المذبح النحاسي:
إن كنا قد تحدثنا عن المقدسات الداخلية في المسكن، سواء الخاصة بقدس الأقداس (تابوت العهد) أو القدس (مائدة خبز الوجوه والمنارة ومذبح البخور)، فإنه لا عبور إلى المقدسات إلاَّ خلال المذبح النحاسي والمرحضة. المذبح النحاسي إنما يعني سفك دم الحيوانات وتقديمها ذبائح للرب.
يقارن سفر العبرانيين بين المذبح النحاسي الدائم الاتقاد بالنار ليلتهم ذبائح يومية بلا انقطاع وبين صليب السيد المسيح الذي حمل ذبيحة واحدة في آخر الأزمنة.
بالنسبة للمذبح النحاسي يقول الرسول أن رئيس الكهنة يدخل قدس الأقداس مرة واحدة في السنة، لكن "ليس بلا دم يقدمه عن نفسه وعن جهالات شعبه" (عب 9: 7). دخوله كل عام مرة علامة عجز العمل، وتقديم الذبائح، أو دم الحيوانات، عن خطاياه وجهالات شعبه علامة ضعفه المستمر. أما السيد المسيح، رئيس الكهنة الأعظم، فقد دخل لا إلى رموز المقدسات السماوية أو ظلالها بل إلى السماء عينها، لكن "ليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه، دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءًا أبديًا" (عب 9: 12). قدم دم نفسه على الصليب فقدم إمكانية على مستوى أبدي، دون تكرار العملية الصليب! فرئيس الكهنة الأول كان يتألم مرارًا بتقديم دم حيوانات كل عام، علامة العجز عن إبطال الخطية أما رئيس الكهنة الجديد فبدم نفسه أبطل الخطية ودخل بنا إلى المقدسات عينها. وكما يقول الرسول "لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقة بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا، ولا ليقدم نفسه مرارًا كثيرة كما يدخل رئيس الكهنة إلى الأقداس كل سنة بدم آخر، فإن ذاك كان يجب أن يتألم مرارًا كثيرة منذ تأسيس العالم، ولكنه الآن قد أظهر مرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه" (عب 9: 24-27).
هذا عن رئيس الكهنة، أما الكهنة فكان عملهم اليومي "كل كاهن يقوم كل يوم يخدم ويقدم مرارًا كثيرة تلك الذبائح عينها" (عب 10: 11)، ويرى الرسول في تكرار العمل يوميًا علامة عن عجز دم التيوس والعجول عن تطهير النفس بنزع الخطية (عب 10: 11) إنما تقدس إلى طهارة الجسد (9: 13)، أي حملت عملًا رمزيًا، حتى تقوم الذبيحة الواحدة القادرة على تطهير الضمائر (9: 14).