القيامة والخليقة الجديدة
الإنسان الجديد بالولادة الجديدة من الماء والرُّوح
(يوحنا ٣: ١-٢١)
"الخَليقةَ جَمْعاءَ تَئِنُّ إِلى اليَومِ مِن آلامِ المَخاض"
(رومة ٨: ٢٢)
من خلال تعاليمه، شهد القديس بولس رسول الأُمم في موضوع يسوع المسيح الابن الوحيد، موضِّحًا بأنّ خلق الكائنات لم يكن العمل الوحيد الذي قام به، لكن بعد أن شاخت الخليقة القديمة وأصبحت باطلة بسقوطها في الخطيئة وإبتعادها عن الله خالقها، أنشأ بنفسه الخليقة الجديدة. وبالتالي، كان المسيح بكر كلّ الخليقة، كما يقول القديس بولس: "هو صورة الله الذي لا يُرى وبِكرُ كُلِّ خليقة" (قولسي ١: ١٥).
من خلال الإنجيل الذي أُعلِن للبشر... كيف أصبح المسيح "بكراً لإخوة كثيرين؟" (رومة ٨: ٢٩).
أصبح مثلنا، وأخذ طبيعتنا البشريّة، ومن أجلِنا أخَذ جسدنا ودمنا ليحوّلنا من أجساد فانيه إلى أجسادٍ غير فانيه من خلال "ولادتِهِ من الماءِ والروح" (يوحنا ٣: ٥). أظهر لنا طريق الولادة هذه عندما جذب الروح القدس إلى الماء من خلال عماده. وأصبح بالتالي بكر كلّ الذين ولدوا روحيًاً من جديد، وكلّ الذين شاركوا بهذه الولادة الجديدة من خلال الماء والروح هم إخوة له. بعد أن أودع في طبيعتنا القدرة على القيامة من بين الأموات، أصبح المسيح أيضًا "وهو رأس الجَسد أي رأسُ الكنيسة، هو البدء والبكر من بين الأموات، لتكون له الأولّيةُ في كُلِّ شَيء" (قولسي ١: ١٨).
كان السيد المسيح أوّل مَن مهّد لنا طريق التحرّر من الموت. بقيامته من الموت، حطّم قيود الموت التي كانت تأسرنا. هكذا، ومن خلال هذه الولادة الجديدة المزدوجة، في العماد المقدّس وفي القيامة من بين الأموات، صار بكر الخليقة الجديدة. لهذا الأخ البكر إخوة. فقد قال لمريم المجدليّة: "اذهبي إِلى إِخوَتي، فقولي لَهم إِنِّي صاعِدٌ إِلى أَبي وأَبيكُم، وإِلهي وإِلهِكُم" (يوحنا ٢٠: ١٧). لهذا السبب، فاتحًا موكب الطبيعة البشريّة كلّها، بعث يسوع "الوسيط بين الله والناس واحد، وهو إنسان، أي المسيحُ يسوعُ الذي جادَ بنفسِهِ فدى لجميعِ الناس" (طيموتاوس الثانية ١: ٥) برسالة إلى إخوته قائلاً: "بصفتي البكر، أُعيد للربّ وللآب كلّ ما هو بشري".