رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المعنى الحقيقي لانتصار داود على جليات مُواجَهة داوُد لجُليات تُعَلِّمنا الكَثير عن الثِّقة بوُعود الله، وتُعَلِّمنا كيف نكون قادة بحَسب قلب الرَّب، لكن هُناك دَرس آخَر نَتعَلَّمه من هذه الحادِثة، دَرس رَئيسي سَنُنزِل عنهُ السِّتار في مَقالنا هذا. كانَ داوُد فَتىً شابّاً لا يَبدو على مَظهَرهِ ولا على حَجمهِ أنَّهُ مُقاتِل، ولم يَألَف في حَياتهِ سِوى رِعايَة الغَنَم وعَزف الموسيقى. يَصِفهُ الكِتاب المُقدَّس أنَّهُ حَسَن الصُّورة والمَنظَر وأنَّهُ صَغير الحَجم. أمَّا جُليات الفلسطيني فهو رَجُل حَرب منذُ صِباه ضَخم جِدّاً ومَنظَهرهُ مَهيب لدَرَجَة أنَّ جَميع رِجال إسرائيل الأشِدَّاء أصبَحوا ضُعَفاء عندَ رؤيَتِه، والشُّجعان تَرَدَّدوا من مُواجَهتِه. تَعيير جُليات لصُفوف شَعب الرَّب استَفَزَّ داوُد وأشعَلَ في داخلهِ غيرة لله، ورَغبة منهُ في أن يُظهِر لجُليات وشَعبه من هو الإله الحَقيقي، وقد كانَ داوُد مُتَيَقِّناً من مَشيئَة الرَّب تجاه هذا الأمر، لذلك أصَرَّ على المُواجَهة على الرَّغم من الفَوارِق الكَبيرة جِدّاً بينهُ وبينَ جُليات وصَرَعَهُ بحَجَر على رَأسهِ من مِقلاعهِ. الكَثير من الدُّروس والعِبَر بإمكانِنا أن نَستَقيها من هذه القِصَّة فهي مادَّة دَسِمة على مَنابِر الوُعَّاظ ليُعَلِّموا منها المؤمنين بأن يَتمَثَّلوا بإيمان داوُد في حَياتهِم الرُّوحيَّة، لكن أحياناً كَثيرة نُخطِئ في إدراك الصُّورة الرَّئيسيَّة التي تُظهِرها لنا هذه الحادِثة. المَلِك في تِلكَ الأيَّام كانَ مُمَثِّلا لشَعبِه، وداوُد كانَ مَمسوحاً مَلِكاً لبَني إسرائيل. فانتِصار داوُد هو انتِصار الشَّعب كُلّه، وغَلَبَتهُ سَتجعَل كُل الشَّعب غالِب. المَلِك كانَ عليه مَسؤوليَّة إنقاذ الشَّعب وتَخليصهم من الأعداء، يقول بيتر جينتري: “كَفَرد، يُمكِن للمَلِك أن يقول “أنا إسرائيل”. يُمكِن للمَلِك أن يُمَثِّل الأُمَّة كَكُل… هذا أمر يَصعُب فهمهُ على الذينَ لا يعيشون في ظِل نِظام حُكم مَلَكي. ففي المَملَكات، القَديمة والحَديثة على حَدٍّ سَواء، هُناكَ شُعور بأنَّ المَلِك هو الأُمَّة. وفي الوَقت نَفسه، المَلِك هو المُخَلِّص للأُمَّة ويَأخُذ على عاتِقهِ خَوض المَعارِك من أجلِها.”¹ داوُد هُنا كانَ نَموذَجاً عن المسيح المَلِك الذي خاضَ الحَرب عن شَعبهِ وانتَصَر، والمُلك الأرضي أيضاً كانَ نَموذَجاً عن المَلَكوت الرُّوحي السَّماوي الذي أسَّسهُ المسيح بمَجيئهِ الأوَّل وسَيكتَمِل بمَجيئهِ الثَّاني. تَعَهَّدَ الله بأنَّ داوُد سَيملِك على شَعبهِ إلى الأبَد (صَموئيل الثَّاني 13:7)، لكن هذا المُلك سَيكون ليسَ بداوُد نَفسه بل بِنَسلهِ (العَدَد 16) الذي يجِد ذروته في المسيح. نقرأ في إشَعياء 1:11 التَّالي: “وَيُفْرِخُ بُرْعُمٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ جُذُورِهِ” يَسَّى هو والِد داوُد، والنُّبوءة تقول أنَّ من هذا النَّسل سَيأتي المَلِك العادِل المُنتَصِر، وهذه الإشارة تعني أن ليسَ داوُد الذي سَيعود إلى الحُكم بل إنَّ داوُد آخَر سَيأتي وسَيكون هو المَلِك المُنقِذ. داوُد هُنا كانَ نَموذَجاً عن المسيح المَلِك الذي خاضَ الحَرب عن شَعبهِ وانتَصَر المسيح الملك تَضَمَّنَ مُلك داوُد ثلاث وَظائِف رَئيسيَّة، وهي: إخضاعهِ للأعداء وقَد أعطاهُ الرَّب النُّصرة أينَما ذَهَب (صَموئيل الثَّاني 1:8-6). جَمع الكُنوز من الحُروب لكي تُستَخدَم في بِناء الهَيكَل (صَموئيل الثَّاني 6:8-14). حُكمهِ بالعَدل من خِلال قادة مُختَلِفين جَعلهُم تحتَ إمرَتِه (صَموئيل الثَّاني 15:8-18). وقد تَنبَّأت هذه الوَظائِف بعَمَل المسيح المُلوكي في المَلَكوت الرُّوحي الذي أسَّسهُ، والذي يَتضَمَّن أيضاً ثلاث وَظائِف رَئيسيَّة: اقتِياد الشَّعب في حَربٍ روحيَّة نحوَ الاِنتِصار (رؤيا يوحَنَّا 13:19-15). بانتِصارهِ سَبى سَبياً “بالمَعنى الرُّوحي” وأعطى النَّاس عَطايا، ولا يَزال يمنَح مَواهِب لبِناء كَنيسته (أفَسُس 8:4). القَضاء لشَعبهِ من خِلال الرُّعاة الأُمَناء الموكَلين مِنه ( كورِنثوس الأولى 12:5-13). يقول بولُس في وَصف عَمَل المسيح: “وَإِذْ نَزَعَ سِلاَحَ الرِّئَاسَاتِ وَالسُّلُطَاتِ، فَضَحَهُمْ جِهَاراً فِيهِ، وَسَاقَهُمْ فِي مَوْكِبِهِ ظَافِراً عَلَيْهِمْ.” (رسالة بولُس إلى أهل كولوسّي 15:2). يُشَدِّد الكِتاب المُقدَّس على فِكرَة انتِصار المسيح على إبليس وعلى المَوت، من خِلال حَياته الكامِلة عبرَ طاعَتِه لوَصايا النَّاموس الأمر الذي عَجِزَ عنهُ كُل البَشَر، ومُعجِزاتهِ التي قامَ بها والتي اشتَمَلَت على طَرد الشَّياطين وتَقييد عَمَل الأرواح الشِّرِّيرة (متَّى 29:12)، ومن خِلال مَوتهِ على الصَّليب وقِيامَتِه من بين الأموات. يقول وِليام بيركِنز: “انتَصَرَ المسيح عندما كانَ على الصَّليب، الذي كان أرض المَعرَكة الرُّوحيَّة حيثُ المسيح كالإمبراطور واجَهَ العالَم، شَهَوات الجَسَد، جَهَنَّم، المَوت، واللَّعنة الأبَدِيَّة… كانَ الصَّليب مَوكِب النُّصرة الذي أطاحَ بهِ الرِّياسات والسُّطلة الشَّيطانِيَّة”² بحَسب هذا الاِنتِصار سَنحصُل على الغَلَبة على كُل هذه الأُمور فلن يُخيفنا المَوت ولن يكون للمَوت الثَّاني سُلطة علينا وبقوَّة الرَّب سَنتَحرَّر من خَطايانا. يقول أُغسطينوس: “يُنقِذنا صَليب المسيح من سُلطَة إبليس لأنَّ دِماءَهُ سُفِكَت من أجل خَطايانا، والشَّيطان كانَ لهُ سُلطة بأن يَأسِر النَّاس عبرَ خَطاياهُم”.³ هذه النُّصرة تُعطينا الحُرِّيَّة من الخَطيئة (يوحَنَّا 36:8)، تُقَيِّد عَمَل إبليس في حَياتنا (يوحَنَّا 31:12)، وتَجعَل من إبليس غَير قادِرعلى الشَّكوى علينا لأنَّنا تَبَرَّرنا بدَم المسيح (روما 33:8) الجالِس عن يَمين الآب يَشفَع فينا. لا يُمكِن لأي قوَّة على الأرض أن تَنزِع مِنكَ بَرَكات الخَلاص إن كُنتَ في المسيح، لذلك تَشَجَّع لأنَّ إله السَّلام سَيسحَق الشَّيطان تحتَ قَدَمَيك، لأنَّ المسيح حَقَّقَ الكَمال لكي يَجعَلكَ كامِلاً أمامَ العَدالة الإلهيَّة لأنَّهُ كَفَّرَ عن خَطاياك لِيَصِل بِكَ في النِّهاية إلى المَدينة السَّماوِيَّة. لا يُمكِن أن نَكون مِثل داوُد إن لم تَكُن حَياتنا مَبنِيَّة على هذه الحَقيقة ولا نَستطيع أن نَتَمَثَّل بإيمانهِ ونَتعَلَّم من حَياتهِ ما لم نَكُن في المسيح، فمِنهُ وَحدهُ نَستَمِدّ القوَّة ومن خِلال انتِصارهِ نَحصُل على النُّصرة.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المعنى الحقيقي للحياة |
المعني الحقيقي للحب |
المعنى الحقيقى للفلانتين |
المعنى الحقيقى لكلمه حب :) |
المعنى الحقيقي للحياه |