مثل الزارع
أول الأمثال وأشهرها، وقد ورد في متى 13، مرقس 4، لوقا 8. وهو يحكي عن مصير حبوب أُلقيت علي أنواع مختلفة من التربة. وفيه نرى أنواعًا مختلفة من الناس، ومواقفها من كلمة الله.
تكوين المثل: يتكون من ثلاثة عناصر رئيسية: الزارع – البذار - التربة.
الزارع
هو الرب يسوع، الذي أتى من السماء ليزرع الأرض ببذار إنجيل النعمة. ومن بعده الرسل وخدّام الإنجيلـ كقول الرسول بولس إذ اعتبر خدمته زرع للأمور الروحية «إن كنا نحن قد زرعنا لكم الروحيات» (1كورنثوس 9: 11).
صفات الزارع
1- لا يرصد الريح؛ أي لا يعطي اعتبارًا للصعوبات (جامعة 11: 4).
2- يزرع في الصباح والمساء؛ من بداية العمر إلى نهايته (جامعة 11: 6).
3- لا يزرع خصومات وانشقاقات بين الآخرين (أمثال 6: 19).
4- لا يزرع لجسده؛ حتى لا يحصد فسادًا، بل للروح (غلاطية 6: 8).
5- أن يمتلك البذار التي يزرعها، أي له دراية بكلمة الله (تكوين 47: 23).
6- يزرع بالبركات لا بالشح (2كورنثوس9: 6).
7- يتحلى بالأحشاء الرقيقة التي يلازمها البكاء والدموع (مزمور 126: 5، 6).
البذار
واضح، من تفسير الرب للمثل، أن البذار أو الحبوب هي كلمة الله. وكما أن الزارع هو الرب، فلا ننسى أنه أيضًا حبّة الحنطة التي وقعت في الأرض وماتت لتأتي بثمر كثير (يوحنا 12: 24).
التربة
البذار نوع واحد، لكنها سقطت علي 4 أنواع من التربة. والإنجيل يقدَّم إلى جميع فئات الناس.
1- أرض الطريق: هم من يسمعون ولا يعطون اهتمامًا للكلمة، فتدخل من أذن وتخرج من الأخرى، وقلوبهم وعقولهم مغلقة. فلا مكان لكلمة الله في حياتهم. هؤلاء فريسة سهلة للشيطان الذي يأتي ويخطف الكلمة. (العدو هنا هو الشيطان).
2- الأرض المُحجرة: عيّنة أخرى من الناس، لها الحماس السريع والعواطف الجياشة والانطباعات الجيدة عند سماع الكلمة؛ إذ يقبلها بفرح، وفي وقت قصير يتفوق على بعض المؤمنين في المظاهر الروحية. وهذا تعامل سطحي فقط، بلا عمق للكلمة أو أساس للإيمان فيهم. ومتى جاء الوقت الذي يتطلّب التضحية بأمور الجسد أو متعة النفس، يظهر علي حقيقته. وهذا ما نراه ونلمسه – بكل أسف – في كثيرين من رواد النهضات الروحية. (العدو هنا هو الجسد).
3- أرض الاشواك: أرض تسقط فيها الحبوب وتنمو، لكنها لا تُعطي ثمرًا. عيّنة ثالثة من الناس، كثيرو الانشغال بالحياة واهتماماتها، والتي تُعَدُّ عائقًا كبيرًا عن الاستفادة بكلمة الله، والتي تتمثل في مثلنا في ثلاثة جوانب: (أ) هموم الحياة، (ب) غرور وغنى الحياة، (ج) شهوات وملذات الحياة. أمور يسقط فيها الفقراء والأغنياء. (العدو هنا هو العالم).
4- الأرض الجيدة: تُربة تغلغلت فيها البذار؛ قلب اخترقته كلمة الله الحية الفعالة الخارقة لمفرق النفس والروح والمفاصل، فاستقرت في القلب الصالح، وبقليل من الوقت والصبر يثمرون، والثمر يتزايد (30 – 60 – 100).
نرى إذًا أنه:
في التربة الأولى: لم تنبت نهائيًا؛ بسبب الشيطان.
في التربة الثانية: نبت ولم يثبت؛ بسبب الجسد.
في التربة الثالثة: نبت وثبت ولم يستمر؛ بسبب العالم.
في التربة الرابعة: نبت وثبت واستمر وأثمر؛ إذ بقوة المسيح ينتصر المؤمن على الأعداء الثلاثة.