|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حمل تتابع الأحداث صورة رمزية لأحداث الخلاص، فإن كان ذبح إسحق بكر سارة يشير إلى صليب المسيح وقيامته، فإن موت أمه سارة يحمل من جانب رفض الأمة اليهودية التي أنجبت السيد المسيح حسب الجسد ولم تقبل الإيمان به، أما إرسال كبير بيت إبراهيم لإحضار رفقة زوجة لإسحق من مدينة ناحور بحاران فيشير إلى عمل الروح القدس الذي اجتذب الأمم من أرضهم الشريرة - عباد الأوثان - ليقيمها عروسًا لإسحق الحقيقي ربنا يسوع المسيح عوض سارة.
1. إرسالية كبير بيت إبراهيم 1-9 2. في مدينة ناحور 10-14 3. لقاء مع رفقة 15-27 4. في بيت رفقة 28-49 5. نجاح مهمة كبير بيت إبراهيم 50-60 6. رفقة زوجة إسحق 61-67 ماتت سارة وعمرها 127 عامًا، أما إبراهيم فكان قد بلغ 137 عامًا... ويبدو أنه بعد ثلاث سنوات من موت سارة استدعى إبراهيم عبده كبير بيته مدبر كل أمواله وسأله أو يضع يده تحت فخده ليحلف بالرب إله السماء وإله الأرض أن لا يأخذ زوجة لابنه من نبات الكنعانيين الذين يسكن في وسطهم بل يذهب إلى عشيرته في منطقة ما بين النهرين (الميصة) ويأتي إليه بزوجة من عشيرته. سأله الرجل وإن رفضت المرأة أن تتبعه إلى هذه الأرض (كنعان) فهل يرجع بابنه إلى حيث عشيرته، فأجاب إبراهيم معلنًا إيمانه بالله الذي وعده بالأرض أنه يرسل ملاكه ليعد لابنه الزوجة، محذرًا الرجل من الرجوع بابنه إلى الأرض التي خرج منها إبراهيم. ماذا يعني وضع اليد تحت فخذ إبراهيم ؟ يقول القديس أغسطينوس: [إنها تشير القسم بالمتجسد من نسله[332]]. وكأن إبراهيم قد تحدث بروح النبوة معلنًا أن الرب إله السماء وإله الأرض إنما يحمل جسدًا من صلبه. خرج إبراهيم من أور الكلدانيين، من وسط عشيرته، ووضع في قلبه خلال طاعته للدعوة الإلهية ألا يرجع ثانية ولا يدفن فيها زوجته أو يرد إليها ابنه ليتزوج. حقًا لقد طلب أن يتزوج ابنه من عشيرته حتى لا يرتبط بكنعانية تسحب قلبه عن محبة الله وتشوه أفكاره وتفسدها، لكنه في إصرار رفض أن يذهب ابنه إلى هناك، مؤمنًا بأن الله الذي دعاه هو يرسل لابنه الزوجة التي تعينه في طريق الرب كما كانت سارة معينة له. لم يهتم إبراهيم في اختيار زوجة لابنه أن تكون غنية أو جميلة إنما كان هدفه الأول أن تكون مقدسة ومؤمنة تعين ابنه في حياته الروحية ولا تكون عائقًا له في الطريق... لذلك أعطى الرب إسحق رفقة، امرأة جميلة المنظر والروح، كانت سرّ تعزية وفرح له كل أيام غربته. مدينة ناحور قريبة من حاران في شمال غربي الميصة. (ما بين النهرين)، عرفت في الوثائق الأشورية ووثائق مارى. لعل الاسم قد أخذ من ناحور جد إبراهيم (تك 11: 22-25) أو من أخيه جد رفقة (تك 11: 27-31)، أو من اسم القبيلة ككل. هذا وان ناحور يظهر كسلف لعدد من القبائل الآرامية (تك 22: 20-24) [333]. يقول الكتاب: "ثم أخذ العبد عشرة جمال من جمال مولاه ومضى وجميع خيرات مولاه في يده، فقام وذهب إلى آرام النهرين إلى مدينة ناحور، وأناخ الجمال خارج المدينة عند بئر الماء وقت المساء وقت خروج المستقيات، وقال: أيها الرب إله سيدي إبراهيم يسر ليَّ اليوم واصنع لطفًا إلى سيدي إبراهيم..." [10-12]. إن كان رئيس بيت إبراهيم يشير إلى الروح القدس الذي أرسله الابن وحيد الجنس من عند الآب، فقد جاءنا إلى حياتنا كما إلى مدينة ناحور لينطلق بنا من أرضنا على جمال سيدنا إلى أرضه، أي يحملنا إلى سمواته لنوجد مع العريس السماوي إلى الأبد. إن كان رقم 10 يشير إلى الوصايا العشر، فإن الروح القدس يعمل فينا ليحملنا خلال الوصية الإلهية الروحية، مقدمًا لنا خلال "جميع الخيرات" أي غنى الروح وسلام العقل وشبع النفس حتى نقبل الروح فينا، منطلقًا بنا من مجدً إلى مجدً. ربما رقم 10 أيضًا يشير إلى حياتنا الزمنية كما أن رقم 1000 يشير إلى حياتنا السماوية، فالروح القدس وهو منطلق بنا إلى أرض الموعد، أورشليم العليا، يقدم لنا في حياتنا الزمنية من الخيرات الأبدية ما نقدر أن نقبله وننعم به هنا كعربون للتمتع بالخيرات الأبدية في كمالها. إننا ننعم بنصيب من المهر لا بالمهر كله، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إذ أقام المسيح معنا عقدًا (زواجيًا) عين لي مهرًا، لا من المال بل بالدم، هذا المهر هو عربون الصالحات: "ما لم تره عين ولم تسمع به أُذن ولم يخطر على بال إنسان" (1 كو 2: 9). عين لي الأمور التالية مهرًا: الخلود، تسبيح الملائكة، الخلاص من الموت، التحرر من الخطية، ميراث الملكوت العظيم، البر، التقديس، الخلاص من الشرور الحاضرة، اكتشاف البركات المقبلة. عظيم هو مهري!... جاء وأخذني، وعين لي مهري، قائلًا: أعطيك غناي. هل فقدت الفردوس؟ أرده لك... ومع هذا لم يعطني المهر كله هنا: لماذا ؟ لكي أعطيه لك عندما تدخل الوضع الملوكي. هل أنت أتيت إليَّ؟ لا، بل أنا الذي جئت إليك.... لا لكي تمكث في موضعك، إنما آخذك معي، وأرجع بك. فلا تطلب منى المهر وأنت هنا في هذه الحياة، بل كن مملوءًا رجاءً وإيمانًا![334]]. يأتينا الروح القدس كما على عشرة جمال لكي يقدم للكنيسة من غنى الله ويسحبها على الدوام نحو السماء لتنعم بكمال المجد. والعجيب أن الرجل جاء إلى بئر الماء وقت المساء ليطلب لإسحق عروسًا. ما هذا البئر إلاَّ مياه المعمودية التي فيها يلتقي السيد المسيح بكنيسة كعروس له. وكما يقول الآب قيصريوس أسقف Arles: [لو أن الكنيسة لم تأت إلى مياه المعمودية لما ارتبطت بالمسيح[335]]. كما يقول: [انظروا أيها الاخوة خادم إسحق، فقد وجد رفقة عند البئر وبدورها وجدت رفقة إسحق عند البئر [٦٢]. فالمسيح لا يجد الكنيسة ولا الكنيسة تجد المسيح إلاَّ بسر المعمودية [336]]. ويرى العلامة أوريجانوس في البئر إشارة إلى الكتاب المقدس الذي فيه تلتقي النفس بعريسها، إذ يقول: [كانت رفقة تذهب إلى البئر كل يوم لتستقى ماءً فالتفت مع خادم إبراهيم وتزوجت باسحق... تعلموا أن تأتوا إلى بئر الكتاب كل يوم لتستقوا مياه الروح القدس بلا انقطاع[337]]، كما يقول: [أتريدون أن تخطبوا للمسيح؟ إنه يرسل لكم الخادم، أي الكلام الموحيّ به الذي بدونه لا تقدرون أن تنالوه ولا أن تتزوجوا به[338]]. نعود إلى كبير بيت إبراهيم فنراه كسيده يثق في الله كمدبر لكل الأمور، لهذا عندما بلغ البئر بدأ يصلى مسلمًا الأمر بين يدي الله، وبعد الاختيار نجده يقدم الشكر لله الذي أنجح طريقة [٤٨]. هذا الرجل كما قلت يشير إلى الروح القدس الذي حلّ على الكنيسة في ملء الأزمنة ليقدسها عروسًا مقدسة للسيد المسيح، وإن كان البعض يرى في هذا الرجل رمزًا للرسل الذين جاءوا يكرزون بين الأمم لتقديمهم عروسًا للرب بالروح القدس العامل فيهم. ما أن فرغ كبير بيت إبراهيم من حديثة الإيماني مع الله حتى وجدت الاستجابة الفورية، فقد ظهرت رفقة حفيدة ناحور أخي إبراهيم عند الماء جاءت لتستقى، وقد امتازت بجانب جمالها الجسدي بلطفها في الحديث ومروءتها، فإذ طلب الرجل أن تسقيه ماء من جرتها حتى أسرعت وأنزلت جرتها على يدها لتسقيه وتطلب منه أن تسقى جماله دون أن يطلب منها. لقد رأت عليه علامات الإرهاق، فاشتاقت أن تخدمه لتمارس حبها لاستضافة الغرباء. خلال هذا الروح المملوء حبًا انطلقت رفقة من فتاة تعيش في بلد وثنى لتصير زوجة اسحق وأما ليعقوب أب جميع الأسباط. بالحب والوداعة ارتفعت رفقة وتمتعت بما لم يخطر على بالها ولا كان يمثل شيئًا من أحلامها. إذ كان الرجل يتأمل عمل الله صار "يتفرس فيها صامتًا ليعلم أ أنجح الرب طريقة أم لا؟!" [٢١]. وإذ أدرك العمل الإلهي "أخذ خزامة ذهب وزنها نصف شاقل وسوارين على يديها وزنها عشرة شواقل ذهب" [٢٢]. يرى البعض أن كلمة "رفقة" مشتقة من الفعل العبري الذي يعني (ربك)، وربما يعني تقيد مرتبكًا بالجمال [339]، ويرى القديس أكليمنضس الإسكندري إنها تعني (مجد الله)[340]. وهى ابنة "بتوئيل" الذي يعني (رجل الله)، وأمها "مِلكة" التي تعني (ملكة) أو (مشورة). بمعنى آخر أن رفقة وهي تمثل كنيسة السيد المسيح وعروسه، إنما تحمل فيها "مجد الله" وتتمتع بجمال فائق يربك ناظريها، أما سر جمالها فإن والدها هو رجل الله ووالدتها المشورة المقدسة. وقد ظهر جمالها بحق حينما تقلبت عطايا عريسها الخزامة الذهبية في أُذنيها والسوارين الذهبيين في يديها. إن كان الذهب يشير إلى السمة الروحية أو الطبيعة السماوية، فإن الكنيسة إذ تتقبل عمل الله خلال خدامه تصير أُذناها سماويتين وأيضًا يداها فلا تسمع إلاَّ لما هو إلهي ولا تعمل إلاَّ لحساب مملكة السموات. يقول الأب قيصريوس: [الخزامة الذهبية تشير إلى الكلمات الإلهية، والسواران الذهبيان يشيران إلى الأعمال الصالحة، إذ يشار للأعمال باليدين. لنرى أية الإخوة كيف قدم المسيح هذه العطايا للكنيسة؟! [341]]. ويقول العلامة أوريجانوس: [لا تجد رفقة جمالها إلاَّ إذا جاء خادم إبراهيم ليزينها. فيداها لا تتزينان إلا بما يبعثه إليها إسحق. إنها تود أن تتمتع في أُذنيها بالكلام الذهبي وفي يديها بالأعمال الذهبية. لكنها ما كانت تستطيع أن تتمتع بهذه الأمور ولا أن تتأهل لها ما لم تأتِ لتستقى ماءً من البئر. يا من لا تريدون أن تأتوا إلى الماء ولا أن تضعوا في آذانكم كلمات الأنبياء الذهبية، كيف تقدرون أن تحملوا زينة التعاليم وجمال الحياة؟![342]]. إذ سألها الرجل إن كان في بيت أبيها مكان لهم ليبيتوا، فأجابته: "عندنا تبن وعلف كثير ومكان لتبيتوا أيضًا" [25]، "فحرَّ الرجل وسجد للرب" [٢٦]. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). ليس شيء يمجد الله في حياتنا مثل اتساع القلب للناس، فيجدون فيه طعامًا لهم ولجمالهم وموضعًا يستريحون فيه. لنقل للعالم كله: "عندنا تبن كثير وعلف وكثير ومكان لتبيتوا أيضًا". لسنا نطلب من العالم شيئًا، إنما نود أن نعطى شبعًا وراحة للجميع. ما فعلته رفقة كممثلة لكنيسة العهد الجديد مارسه الرسول بولس كعضو فيها، إذ يقول: "فمنا مفتوح إليكم أيها الكورنثيون، قلبنا متسع" (2 كو 6: 11). إذ رأى لابان أخته رفقة وقد تزينت بالخزامة والسوارين وقد أخبرته بكل ما حدث أسرع إلى الرجل يقول له: "أدخل يا مبارك الرب، لماذا تقف خارجًا وأنا قد هيأت البيت ومكانًا للجمال؟!" [٣١]... وإذ دخل الرجل وحلّ عن الجمال وقدم له طعامًا للجمال وماء لغسل رجليه وأرجل الذين معه ووضع قدامه ليأكل، قال "لا آكل حتى أتكلم كلامي" [٣٣]. وبدأ الرجل يروى لأهل رفقة عن عظمة سيده إبراهيم وعن ابن شيخوخته الذي من سارة والوصية التي قدمها له إبراهيم من جهة زواج ابنه إسحق؛ وعمل الله معه حين جاء عند البئر والتقى برفقة، وختم حديثه بقوله: "والآن إن كنتم تصنعون معروفًا وأمانة إلى سيدي فأخبروني، وإلاَّ فأخبروني لأنصرف يمينًا أو شمالًا " [٤٩]. هنا نقف في دهشة أمام عمل الله العجيب، فانه ليس فقط رفقة قد اتسمت باللطف والكرم في العطاء، وإنما حمل أخوها لابان ذات السمتين! كان لطيفًا كل اللطف، سخيًا كل السخاء! يدعو خادم إبراهيم "مبارك الرب"، ويصر ألا يتركه خارجًا مقدمًا له موضعًا في قلبه بيته! وكأن الله كان يهيئ هذا الجو الروحي العجيب وسط بلد وثني مملوء بالرجاسات والجحود، كان الله يهيئ من أجل إبراهيم أب الآباء ليستريح قلبه من جهة ابنه إسحق؛ أو كان الله يعد رفقة كزوجة روحية لإسحق تتأهل للأمومة لكل شعب الله! وسط ظلام المدينة الحالك بل ظلمة المنطقة كلها كان الله يعد فتاه تقوم بدور على مستوى فائق! إن كنا ندهش من تصرفات رفقة وعائلاتها فلن نتجاهل دور رئيس بيت إبراهيم، فقد رأى بعينيه كيف أنجح الله طريقة عند البئر، والآن إذ يدخل البيت يخشى لئلا تلهيه المجاملات مهما كان باعثها عن رسالته، لهذا أصر ألا يأكل حتى يعرض عليهم أعمال الله ويأخذ منهم كلمة من جهة رفقة وإلاَّ يصرفوه فيذهب يمينًا أو يسارًا. أنه كرمز لروح القدس الذي يعمل في العالم لجلب كنيسة السيد المسيح وعروسه، يعمل دومًا بهدف إلهي واضح... أو بكونه رمزًا للرسل والتلاميذ الكارزين بالروح القدس للدخول بكل نفس إلى العضوية في جسد المسيح، عروسه المقدسة، لا ينشغلون بالمجاملات البشرية بل يطلبون تحقيق غاية الرب فيهم. لهذا السبب أوصاهم السيد المسيح، قائلًا: "لا تنتقلوا من بيت إلى بيت" (لو 10: 7) "لا تسلموا على أحد في الطريق" (لو 10: 4). مع كل خطوه يشعر فيها الرجل بنجاح يسجد للرب إلى الأرض [٥٢] مقدمًا ذبيحة شكر لله الذي يرتب الأمر بيديه. أدرك الكل أن الأمر قد صدر من قبل الرب [٥٠]، وقدم العبد آنية فضة وآنية ذهب وثيابًا أعطاها لرفقة [٥٣]، وأعطى تحفًا لأخيها ولأمها... ومع ذلك عندما بدأ الموكب يتحرك قالوا: "ندعو الفتاه ونسألها شفاها، فدعوا رفقة وقالوا لها: هل تذهبين مع هذا الرجل، فقالت أذهب" [57-58]، فقد آمنوا بحرية الاختيار، ليس من يلزم فتى أو فتاه على الزواج بشخص معين مهما كانت الظروف! إن كان الله يكرم الإنسان ويقدس حرية إرادته، فيليق بنا أن نؤمن بحرية أولادنا وإخواتنا فلا نلزمهم بشيء إنما نشير عليهم ونسندهم بغير إجبار. في كمال الحرية قالت: "أذهب"... لقد قبلت العمل الإلهي وخرجت من بين أهلها وبيت أبيها لتسمعهم يباركونها: "أنتِ إختنا، صيري ألوف ربوات، وليرث نسلكِ باب مبغضيه" [٦٠]. طلبوا من الله النمو والإثمار فيكون نسلها ألوفًا ألوفًا وربوات ربوات، كما طلبوا لنسلها القوة فلا يحطمهم عدو " ليرث نسلكِ باب مبغضيه". انطلقت رفقة مع مرضعتها المحبوبة لديها جدًا، التي تدعى دبورة (35: 8)، إذ قد ترتب على يديها لتعيش كالنحلة (دبورة) النشيطة التي تجمع رحيق التعاليم المقدسة من كل سفر فيحوله الله في أعماقها عسل شهد يشبع حياتها ويهبها عذوبة. انطلقت رفقة نحو عريسها إسحق بعد أن تركت عشيرتها وبيت أبيها، وكأنها بكنيسة العهد الجديد التي تركت ما ورثته قبلًا عن العالم الوثني لتتقبل السيد المسيح عريسًا لها. وكما التقى العبد بها عند البئر، خرج إسحق إليها ليلتقي بها عند بئر لحيْ رئي، كما في مياه المعمودية. خرج إسحق عند إقبال المساء يتأمل في الحقل [٦٣]، وكما يرى بعض علماء اليهود أنها كانت عادة بعض اليهود يخرجون عند الغروب ليصلوا لله في مكان طلق يتأملون أعمال الله معهم كل اليوم، وهي عادة لا تزال قائمة بين كثير من رهبان مصر. كان إسحق يمثل السيد المسيح الذي ترك أمجاده وانطلق إلى الحقل خلال التجسد ليتقبل رفقة المتواضعة التي تراه فتنزل هي بدورها عن الجمل ليلتقيا معًا بعد أن تغطت ببرقع الوداعة والحياء... وهكذا دخل بها إسحق إلى خباء أمه سارة، فصارت له زوجة وأحبها، فتعزى إسحق بعد موت أمه [٦٧]. يعلق الأب قيصريوس على هذا التصرف، قائلًا: [أخذ إسحق رفقة وادخلها إلى خباء أمه، والمسيح أخذ الكنيسة وأقامها عوض المجمع. خلال الجحود انفصل المجمع عن الله ومات، وبالإيمان ارتبطت الكنيسة بالمسيح وقبلت الحياة. وكما يقول الرسول إنه بالكبرياء نزعت أغصان الزيتونة (رو 11: 17) لكي تطعم الزيتونة البرية المتواضعة. لذلك قيل: "أخذ رفقة وأحبها، فتعزى إسحق بعد موت أمه". أخذ المسيح الكنيسة وأحبها جدًا حتى بحبه لها تعزى عن حزنه بسبب موت أمه أي المجمع. جحود المجمع أحزن المسيح وإيمان الكنيسة أبهجه![343]]. |
|