مذبح البخور:
جاء الحديث عن مذبح البخور الذهبي بعد الحديث عن مذبح المحرقة النحاسي، فالخاطئ يلتقي في الدار بالمذبح النحاسي ليرى خطيته قد تحولت إلى رماد تحت المذبح، عندئذ يقدر خلال الكاهن الأعظم -السيد المسيح المخلص- أن يدخل إلى المقدسات الإلهية، يدخل إلى صدر القدس ليرى أمامه تابوت العهد في قدس الأقداس، ومائدة خبز الوجوه عن يمينه، والمنارة عن يساره، مقدمًا حياته على المذبح الذهبي رائحة بخور طيبة، يشتمها الآب رائحة سرور ورضى في المسيح يسوع. خلال المذبح النحاسي دفع الدين لكي ندخل إلى برّ المسيح في شركة معه نأكل خبز الملائكة ونستنير بالروح القدس، ونرى الأمجاد الإلهية فوق الكاروبيم...
لقد هزّ المنظر أعماق نفس العلامة أوريجانوسفقال:
[ليبحث كل منا كيف يمكن أن يبني في داخله مسكنًا لله!
ليكن للنفس في أعماق القلب مذبحًا للبخور حتى تستطيع أن تقول: نحن رائحة المسيح الذكية" (2 كو 2: 15). ليحمل فيه أيضًا تابوت العهد حيث لوحي الشريعة، فيلهج في ناموس الله نهارًا وليلًا (مز 1: 2). ليكن فكرها ذاته وتابوتًا ومكتبة تحفظ الكتب الإلهية، إذ يقول النبي: طوبى لمن يحفظ في قلبه ناموس الرب ليعمل به. ولتحمل في قلبها قسط المن، أي الإدراك الصحيح العذب لكلمة الله. وليكن لها عصا هرون أي التعليم الكهنوتي والتدقيق المستمر للتقوى. وفوق كل مجد لتحمل الزينة الكهنوتية، إذ يوجد في داخلها من يقوم بدور الكاهن... الذي يربطنا بالله، يسميه البعض القلب والبعض يسميه حاسة العقل وآخرون يدعونه الفكر.
ليكن في داخلنا زينة الملابس كالكاهن والحجارة الكريمة ونلبس أفودًا من الكتان؛ تنسدل حتى الرجلين وتغطي كل الجسد، مشيرًا بذلك إلى الفضيلة الأولى التي ينبغي أن نتحلى بها وهي العفة. لنأخذ الصدرة المرصعة بالحجارة التي تُشير إلى ضياء الأعمال: "حتى يروا الناس أعمالكم فيمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت 5: 16)...].
لنتحدث أيضًا عن مذبح البخور الداخلي،
قائلًا: "النفس التي لا تعطي لعينها نومًا حتى تجد موضعًا للرب إله يعقوب (مز 81: 4) تقتني لها مذبحًا ثابتًا في وسط قلبها حتى تقدر أن تقرب لله.
ويرى الأب ميثوديوسفي المذبح الذهبي رمزًا لجماعة البتوليين الأطهار في صدر الكنيسة يحملون رائحة المسيح البتول الذكية، إذ يقول: [تسلمنا أن مذبح الله غير الدموي يُشير إلى جماعة الأطهار، فتطهر البتولية كأمر عظيم وجيد، إذ يجب أن تحفظ بلا دنس نقية تمامًا، ليس لها نصيب مع دنس الجسد، بل تقوم في حضرة الشهادة، مذهّبة بالحكمة، في القدس، تبعث رائحة الحب الإلهي الذكي ].