أودّ في بدء تأمّلي معكم أن أقول إنّنا دُعينا بنعمة خاصّة من ربّنا يسوع المسيح لنكون خدّامًا لمذبحه المقدّس ولذا في كلّ مرّة نحتفل بالذبيحة الإلهيّة نتقدّم إلى المذبح قائلين:
"نسجد لك أيّها المسيح إلهنا مع أبيك الصالح وروحك القدّوس، أنت يا من دعوتنا نحن الخطأة إلى هذا السرّ العظيم سرّ الخلاص".
يحملنا هذا على التفكير غير المنقطع بدعوتنا التي ترافقنا من بدايتها إلى النفس الأخير من هذه الحياة. فنحن دخلنا الإكليريكيّة أو الدير بنيّةٍ سليمة ولغايةٍ سامية، ألا وهي تمجيد الله بالتأمّل والتسبيح والصلاة، مع الاستعداد الدائم والانطلاق لخدمة شعبه "فكلّ كاهن يُقام من الناس في ما هو لله ولخدمة الناس". إذًا علينا أن نحافظ على حياتنا الكهنوتيّة وثبات قوامها وبنيانها في اتّجاهين إثنين: الأوّل هو اتّجاه الصلاة والتأمّل والتسيبح مع القراءة والدرس والبحث، والثاني هو اتّجاه السعي المستمرّ والجهد المتواصل لخلاص الآخرين ودعوتهم الدائمة للتقرّب نحو الله... فإن نحن عشنا بهذه الروحانيّة المرتوية من المحبّة، لتأكّدنا أنّنا نحقّق دعوتنا وغايتها.
ولكن، للأسف الشديد يشعر الكثير منّا ومن المؤمنين بأنّ جهودًا كثيرة تُبذل ولا نرى أو نلمس أيّ تقدّم أو نهوض، لماذا؟
ربما يعود السبب في عدم الشعور بالتقدّم، إلى أنّنا أهملنا التركيز على سرّ الدعوة وعمقها لصالح التركيز على النشاط والنجاح الظاهر، فإذا فُقد السرّ أو حدث خللٌ ما، فُقد معنى الحياة الكهنوتيّة وتُهنا عن طريق النجاح الحقيقيّ مهما كثرت الوسائل الماديّة والحركة ومهما زاد العمل.
وما يجب علينا عمله، هو أن نبنيَ حياتنا على علاقة متينة مع الربّ، نستمدّ منها القوّة والمعونة والثبات.