|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"وأيضًا إذ سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف شرًا، لأنك أنت معي" [3]. نحن ندخل مع المسيح في موته بغير خوف إذ هو معنا...، ونبقى دومًا نختبر الموت مع المسيح بفرح إن مارسنا سرّ التوبة والاعتراف بمفهومه الحق، أي بتسليم النفس بين يدّي الروح القدوس الذي يُبكّتنا ويُتوّبنا ويردنا إلى سُبُل البرّ لأجل إسمه. ما هو معنَى ظل الموت؟ أ. بما أن الموت هو أسوأ الشرور في نظر الناس، فإن ظله يُشير إلى زمان الحزن العظيم والظلمة والتجارب، أو قد يعني ظلُّ الموت المعاناةَ من الآلام. فالمتاعب - مهما اشتدت - لا توقف مسيرتنا نحو الأبدية، ولا تُرْهِبنا، ولا تحكم رجاءنا بالخوف، مادمنا نتمتع بالمعية مع المخلّص. هنا يتحدث المرتل بدقة عجيبة، فهو في حالة "سَيْر"، لا يعرف التوقف... إنه دائم التقدم بخطىً ثابتة في الطريق الملوكي، مهما اشتدت الضيقات. وهو يسير في "وادٍ" وليس على قمم الجبال... فالسير في الوادي هو عبور في هدوء... إذ يشعر المؤمن بنوع من الهدوء والسلام مع الآمان. يُدعى الوادي "ظل الموت" وليس "موتًا"، إذ بَطَل سلطان الموت. أخيرًا ما يشغل قلب المؤمن هو معية الله أو الحضرة الإلهية كعربون للقاء مع الله وجهًا لوجه بعد عبوره الحياة الزمنية. ب. حديث المرتل يشير إلى نوع من التحالف بين المؤمن والموت نفسه، فهو لا يهابه بل يتحالف معه أو يدخل معه في عهد كي يَعْبر خلاله إلى الحياة الأبدية؛ يحسبه طريقًا للتمتع بالحياة الأخرى. ج. يُشير ظل الموت إلى شركتنا في موت المسيح، إذ نقبله بفرح لنوالنا قوة قيامته ومجدها. بقوله: "إذ سرت" يقصد سلوك المؤمن أو مَسَار حياته كزمن قصير. فالسيد المسيح الراعي الصالح سار بنفسه في ظل الموت في أيام تجسده، ودخل القبر ذاته حتى نقبل أن نسلك معه ذات الطريق. *لأنه كما سار الرب في وادي ظل الموت حيث وُجِدتْ نفوس الموتي؛ لكنه قام بالجسد بعد ذلك؛ ومن بعد القيامة صعد بها إلى السموات، فمن الجَلّى أن نفوس تلاميذه أيضًا التي لحسابها عانى الرب كل ما عاناه سوف تنطق إلى ذات الموضع غير المنظور الذي عَيَّنه لهم الله. وهناك تبقى حتى القيامة تنتظر ذلك الحدث. ثم تَسْتَلِم أجسادهم، وتقوم بكليّتها، أي بالجسد، كما قام الرب، وهكذا يأتي التلاميذ إلى حضرة الله. القديس إيريناؤس *إننا على الدوام نحمل في جسدنا إماتة الرب يسوع وهكذا نحصد الفائدة السريعة: "لكي تظهر حياة يسوع أيضًا في جسدنا المائت" (2 كو 4: 11). العلامة أوريجانوس |
|