|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اتفاقية زواج على المائدة [9- 14] وذبحوا كبشًا من الغنم، ووضعوا صحافًا (أطباق للمائدة) كثيرة. قال طوبيا لرافائيل: "تكلم يا أخي عزريا بما عرضته في الطريق، وليتحقق الأمر" [9]. ففاتح رعوئيل الأمر، وقال رعوئيل لطوبيا: "كل واشرب وافرح، فحسن لي أن تتزوج ابنتي. إلا أنه يجب أن أخبرك بالحقيقة [10] لقد أعطيت ابنتي لسبعة رجال، وما أن دخلوا عليها ماتوا في نفس الليلة. والآن فلتفرح!" أجابه طوبيا: "لا آكل شيئًا ما لم تُقِيموا معي اتفاقية." عندئذ قال له رعوئيل: "خذها الآن بحسب الشريعة، فأنت قريبها وهي لك. والله الرحوم يُفلح طرقكما ويهبكما ما هو صالح" [11]. عندئذ دعا ابنته سارة، وأخذها بيده وأعطاها لطوبيا زوجة، وقال له: "هوذا استلمها بمقتضى شريعة موسى، وأمضِ بها إلى أبيك". ثم باركهما [12]. واستدعى زوجته عدنا، وجاءت بالصحيفة وكتبوا العقد وختموه [13]، وبدأوا يأكلون [14]. تسليم الزوج عروسه من يد والدها، يشير إلى أن مسرَّة الابنة أن تجد حب والدها ورعايته لها تتجلَّى في سلوك عريسها، فقد صار مسئولاً عن كل احتياجاتها الروحية والنفسية والمادية، بكونه الرأس الذي يُشبِع احتياجات الجسد، ويحتاج الرأس إلى اهتمام الجسد. بحسب الشريعة إذ كانت سارة ابنة وحيدة بلا أخ أو أخت فهي الوارثة الوحيدة لوالديها. إنها وارثة غنية، ورثت عن والديها ما يُشِير إليه اسمهما وهو عون الله ومسرَّته أو رضاه. فرعوئيل يعني رعاية الله أو عون الله، وعدنا تعني "مسرة". هل يستطيع الشيطان أن يقتل؟ وما هو مدى سلطانه على الإنسان خاصة المؤمن؟ 1. قال السيد المسيح عن الشيطان إنه "كان قتالاً للناس منذ البدء" (يو 44:8). ألم يغوي آدم في الخطية، فمات روحيًا، وورث عنه كل نسل آدم الفساد كثمرة الخطية، وإن كان كل إنسانٍ مسئول عن خطيته الشخصية كما يقول القديس أثناسيوس. 2. حينما كان الشيطان يُجَرِّب أيوب، كان الله يُحَدِّد له حدود التجربة لكيلا يتعدَّاها. فقال الله للشيطان: "ها هو في يدك، ولكن احفظ نفسه" (أي 6:2). لولا هذا الحد الذي وضعه الله للشيطان لكان قد قتله. 3. قتلت الأرواح الشريرة قطيع الخنازير وأهلكته (مت 32:8). 4. كان الشيطان يلقي بالبشر في النار والماء (مت 15:17). وهو يهيج الحروب فيموت الكثيرين. 5. أصابت الأرواح الشريرة أولاد سكاوا بجراح حتى هربوا عراة (أع 16:19). 6. سلطان الشيطان هو على "الذين يتغرَّبون عن الله من قلوبهم ويتفرَّغون لشهوتهم" (طو 6: 16، 17). ولم يكن له سلطان على طوبيا وسارة اللذين نفَّذا كلام الملاك. ولذلك نفى الملاك الشيطان إلى برية مصر في المرتفعات حيث كانت العبادات الوثنية منتشرة. وكأن الملاك حرَّر طوبيا وسارة تمامًا من إبليس وعبوديته، فلم يصر للشيطان أي سلطان عليهما. يقول السيد المسيح: "أعطيتكم سلطانًا أن تدوسوا الحيات..." 7. كان الشيطان يقبض على كل النفوس بعد موتها ليأخذها إلى الجحيم، وأول نفس لم يستطع أن يفعل معها هذا هو السيد المسيح، الذي قال: "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء" (يو 30:14). فالمسيح لم يقبل خطية واحدة من يده. والآن كل مؤمنٍ حقيقي يستطيع في المسيح أن يقول: "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شيء". نجد هنا في هذه الآيات نفس الطقس الحالي في سر الزواج: [1] سؤال كل من العريس وعروسه هل يقبل كل منهما الآخر. [2] يُسَلِّم الأب ابنته لعريسها. [3] يبارك الأب (وهو يُمَثِّل الكاهن هنا) الزواج باسم الله. [4] كتابة عقد أو وثيقة زواج. [5] إقامة وليمة فرح. [6] تخصيص مخدع مستقل (يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته). [7] وبارك الكل الله بعد الوليمة بلا رقصٍ ولا خلاعةٍ لذلك يباركهم الله. الله ليس بظالمٍ، إذ لا ينسى تعب المحبة، كافأ رعوئيل على محبته لاستضافة الغرباء، فتأهَّل أن يستضيف رئيس الملائكة وهو لا يعرفه، كما حدث مع إبراهيم خليل الله الذي استضاف الرب ومعه ملاكين (تك 18: 1-8). يرى البعض أن "رعوئيل" تعني "صديق الرب"، وقد تشبَّه بإبراهيم "خليل الله". بروح الحب والاعتزاز برئيس الملائكة المُتخفّي، طلب طوبيا منه أن يُفاتِح رعوئيل في أمر زواجه بسارة [9]. لقد حسب الأجير عزريا أخًا كبيرًا له وقائدًا ومرشدًا له يحتل مركز والديه في أموره الخاصة مثل الزواج. هنا يُقَدِّم لنا رئيس الملائكة درسًا عن دور الوالدين في تدبير شئون أبنائهم الناضجين، خاصة الزواج. فمع معرفة رئيس الملائكة أن الله عيَّن سارة زوجة لطوبيا قبل تأسيس العالم، غير أنه ترك المجال لطوبيا أن يطلب بنفسه سارة، وأن يدخل في حوار محبة مع رعوئيل. كان رعوئيل أمينًا ومخلصًا تحدث عن السبعة أشخاص الذين ماتوا في زفافهم بسارة ابنته، وفي نفس الوقت بادره طوبيا أن يتزوج بها. لم يطلب رعوئيل ما هو لنفسه بل ما هو للغير (1 كو 13: 5). فالمحبة هي إنكار للنفس أو إماتة اللذات ليحل الله مكانها. المحبة لا تطلب ما لنفسها بل ما هو للآخرين. لذلك من يحب يفرح ويسرّ لنمو الآخرين روحيًا وجسديًا، ويشتاق لو أمكنه أن يتخلَّى عن كل ما اكتسبه من بركات أرضية وسمائية لأجل إخوته. فيوناثان لما أَحَبّ داود (1 مل 1:18)، كان يشتهي أن يرى إكليل أبيه شاول على رأس داود أكثر مما يشتهي أن يراه على رأسه هو، إذ قال له: "أنت تملك على إسرائيل وأنا أكون معك ثانيًا" (1 صم 17:23). والأم إذ تحب أولادهما تشعر أن نجاحهم وحصولهم على شهادات دراسية هو نجاح لها شخصيًا. عندما أراد يشوع بن نون أن يردع الشيخين أليداد وميداد، لأنهما كان يتنبآن وهما في المحلة، دُعيا ولم يأتيا إلى موسى. أجابه موسى: لا أستطيع أن أردعهما، لأن هذه النعمة من السماء! إنك تغار لي لأنهما يتنبآن وأنت لا تتنبأ إلى الآن؟! انتظر الوقت المناسب. يا ليت كل شعب الرب يكونون أنبياء حين يجعل الرب روحه عليهم (عدد 11: 29 إلخ..) أبرز القديس أمبروسيوس تقوى رعوئيل الذي ما كان يشغله هو راحة الآخرين أكثر من راحته لنفسه. فإذ علم أن طوبيا يود أن يتزوج ابنته سارة، لم يطلب منها ومن زوجته ألاَّ يشيرا إلى ما حدث مع الرجال الذين سبق أن تقدموا للزواج منها وأهلكهم الشيطان أسموديوس [1]Asmodeus (اسم أحد الآلهة الفارسيين) يقتلهم في ليلة زفافهم قبل معاشرتها. لقد تكلم بكل أمانة عما حدث، مُفَضِّلاً أن تبقى ابنته غير متزوجة عن أن يموت طوبيا. * رسم طوبيت بطريقة واضحة الفضيلة الحقيقية في حياته، حينما ترك الوليمة وقام بدفن الميت (طو 2: 4)، ودعا المحتاجين إلى مائدته الفقيرة. وأيضًا جاء رعوئيل مثالاً واضحًا (للفضيلة). فبالنسبة له ظهرت الفضيلة عندما طُلِبَت ابنته للزواج لم يلتزم بالصمت بخصوص ما حلّ بابنته، لئلا يبدو أنه بصمته ينال ما هو أفضل. لذلك عندما سأله طوبيا بن طوبيت طالبًا منه ابنته أجابه أنه حسب الناموس يلزم أن تُعطَى لمن هو قريب لها، لكنها أُعطِيت (لسبعة رجال) وجميعهم ماتوا (طو 7: 11). هذا الإنسان كان يخاف على الآخرين أكثر من خوفه على نفسه. وحسب أنه من الأفضل أن تبقى ابنته غير متزوجة عن أن يتعرَّض أحد آخر للخطر بسبب الاتحاد معها . القديس أمبروسيوس |
|