رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مرض خطير: نزلت عليه يد تأديب الرب وأصابه المرض بسبب خطيته، فلم يكن في جسده صحة، وصار ينوح طول النهار، وامتلأ تعبًا وتمزقًا، صار سقيم النفس والجسد، في مذلة، يشعر بضيق شديد. "قد نتنت وقاحت جراحاتي من قبل جهالتي" [5]. = هل تعلمون مقدار نتانة الخطية؟ اسمعوا النبي يقول: "قد نتنت وقاحت جراحاتي". = ليست الخطية حملًا ثقيلًا فحسب بل ورائحتها نتنة... الغباوة هي علة كل شرورنا. = ليس شيء أكثر دنسًا، ليس أكثر نجاسة من الخطية. = ليس شيء أكثر نتانة من رائحة الخطية التي جعلت المرتل يقول: "قد نتنت وقاحت جراحاتي" القديس يوحنا الذهبي الفم الأب بفنوتيوس - أعمالك الصالحة هي عطرك، لكنك إن أخطأت تفيح خطاياك رائحة حماقة. العلامة أوريجانوس يسقط المتغطرس والغضوب ضحية أهوائهما وعواطفهما، وذلك بسبب افتقارهما للحكمة، إذ يقول النبي: "ليس شفاء يوجد لجسدي... قد نتنت وقاحت جراحاتي من قبل جهالتي" [3، 5]. موضحًا أن بداية كل الخطايا هي الجهالة. لهذا فالإنسان الفاضل الذي فيه مخافة الله هو أكثر فهمًا من غيره. وكما يقول الحكيم: "رأس الحكمة مخافة الرب" (أم 1: 7). القديس يوحنا الذهبي الفم واليوم كله أمشي عابسًا" [6]. من هو هذا الذي دخل إلى حالة شقاء وأحنت نفسه فيه ودخل إلى حالة العبوسة كل اليوم إلا السيد المسيح الذي لم يعرف خطية، وقد صار خطيةً لأجلنا. حمل نتانة خطايانا وقبل جراحاتنا في جسده، وها هو يدخل إلى الآلام وينحني حتى النهاية، إلى عار الصليب، كي يدخل بنا إلى راحته (سبته) الأبدي. أحنى العشار رأسه بسبب خطاياه فرفعه ذاك الذي انحنى بالصليب لأجله، رفع رأسه، بل ورفع كل كيانه ليشاركه بره ومجده! نحزن كل يوم في حياتنا على الأرض بسبب خطايانا، فنسمع ذاك الذي حمل أحزاننا يطوبنا، قائلًا: "طوبى للحزانى لأنهم يتعزون" (مت 5: 4). ربما أراد المرتل أن يعلن بأن تشامخ الإنسان يدفعه إلى الخطية التي تذله في أعماقه، فتنحني نفسه إلى التراب؛ هذا ويسمح الله بالتأديب ليكتشف هذه المذلة التي سببتها الخطية، فيرجع إلى مخلصه ويرفع رأسه في الرب. لماذا انحنى؟ لأنه كان قد ارتفع؛ فإنك إن اتضعت ترتفع، وإن تشامخت تنحني. يسهل على الله أن يجد ثقلًا يسحقك به؛ هذا الثقل هو خطاياك التي تعلو فوق رأسك فتنحني إلى الأرض... لكن ماذا تعني: "إلى الانقضاء"؟ أي إلى الموت! القديس أغسطينوس وليس يوجد لجسدي شفاءّ" [7]. أصابت الخطية نفسه، وحطمت حتى جسده، فإنها تحرم الإنسان بكليته من التمتع بالمجد الأبدي! قد ينعم الأشرار بالصحة لكن إلى حين، وأما المؤمن التقي فيتمتع بالجسد الروحاني الذي بلا هوان المجيد أبديًا. الآن إذ اكتشف المرتل ثمار الخطية بدأ قلبه يئن بسبب ما حلّ به وما أوشك أن يسقط فيه أبديًا، وتحولت أنّاته إلى صرخات توبة صادرة عن القلب، إذ يقول: "تعبت واتضعت جدًا، وكنت أئن من تنهد قلبي" [8]. غالبًا ما تسمعون عبيد الله يقطعون صلاتهم بالأنّات والتنهدات، ويتعجب الناس قائلين، لماذا؟ ليس ثمة شيء ظاهر إلاّ أنين خدام الله الذي يبلغ مسامع من بجوارهم في الصلاة. توجد أيضًا تنهدات داخلية لا تسمعها الآذان البشرية ولا تلتقطها... ينوح إنسان ما لفقدانه ابنه أو زوجته... وآخر لأن كرمه أفسده البَردَ... إنهم يصرخون بنواح بأنات جسدية، أما عبد الرب فيصرخ لأنه يتذكر السبت حيث ملكوت الله الذي لا يرثه جسد ولا دم (1 كو 15: 5)، فيقول: "كنت أئن من تنهد قلبي". القديس أغسطينوس الأب قيصريوس أسقف آرل |
|