يعتمدون على حكمتهم البشرية وإمكانياتهم الفكرية والمادية والاجتماعية في تشامخٍ وعجرفةٍ، مستخفين بالفكر الكنسي الروحي. "أين الحكيم؟ أين الكاتب؟ أين مباحث هذا الدهر؟ ألم يجهل الله حكمة هذا العالم؟" (1 كو 1: 20) "لا يخدعن أحد نفسه، إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر، فليصر جاهلًا لكي يصير حكيمًا" (1 كو 3: 18). "من هو حكيم وعالم بينكم، فليرِ أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة" (يع 3: 13). * يتكلم أيوب مندهشًا... كأنه يقول: هل كرامة الكائنات العاقلة بالحقيقة مرتبطة بكم؟ هل تعرفون حكمة الله من جهة الخطاة والأبرار؟ هل يناسب البشر أن يعرفوها؟ هل تعلمون أن الله يمتحن الأبرار (ابن سيراخ 2: 5)، مؤكدًا طول أناته على الخطاة؟ (ابن سيراخ 2: 11) هذا هو السبب أن البعض في رخاء وآخرين في تجربة، لأنه بالنسبة للبعض، فإن طول الأناة تردهم للتوبة (حز 33: 11)، بينما بالنسبة لآخرين فإن الصراع (مع التجربة) يمدهم بالإكليل (1 كو 9: 25). إن فهمتم هذا لا تعودوا تدينون البار الذي في تجربة، ولا تحسبوا الخاطي الذي في رخاء كما لو كان بارًا. لكن ليحكم على كل واحدٍ حسب أعماله، إن عرفتم هذا، فلا يليق بكم أن تنطقوا بهذه الكيفية في الدينونة القادمة... هل حكمة هذا العمل يمكن أن تموت مع الناس؟ أين هو الفلك؟ أين هو التكهن بمراقبة طيران الطيور؟ أين هو السحر؟ أين هي العرافة؟ في هذه تجد الحكمة الدنسة المستنبطة من الغباوة الخداع. أو هل مثل هذه الحكمة تبقى حيَّة هنا أسفل؟ حكمة الله، على العكس ترافق من يطلبها، إذ تتوافق مع التدرب على معرفة الله وناموسه. بهذا يرى الإنسان أمرين بكل بوضوح: مجد الله، وقوة الناموس المعطى لنا. الأب هيسيخيوس الأورشليمي البابا غريغوريوس (الكبير) * هنا يتهم بولس المعلمين الكذبة ليس فقط أنهم يفتخرون بمبالغة، بل ويدعون أن لهم الفضل خلال أتعاب الآخرين(626). القديس يوحنا الذهبي الفم إنه يصطاد الناس بعيدًا عن الكنيسة نفسها، وإذ يظنون أنهم اقتربوا من النور وهربوا من ليل العالم يغمرهم في ظلمة جديدة وهم غير مدركين لها. ومع أنهم لا يتمسكون بالإنجيل ونظام المسيح وناموسه يدعون أنهم في النور خلال مداهنات العدو المخادعة، هذا الذي يقول عنه الرسول أنه يغير نفسه إلى شبه ملاك نور ويزين خدامه كخدام للبرَ. يدعون الليل نهارًا، والموت خلاصًا، واليأس رجاءً، والخيانة أمانة، وضد المسيح المسيح، ويثبط الحق بالخداع بإبراز الحق بصورة كاذبة. هذا هو ما يحدث يا إخوتي عندما لا نعود إلى ينبوع الحق، عندما لا نتطلع إلى الرأس ونحفظ التعليم الصادر من السماء. القديس كبريانوس غَيْرَ أَنَّهُ لِي فَهْمٌ مِثْلَكُمْ. لَسْتُ أَنَا دُونَكُمْ. وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِثْلُ هَذِهِ؟ [3] لم يكن من قبيل الافتخار أن يقول لهم: "لي فهم مثلكم"، وإنما أراد منهم ألا يسقطوا في العجرفة، كأن معرفة الأسرار الإلهية خاصة بالنسبة لحكمة الله في عنايته بالخليقة وفي تعامله مع الأشرار والصالحين قاصرة عليهم دون سواهم. فهو ليس بأقل منهم في المعرفة، وربما كثيرون لهم ذات المعرفة. غايته هنا أن يكتم كبرياءهم لا أن يفتخر بمعرفته ويتكبر. جاء في الترجمة السبعينية: "غير أن لي قلب مثلكم". *"غير أن لي قلب مثلكم" [3 LXX]. يقول: "إني أعرف كيف أفكر تمامًا مثلكم، علاوة على ذلك لي قلب إنسان مثلكم. لكنكم أنتم أظلمتم قلوبكم، أما أنا فجعلته مثمرًا بناموس الله. هذا هو السبب، بالرغم من أن لي قلب مثلكم، غير إني أراه، هذا الذي لا تقدرون أن تروه. فإني لا أدهش إن كنتم تسخرون بي. الأب هيسيخيوس الأورشليمي البابا غريغوريوس (الكبير) * أعطى الله الطبيعة العاقلة نعمة حرية الإرادة، وأنعم على الإنسان بالقدرة على تحديد ما يريده حتى يسكن الصلاح في حياتنا، ليس قسرًا ولا لاإراديًا بل نتيجة للاختيار الحر. إن تمتعنا بحرية الإرادة يؤدي بنا إلى اكتشاف حقائق جلية. في طبيعة الأمور إذا ما أساء أحد استخدام مثل هذه الإرادة الحرة فإنه بحسب كلمات الرسول يصير مثل هذا الشخص مخترعًا لأعمال شريرة (رو 30:1). كل من هو من الله يُعد أخًا لنا، أما الذي يرفض الاشتراك في أعمال الصلاح يتم ذلك بكامل إرادته. القديس غريغوريوس النيسي الأب دورثيؤس من غزة الأب مكسيموس المعترف دَعَا اللهَ فَاسْتَجَابَهُ. سُخْرةً (أُضْحُوكَةٌ) هُوَ الصِّدِّيقُ الْكَامِلُ [4]. اكتشف أيوب أنهم يعاملونه بازدراء شديد، يحقرون من شأنه، ويدوسون عليه كما لو كان موضوع سخريتهم، أو تسليتهم عوض مساندته في جدية. حقًا لقد جاءوا لتعزيته ونصحه، لكن أسلوبهم في النصح تحول إلى نقدٍ لاذعٍ، أساءوا إليه في محنته. وكان يمكن لأيوب أن يقبل هذا من أعداء شامتين فيه، أما أن يصدر عن أصدقاء أعزاء فيصعب احتماله. "لأنه ليس عدو يعيرني فأحتمل، ليس مبغضي تعظم عليَّ فاختبئ منه، بل أنت إنسان عديلي، أليفي وصديقي" (مز 55: 12-13)، وفي هذا كان أيوب رمزًا للسيد المسيح الذي قيل عنه: "ما هذه الجروح في يديك؟ فيقول هي التي جُرحت بها في بيت أحبائي" (زك 13: 6). أما ما زاد جرحه ليس فقط أنهم أصدقاؤه، وإنما هم شيوخ قادة للشعب ومتدينون. كان يود أن يصلوا من أجله لدى الله فيستجيب لهم، وإن يطلبوا المشورة من الله، فيقدموا كلمات تعزية من عند الله عوض التوبيخات المؤلمة للغاية. هذا هو نصيب الأنبياء والرسل وكل رجال الله وكل الصديقين أن يسخر منهم حتى من القريبين منهم. * كلما اقتنى القديسون حُبًا لله أعظم يحتملون من أجله كل شيء. القديس أغسطينوس الأب هيسيخيوس الأورشليمي إنها حكمة الأبرار التي تجعلهم لا يطلبون الظاهر في شيء، بل يدركون المعاني بالكلمات، يحبون الحق كما هو، متجنبين الزهو الباطل. لا يمارسون الأعمال الصالحة ليحملوا شر (الكبرياء)، فيجدون فيه بهجة أكثر من بهجة ممارستها. إنهم لا ينتقمون للضرر، حاسبين كل إهانة من أجل الحق مكسبًا! لكن بساطة الأبرار هذه يضحك عليها (الأشرار) في استخفاف، فيحسب حكماء هذا العالم صلاح النقاوة جهالة. فإنه دون شك كل ما يمارس في براءة يحسبونه غباوة، وتبدو لهم ممارسة كل قوانين الحق ضعفًا بالنسبة للحكمة الجسدانية... أما بالنسبة للديان الخفي فمثل هذا (المتسم بالبراءة) مشرق بالفضائل، مملوء بهاء ينبع عن استحقاقات حياته. إنه يخشى أن يُكرم، لا ينقبض عندما يُحتقر، يدرب جسده بالعفة، خصب بالحب وحده في النفس... يتهلل عندما يُشتم، ويتحنن على المنكوبين من قلبه، ويفرح لنجاح الصالحين كأنه نجاح له. يتأمل بدقة مؤونة الكلمة المقدسة في القلب، وعندما يُمتحن يوجد بلا خبرة في إعطاء إجابة مزدوجة. إنه مصباح، لأنه يضيء في الداخل، يسخر منه لأنه لا يضيء في الخارج. في الداخل يتلألأ بلهيب الحب، وفي الخارج يشرق دون بهاء المجد (الباطل). إنه يُشرق ويُحتقر، هذا الذي يتلألأ بالفضيلة ويحسب محتقرًا. هكذا كان القديس داود يتطلع إليه والده باستخفافٍ عندما رفض أن يقدمه أمام عيني صموئيل النبي، وذلك عندما قدم أبناءه السبعة لنوال عطية المسحة. وعندما سأله النبي إن كان قد جاء بكل أبنائه، أجابه في استخفاف: "بقي بعد الصغير، وهوذا يرعى الغنم" (1 صم 16: 11). وعندما أحضره وأُختير سمع الكلمات: "الإنسان ينظر إلى العينين، وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب" (1 صم 16: 7). وأيضا الكارز البارع قلل من مجد رسوليته أمام أعين الناس، قائلًا: "ولا استخدمنا السلطان حين كنا مثقلين بكوننا رسل المسيح، بل جعلنا أنفسنا أطفالًا صغارا بينكم" (راجع 1 تس 2: 6-7). البابا غريغوريوس (الكبير) لِلْمُبْتَلِي هَوَانٌ فِي أَفْكَارِ الْمُطْمَئِنِّ، مُهَيَّأٌ لِمَنْ زَلَّتْ قَدَمُهُ [5]. وردت في الترجمة الإنجليزية: He that is ready to slip with his feet is as a lamp despised in the thought of him that is at ease. )Job 12:5 KJV) كأنه يقول إن الذي تزل قدمه يسقط في المتاعب حتى وإن كان كسراجٍ فيما قبل. يُنظر إليه كسراجٍ انطفأ، وكفتيلة نلقيها على الأرض وندوسها بأقدامنا. هذا ما يمرر نفس أيوب أن الذين في رخاء وشبع يحتقرون المجربين والمتألمين والجائعين. *"في الوقت المعين يكون مستعدًا أن يموت بضربات الغريب؛ يرى بيته يهدمه الأشرار" [5 LXX]. "في الوقت المعين"، أي نوع من الزمن؟ كما يعين الله الزمن، هذا الذي يغير الساعات والأزمنة حسب مشيئته، محركًا كل واحدٍ هنا وهناك. إنه ذاك الذي يعرف حدود البشر المنغمسين في التجربة، وإلى أي مدى يمكنهم أن يحتملوا التجربة. إنه يحدد وقتًا "ليموت بضربات الأعداء"، بمعنى أن الصديقين يُساء معاملتهم بواسطة الأشرار. بمعنى سيعلن بأية معاملات يسيء الأشرار للصديقين، وكيف يعبرون حياتهم في رفاهية. أما بالنسبة للصديقين فمن الواضح كيف يعيشون في مثابرة (يع 5: 11)، وكيف يحتملون أحزانًا هنا على الأرض. إنه ليس اعتباطًا يسمح الله للأشرار أن يدمروا بيوت الصديقين، لكنه لا يتخلى عن الأبرار، ولا يسمح بأمور فوق إمكانيتهم... فإنه لا يصيبهم أذى من هذا الدمار، لأن مساكن الحياة الحاضرة والخيام الأرضية تخرب (2 كو 5: 1-2)، حتى وإن لم تُسلب. هذا إذن ما نؤمن به، أننا نختبر شيئًا من الدمار، ولكن نجد فيه ربحنا بكل وضوح. فإننا نتقبل المكافأة على المثابرة والجزاء على اهتمامنا، وعوض مسكننا الأرضي نرث مسكنًا سماويًا حيث نعيش فيه وسط الملائكة ورؤساء الملائكة. الأب هيسيخيوس الأورشليمي البابا غريغوريوس (الكبير) * حدث ذات يوم أن إنسانًا يُدعَى حكيمًا بين اليهود سألني: يسوع الذي يُدعَى معلمكم، كتب أنه إن كان أحد منكم له إيمان مثل حبة خردل تقولون لهذا الجبل انتقل، فينتقل من أمامكم، ويرتفع ويسقط في البحر، وهو يطيعكم(مت 17: 19؛ 21: 22). وواضح أنه ليس في كل شعبكم حكيم واحد تُسمع صلاته، فيسأل الله أن يُبطل المضطهدين لكم. فمن البيَّن أن هذا كتُب لأجلكم: "ليس شيء غير مستطاع لديكم". * وإذ رأيته يجدف وينطق ضد الطريق، اضطرب ذهني، وأدركت أنه لم يعرف تفسير الكلمات التي اقتبسها وقالها لي. عندئذ من جانبي سألته عن أقوال من الناموس والأنبياء، وقلت له: هل تثق أنه حتى عندما تشتتم فإن الله معكم...؟ إذ قال لإسرائيل: "حتى في أراضي أعدائكم لا أنساكم، ولا أنكث ميثاقي معكم" (راجع لا 26: 44). أجبته: "حسنًا، أسمع هذا منكم أن الله معكم. لكنني أنطق أيضًا بكلمات ضدكم"، إذ يقول النبي لإسرائيل كما من فم الله: "إذا جزت في البحر فأنا معك، وفي الأنهار فلا تغمرك. إذا مشيت في النار فلا تلدغ واللهب لا يُحرقك، لأني أنا الرب إلهك معك" (راجع إش 43: 2-3). هكذا أما يوجد حكيم واحد بينكم بار وصالح من كل الشعب حتى يعبر البحر ويحيا دون أن يغرق، ويجتاز النهر دون أن يغمره، ومن يقدر أن يسير على النار فلا يُلدغ، واللهيب لا يحرقه. وأن قدمت لي شرحًا لا أقبله منك، كما أنت لا تقبل تفسير الكلمات التي سألتني عنها. * كان يعقوب مُضطَهدًا، وعيسو مضطهِدًا. نال يعقوب البركات والبكورية، بينما حُرم عيسو من الاثنين. * كان يوسف مضطَهدًا، وكان إخوته هم المضطهِدِين. يوسف تمجد، ومضطِهدوه سجدوا له، فتحققتِ أحلامه ورؤياه. كان يوسف المُضطَهد رمزًا ليسوع المُضطَهد. يوسف ألبسه والده قميصًا بألوان كثيرة، ويسوع ألبسه أبوه جسدًا من البتول. يوسف أحبه أبوه أكثر من إخوته، ويسوع هو العزيز المحبوب لدى أبيه. رأى يوسف رؤى وحلم أحلامًا، وتحققت الرؤى والأنبياء في يسوع. كان يوسف راعيًا مع إخوته، ويسوع هو رئيس الرعاة. عندما أرسله أبوه ليفتقد إخوته رأوا يوسف قادمًا وخططوا لقتله، وعندما أرسل الآب يسوع ليفتقد إخوته قالوا: "هذا هو الوارث، هلم نقتله" (مت 21: 38). ألقي إخوة يوسف أخاهم في الجب، ويسوع أنزله إخوته ليسكن بين الموتى. يوسف صعد من الجب، ويسوع قام من بين الأموات. * أُضطهد موسى أيضًا كما أُضطهد يسوع. حين وُلد موسى أخفوه من مضطهديه لئلا يقتلوه، وحين ولد يسوع هربوا به إلى مصر لكي لا يقتله هيردوس مضطهِده. في الأيام التي وُلد فيها موسى كان يغرقون الأطفال في النهر، وعند ميلاد يسوع قُتل أطفال بيت لحم وما جاورها. لموسى قال الله: "مات الرجال الذين يطلبون نفسك" (خر 4: 19). وليوسف قال الملاك في مصر: "قم وخذ الصبي وأمه وأذهب إلى أرض إسرائيل، لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي" (مت 2: 20). أخرج موسى شعبه من خدمة فرعون، وخلّص يسوع الشعوب من خدمة الشيطان. ترَّبي موسى في بيت فرعون، وتربي يسوع في مصر حين هرب به يوسف إلى هناك. * أُضطهد يشوع بن نون كما أُضطهد يسوع مخلصنا. أُضطهد يشوع بن نون بواسطة الشعوب النجسة، وأضطهد يسوع مخلصنا بواسطة الشعب الجاهل. أخذ يشوع بن نون الميراث من مضطهديه وأعطاه لشعبه، ويسوع مخلصنا أخذ الميراث من مضطهديه ووهبه لشعوبٍ غريبةٍ. أوقف يشوع بن نون الشمس والقمر وانتقم من الشعوب التي اضطهدته، ويسوع مخلصنا جعل الشمس تغيب في وسط النهار، ليخزي الشعب المضطهِد الذي صلبه. وزع يشوع بن نون الميراث على شعبه، ووعد يسوع مخلصنا أن يعطي الشعوب أرض الحياة. * هذه الذكريات التي أكتبها إليك يا عزيزي بخصوص يسوع الذي أُضطهِد، والأبرار الذين اُضطهِدوا هي من أجل الذين يُضطهدون اليوم من أجل يسوع المُضطهَد، فيستريحون. فقد كتب لنا وأراحنا بنفسه: "إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم أيضًا. يضطهدونكم لأنكم لستم من العالم كما أني أنا لست من العالم" (راجع يو 19:15، 20؛ 14:17). القديس مارأفراهاط الحكيم الفارسي |
|