|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
*ينبوع كل بركة هو المسيح "الذي صار لنا حكمة من الله" (1 كو 1: 30)، إذ فيه صرنا حكماء وامتلأنا بالمواهب الروحية. الآن من كان متزن العقل يؤكد أن معرفة هذه الأشياء التي فيها نتقدم بكل وسيلة بالحياة المقدسة السامية والنمو في الفضيلة إنما هي عطية من الله، يتأهل الإنسان للفوز بها. إننا نجد إنسانًا يسأل الله، قائلًا: "اظهر لي يا رب طرقك، علمني سبلك" (مز 24: 4). عديدة هي السبل التي تقودنا إلى الأمام نحو الحياة غير الفاسدة... لكنه يوجد سبيل واحد على وجه الخصوص نافع لكل السالكين فيه وهو الصلاة. لقد حرص المخلص نفسه أن يعلمنا إياه، مقدمًا لنا المثل الموضوع أمامنا كي نجاهد في الصلاة، إذ قيل: "وقال لهم أيضًا مثلًا في أنه ينبغي أن يصلى كل حين ولا يُمل" [1]. إنني أؤكد أنه من واجب من يكرسون حياتهم للخدمة ألا يتراخوا في صلواتهم، ولا يحسبونها واجبًا ثقيلًا ومرهقًا، بل بالحري يفرحوا من أجل الحرية التي يهبها الله لهم، فإنه يريدنا أن نتحدث معه كأبناء مع أبيهم. ألا يُعتبر هذا فضلًا يستحق منا كل تقدير؟ لو بلغ إلينا إنسان عظيم ذو سلطان أرضي وسمح لنا أن نتحدث معه بكامل الحرية، أما نحسب هذا سببًا لائقًا للفرح العظيم؟! فلماذا نشك إن كان الله يسمح لكل واحدٍ منا أن يوجه حديثه له كيفما شاء، مقدمًا للذين يخافونه كرامة عظيمة كهذه، يتأهلون لنوالها؟! لنبطل كل كسل هذا الذي يجعل الناس يمارسون الصمت الضار عن الصلاة، ولنقترب بالحري إليه بالمديح والفرح إذ نلنا وصية أن نتحدث مع رب الكل وإله الجميع، ولنا المسيح شفيعًا يهبنا مع الآب تحقيق طلباتنا. يكتب بولس الطوباوي: "نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب (وربنا) يسوع المسيح" (2 كو 1: 2). بل والمسيح نفسه يقول لرسله القديسين: "إلى الآن لم تطلبوا شيئًا باسمي، اطلبوا تأخذوا" (يو 16: 24). إنه شفيعنا، إنه كفارة عنا، إنه معزينا، واهبنا كل سؤالاتنا. من واجبنا أن نصلي بلا انقطاع ككلمات الطوباوي بولس (1 تس 5: 7)، وكما هو معروف لنا حسنًا ومؤكد لنا أن ذاك الذي نقدم له سؤالاتنا قادر أن يحقق لنا كل شيء. لقد قيل: "ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة، لأن المرتاب يشبه موجًا من البحر تخبطه الريح وتدفعه، فلا يظن ذلك الإنسان أنه ينال شيئًا من عند الرب" (يع 1: 6-7). فمن هو مرتاب يرتكب بالحق سخرية، فإن كنت لا تؤمن أنه يقترب إليك ويبهجك ويتمم طلبتك لا تقترب إليه بالكلية، لئلا تُوجد متهمًا القدير بكونك في غباوة مرتابًا. إذن لنتجنب هذا المرض الدنيء (الارتياب). الله ينصت للذين يقدمون له صلواتهم لا بتراخٍ أو إهمالٍ بل بجديةٍ واستمرارية، هذا ما يؤكد لنا المثل الماثل بيننا. فإن كان مجيء الأرملة المظلومة قد غلب القاضي الظالم الذي لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا، حتى وهبها طلبتها بغير إرادته، أفليس ذاك الذي يحب الرحمة ويكره الظلم، الذي يمد يده على الدوام لمحبيه، يقبل الذين يقتربون إليه ليل نهار، وينتقم لهم بكونهم مختاريه؟ القديس كيرلس الكبير |
|