رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قداسة البابا تواضروس الثاني أما أنا فصلاة " الصلاة سلاح عظيم ، وكنز لا يفرغ ، وغنـى لا يسقط أبداً ... ميناء هادئ وسكون ليس فيه اضطراب " . ( القديس يوحنا الذهبي الفم ) " وقال لهـم أيضـاً مـثلاً في أنه ينبغي أن يصـلى كـل حـين ولا يمـل ، قائلاً : كـان في مدينـة قـاض لا يخـاف اللـه ولا يهـاب إنساناً . وكـان في تلك المدينـة أرملة . وكانـت تـأتى إليـه قائلة : أنصـفنـي مـن خـصـمي ! وكـان لا يشاء إلى زمـان . ولـكـن بعـد ذلـك قـال في نفسـه : وإن كنـت لا أخـاف اللـه ولا أهـاب إنسـاناً فإني لأجـل أن هـذه الأرملـة ثـزعجني ، أنصـفها ، لــلا تـأتي دائمـاً فتقمعنـي ! وقـال الـرب : اسمعـوا مـا يقـول قاضـي الظلـم . أفـلا ينصـف اللـه مختاريـه الصارخين إليـه نـهـاراً وليلاً ، وهـو متمهل عليهم ؟ أقـول لـكـم : إنـه ينصفهم سريعاً ! ولكن متى جاء ابن الإنسان ، ألعله يجد الإيمان على الأرض ؟ " ( لو ۱۸ : ۱- ۸ ) . الصلاة يا عزيزي هي الخطوة الثانيـة التـي سـنخطوها سوياً ... فالصـوم والصلاة يخذلان الشيطان ، والزهـد يـهـزم طغيانـه ... لذا فقـد سـلط الكتـاب المقدس الضوء على مبدأ ، أنه ينبغي أن يصلى كل حين ولا يمل من خلال قصة قاضي الظلم . فـإذا كـان قاضـى الظلـم الـذي ظلـم الأرملـة قـد أنصـفها في النهايـة لأجل لجاجتها ، فما بالك بقاضي القضاة الكلي العـدل ألا ينصـف مختاريـه ؟! . وهنا يأتي السؤال : كيف أصلي كيف أتمتع بصلاة حقيقية ؟ وللإجابة على هذا السؤال دعنا نتأمل قليلاً لقـد وهـب اللـه الإنسان نعمتي العقل وحرية العمل ؛ ليصنع بهما العجائب ، ثـم منحـه البعـد الثالث القلب ليكون موضع الالتقاء بالله ، فصار الإنسان عابـداً ، وتولدت داخـل الإنسان الرغبة في الله ، وصارت الصلاة هي التعبير عن رغبة الإنسان في اللـه بل صار في داخل الإنسان عطش وحنين للأبدية . دعنا نًرسي معـا مبـادئ هامة عن كيفية الصلاة :- 1 - عندما تصلي ضع في ذهنك أنك أمام الحضـرة الإلهية كل التقدير . كل الخشوع . كل الرهبة .كل الاحترام . وكأنك تطرح العالم إلى خارج . ٢ - عندما تدخل إلى جو الصلاة اكشف عن خطاياك الصلاة الحقيقية تحتـاج مـن الإنسان أن تكون بالحقيقة خطايـاه واضحة أمامه ... ضع أمامك قول داود النبي : " لك وحدك أخطأت ، والشر قدامك صنعت " ( مز 50 : 4 ) . " طوبى لمن يبصر خطاياه أفضل ممن يرى ملائكة " ( أحد الآباء ) . 3 - عندما تدخل إلى جو الصلاة املأ قلبك بروح الشكر . أعمال الله وعطاياه العظيمة في حياة كل منا لا تنتهي . نعمة الصحة . نعمة الحركة . نعمة السلام . نعم لا تُحصى . احرص دائماً أن تشكر الله على عطاياه العظيمة ونعمه في حياتك . ٤ ـ تذكر مجتمعك الذي تحيا فيـه : أسـرتك ... كنيستك . خدمتك اذكر مخدوميك وأفراد أسرتك بأسمائهم ، وأخيـراً اذكـر نفسك . وضع أمامك دائماً أن تمزج صلاتك باللجاجة . ه ـ احرص أن تمارس الصلاة بشكل يومي ... خصص وقتاً كل يوم تجلس فيه ولا تفكر سوى في الله . ابدأ يومك بالصلاة صباحاً عقب الاستيقاظ ، وكذلك مساء عند النوم . ولیکن نظامك فيها هو :- تهيئـة الجـو الـعـام للصـلاة : مكـان واحـد للـصـلاة ـ بـه أيقونـة الصلب أو صليب في الشرقية مع بعض صور أخرى . الإعداد للصلاة : يلزم أن تعـد أنفسنا قبـل وقـت الصلاة ، فـلا يـليـق أن ننتقـل مـن الأشياء التـي كنـا منهمكين فيها إلى الصلاة مباشـرة لأنك إن فعلت ذلك لن تتلذذ بالصلاة . ليكن لك : قراءة روحيـة ... ترنيمة أو لحـن ... الجلوس في صمت التأمل في صورة الصلب ... قبل البدء في الصلاة . ابدأ الصلاة بالسجود 3 مرات إلى الأرض . امسك صليب وقت الصلاة في يدك . ارفع يديك وعينيك نحو السماء . تحـدث مع اللـه لـيس بألفاظ عامـة ( مثـل ضابط الكـل ) ، بـل بألفاظ حيـة مثـل : " يا بهجتي ، يا فرحي ، أحبك يارب يا قوتي " . لتكن صلواتك من القلب ، فاللـه لـن يسـألك كـم مـرة صـليت ؟ أو كـم ساعة وقفت ؟ ولكن سيسألك " كيف صليت ؟ " . كـن صـريحاً في حـديثك وافتح قلبـك للـه وصـل قـائلاً : أعطنـي يارب أن أحبك ... عرفني يارب من أنا .. ه بعد الصلاة استرح قليلاً واشكر الله بالصمت . أما عن الصلاة كحياة ، فهناك خطوات أعمق : اقرأ عن رجال الصلاة القديسين ... أمثال داود النبي . اقرأ عن فضيلة الصلاة ، وماذا قال الآباء عنها . استمتع بالصلوات المذكورة في الكتاب المقدس وتعلم منهـا كيـف كـان هؤلاء القديسون يصلون بها . درب نفسك على الصلاة كل حيـن : اختر صلاة تشعر بمذاقها في نفسك . رددهـا أثنـاء وقـت فراغـك وأثنـاء وجـودك بيـن الآخـرين دون أن يشعر أحد . كررهـا وأنـت عـلى فراشـك قبـل أن تنـام ، وكذلك عندما تستيقظ ، فيكون الله أول من تخاطبه . إليك هذا المثال العملي : عند الاستيقاظ قل : " هذا هو اليـوم الـذي صنعه الرب ، فلنفرح ونبتهج فيه " ... ضع في فكرك : هذا اليوم هو ملك للـه ـ وأنـت أيضـاً مـلـك للـه . اطلب بركة الرب " باركني يارب ، كن معي " . اخرج من منزلك حاملاً رسالة اللـه الـمـفـرحـة للجميع " أنت سفيـر المسيح على الأرض " ثق أن كل ما تمر به هو من يد الله صانع الخيـرات محب البشـر كل شخص تقابله هو هبة من الله .كل ظـرف تجـوزه مهـما كـان هـو هدية الله لك . كل ما تراه من أشجار ومبان هو عطايا الله . " لقد وهب لنا أن نكـون شـفراء المسيح على الأرض ، أحياناً منتصـرين وأحياناً مصلوبين ، المهم أن نكون دائـمـاً مستعدين فـلا نـهـرب أبـداً " . ( أحد الآباء ) بهـذا البــرنامج تكـون الصـلاة والحيـاة وجهين لعملة واحـدة " صلوا بلا انقطاع " ( اتس ٥ : ١٧ ) . هناك خطوة هامـة وهـي أن تقـيـم نـفـسـك بمقاييس نجاح الصلاة : ماذا يدفعك إلى الصلاة ؟ هل هو الحب ؟ هل الخوف ؟ هـل الواجـب ؟ هـل إرضاء ذاتك ؟ عندما تنتهي من الصلاة ما هو شعورك ؟ هل تفرح وتسـر ؟ هـل تـود لو استمرت ؟ وأنت واقف للصـلاة بمـاذا تشعر : هـل سـعادتك فـوق كـل سـعادة ؟ هـل فكـرك يذهب بعيـداً ؟ هـل يـراودك هـذا الإحسـاس " إن لم أصـل فقـد يسحب الله عنايته بي " . إن البعيد عن حياة الصلاة مصيره مؤلم ، وقد عبر عنه أحد الآباء بقوله : " إن لم تكن قد رأيته على الأرض فلن تراه في السماء " . والآن دعنا نتأمل سوياً في نوعيات الصلاة : الصلاة الحقيقية هي : رغبة واشتياق وحـب قبـل أن تكـون فـرض أو أمـر أو مجرد وصية أو مجـرد عبـادة أو مجرد طلـب . ونوعيات الصـلاة حـددها بولس الرسـول حـيـن قـال : " أطلب أول كل شيء ، أن ثقـام طلبـات وصـلوات وابتهالات وتشكرات " ( اتي ٢ : ١ ). الطلبـات : هـي الـتماس بخصـوص خطايانا ؛ لطلـب الصـفح والنمـو في الفضيلة وهي تنبع من الحزن على الخطية . الصلوات : تمثل الصلة الحقيقة والحديث الشخصي بين الإنسان والله . الابتهالات : هـي صـلوات مـن أجـل الآخـرين ( كـل العـالم ) تـأتي مـن حرارة القلب والشعور بمدى المسئولية عن جميع الناس . التشـكرات : هـي تـأملات في أعـمال اللـه في حياتنـا وبركاتـه لنـا وهي تسبيح وتمجيد يتولد من التعمق والتأمل في صلاح الله . وبصفة عامة فإن الروح القدس هـو الـذي يحيـي داخلنـا مشـاعر الصـلاة أي يترجمها أمام الله " الروح أيضاً يعيـن ضعفـاتنـا ، لأننا لسنا نعلم ما تصلي لأجلـه كما ينبغي ... " ( رو ٨ : ٢٦ ) . • والآن دعنا نتساءل : ما هي معوقات حياة الصلاة ؟ 1 - قلة الوقت : تعتبر الشكوى من قلة الوقـت الـمخصص للصـلاة أمـراً واهيـاً ، وتبـريراً كاذباً للنفس في إهمالها وتوانيها وتهربها من الوقوف أمام الله . ولكن بقدر اشتياق الإنسان للصلاة يعطيـه الـروح القدس فرصاً عظيمـة للتنعم والامتلاء من الله ... اسأل نفسك : كم دقيقة في حياتك تضيع هباء ؟ .. بلا شك كثيـر .. هل تستطيع أن تجمع " الفتات الضائع " وتقدم فيه صلاة تكون لله ولك أيضاً ؟! ... " تدرب على أن تتحكم في وقتك وليس العكس " . ۲ - تعب الجسد : الجسد يدعي أموراً للهروب من الصلاة ، كإدعاء التثاؤب والمرض والضعف. وآلام الـرأس والظـهـر وشـدة الحاجة إلى النـوم ... أو اختصـار الصـلاة . أو السرعة ... الخ . هذه كلها أسباب يمكنك بالتدريب المتأني الانتصار عليها ، ولكن الخطأ يكمن في السلوكيات التي تتعارض مع حياة الصلاة ... فمثلاً يصـلي الإنسان في وقت استهلك فيه جسدياً ... ولذا حذرنا الآباء : " إن كنت تريد أن تصلي كـما ينبغي لا تفعل شيئاً ضد الصلاة ، لكي يقترب منك الله " . وكما أن الذهن في الصلاة يتشكل حسب الحالة التـي يـكـون عليهـا قبـل الصـلاة ، فـمـا يـحـدث في الفتـرة الـتـي تسـبق الصـلاة مـن ضـحك وأحاديث أو قلق أو تفكيـر يشغل مخيلتنا أثناء الصلاة ... لذلك يجدر بنا أن نهتم بهذه الفترة عن طريق الألحان أو القراءة . 3 ـ تأخر الاستجابة : لا بد أن يكون دافع الصلاة هو الحب وليس الطلب . وهذا الحب نقدمه في ثقة تامة ، بأننا ننال ما نسأل ولا نشك في أن الله مهتم بنـا ، وقادر أن يعطينا طلبنا " كل ما تطلبونه حينما تصلون ، فآمنوا أن تئالوه ، فيكون لكم " ( مر ١١ : ٢٤ ) لنا ذهبي الفم قائلاً : " إن الله حينما يعطي أو لا يعطي إنما يفعل ذلك ويوضح لخيـرك " . وهناك أسباب لتأخر الاستجابة :- الله يؤخر الطلب لحكمة يراها ، فلا يمكنك إدراك حكمة الله . لأن ما نناله سريعاً لا نشعر بقيمته . لأنه قد تكون طلباتنا في غير صالحنا. • قد يتأخر الـرب حتى نلتجئ إليـه أكثـر ونـدنـو مـنـه أكثـر ، ولكـن عليك أن تثق دائماً أن ما يفعله الله إنما يفعله لنفعك الروحي . قصة قصيرة روى المتنيح " القمص إبراهيم عطيه " بالقاهرة هذه القصة : انتقل لإحدى الأرامل ابنها الوحيد ، وإذ أدرك مدى تعلقها به لم أعرف ماذا أفعل ؟ ذهبت إلى منزلها ، ففتحت الخادمة الباب . سألتها عن السيدة ، فأجابت : " إنها في حجرتها الخاصة ... لقد أغلقت الباب ، وطلبت منى ألا أطـرق البـاب مهما تكن الظروف ... أنا آسفة يا أبي ، لا أستطيع أن أخبـرها بحضورك " . طال انتظاري ، وأخيراً فتحت الباب ، وكانت ملامح وجههـا تكشـف عـن سلام عميق يملأ أعماقها . قـالـت : " أنـا آسـفـة يـا أبي لأني تأخرت في خروجي لمقابلتك ... أريد أن أطمئن قلبك ... ما كنـت تـود أن تقدمـه ، قدمـه لي الـرب بفيض ... لي الآن ساعتان راكعة أمام إلهي . وصممت ألا أتركه حتى يفيض على بتعزياته السماوية ... الآن أنا في سلام ... صل يا أبي ليكمل الله عمله معي " . قداسة البابا تواضروس الثانى البابا ال١١٨ عن كتاب خطوات |
|