إذ يستخدم الكتاب المقدس تعابير، مثل: "في البدء"، "البداية"، "قبل إنشاء العالم"، "قبل كل شئ"، إنما يقصد بها إلادة الآب لأبنه، إلادة غير زمنية: لأن الله خارج الزمن، بل هو خالق الزمن. أي إنها إلادة أزلية: لا بداية لها، ثم إن كانت أزلية، فهي بالتأكيد أبدية: لانهاية لها، لأن الله يتسامى على الزمان (على البداية والنهاية). أي إن الله "سرمدي": ما لا بداية ولا نهاية له، وبالتالي فإن إلادة الآب لأبنه هي إلادة سرمدية: (لا بداية ولا نهاية لها)، إلادة "مستديمة": (الآب يلد أبنه بدون أنقطاع)، أي إنها إلادة تستمر (فالآب يلد ولا يزال يلد أبنه من الأزل وللأبد). بيد إننا نفهم هنا على إن الإلادة الألهية هي على مثال الخلقة، خلق الله للعالم وللأنسان من حيث إنها تتصف بصفة "الديمومة". فالله يخلق في كل لحظة، ولولا خلقه الدائم لزال الكون كله، وفنيت الحياة. وإن كان الله يتسامى على الزمان، فأنه يتسامى على المكان أيضاً، أي إن إلادته لأبنه لا تخضع للمكان وبذلك فهي إلادة غير جسدية، بل هي إلادة روحية صرف. لأن الله روح لا جسد له: "الله روح" (يوحنا3 : 24).