رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أ. صوت الرب على المياه. إله المجد أرعد الرب على المياه الكثيرة" [3]. يعلق القديس هيبولتيس الروماني على هذه الكلمات بقوله: [أي صوت هذا؟ إنه: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت ].فعلى مياه المعمودية نسمع صوت الله القدير الذي يعلن بنوّتنا له. لهذا يُستخدم هذا المزمور في طقس قداس المعمودية عندما يحرك الكاهن الماء بالصليب بعد سكب الميرون في جرن المعمودية. ويرى القديس أغسطينوسأن هذه المياه هي الأمم التي قبلت "صوت الرب"، إذ يقول: [حينما جعل ربنا يسوع المسيح صوته مسموعًا خلال الأمم المملوءة رهبة، حولهم إلى شريعته وجعل مسكنه فيهم]. يتحدث إشعياء النبي عن هذه المياه الكثيرة، قائلًا: "آه ضجيج شعوب كثيرة تضج كضجيج البحر وهدير قبائل تهدر كهدير مياه كثيرة، ولكنه ينتهرها فتهرب بعيدًا، وتُطرد كعاصفة الجبال أمام الريح وكالجل أمام الزوبعة. في وقت المساء إذا رُعب، قبل الصبح ليسوا هم. هذا نصيب ناهبينا وحظ سالبينا" (إش 17: 12-14). انتهر الرب هذه المياه الكثيرة بأن أرعد بصوته على الأمم فهربت بعيدًا كشعوب وثنية وصارت كلا شيء، لكنها عادت كنيسة قوية مجيدة، لا تحمل دوامات البحار ولا تياراته الجارفة ولا ملوحته، بل جاءت كنيسة تحمل طاعة المسيح ووداعته ولطفه. المياه الكثيرة تشير أيضًا إلى الآلام والضيقات التي تحل بالمؤمن حتى تكاد أن تبتلعه، إذ يقول المرتل: "انقذني ونجني من المياه الكثيرة ومن أيدي بني الغرباء" (مز 144: 7). يرعد صوت الرب عليها فيحول آلامنا إلى أمجاد... تصير آلامنا شركة معه في آلامه وصلبه وطريقًا للتمتع بقوة قيامته ومجده (رو 8: 17). المياه الكثيرة أيضًا تشير إلى طاقاتنا وإمكانياتنا من عواطف وأحاسيس ومشاعر ودوافع وقدرات ومواهب... هذه التي أفسدناها فصارت كمياه بحار مالحة تكتنف نفوسنا وتغرقها، وإن تقدمت بكلمة الله تصير ماء نهر عذب يُفِّرح مدينة الله التي هي قلوبنا. يقول يونان النبي: "لأنك طرحتني في قلب البحار، فأحاط بي نهر" (يونان 2: 3). حين تُرك يونان لإمكانياته البشرية التي هي عطية إلهية أفسدها الإنسان - صار مطروحًا في قلب البحار، كاد أن يهلك غرقًا في أعماق المياه المالحة... لكن كلمة الرب حوّلت هذه الطاقات لبنيانه فصارت البحار نهرًا عذبًا لا يكتنفه بل يحوط به ليسقي أرضه بعذوبة سماوية، تحول جفاف نفسه إلى جنه مثمرة. عوض أن يئن من المياه، قائلًا: "خلصني يا الله فإن المياه قد دخلت حتى إلى نفسي؛ تورطت في حمأة الموت ولم يعد لي استطاعة بعد. ذهبت إلى أعماق البحر وغرقني العاصف" (مز 69: 1)، يسبح الله متهللًا من أجل الأنهار التي تجري من بطنه كقول السيد المسيح: "من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حيّ" (يو 7: 28). يقول المرتل: "مجاري الأنهار تفرح مدينة الله" (مز 46: 4) . يرى كثير من الآباء أن صوت الرب الذي أرعده على المياه الكثيرة إنما يُشير إلى حدث عماد السيد المسيح، الذي فيه شهد الآب عن الابن المتجسد أنه محبوبٌ لديه، موضع سروره، لكي نسمع جميعًا باتحادنا فيه صوت الآب الذي يفتح أحضانه ليستقبلنا كأبناء له. حينما يسكب الكاهن الميرون على مياه المعمودية يحرك بالصليب المياه وينطق بهذه الكلمات كما سبق فأشرنا، ليعلن أن صوت الآب قائم على الدوام يستقبل المعمدين الذين صاروا أعضاء جسد المحبوب، يتمتعون بشركة أمجاده. * أرعد إله المجد حينما شهد الآب للابن، قائلًا: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (مت 3: 17). القديس جيروم |
|