رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الوداعة لا تتعارض مع الشجاعة والشهامة الوداعة هي الطيبة، واللطف والهدوء. ولكن لا يصح أن تُفهم فهما خاطئًا. وكأن الوديع يبقي بلا شخصية ولا فاعلية، ويصبح كجثة هامدة لا تتحرك!! بل قد يصير هزأة يلهو بها الناس!! وبالفهم الخاطئ يتحول هذا (الوديع) إلي إنسان خامل لا يتدخل في شيء! كلا. هذا كلام غير مقبول لا يتفق مع تعليم الكتاب، ويُفقد الوداعة صفتها كفضيلة. ولا يتفق مع سير الآباء والأنبياء. السيد المسيح كمثال للوداعة والشجاعة في آن واحد إنه وديع ومتواضع القلب (مت 11: 29) "قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ" (مت 12: 20).. ومع ذلك فإنه لما رأي اليهود قد دنسوا الهيكل. وهم يبيعون فيه ويشترون، "أخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل، وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام. وقال لهم: مكتوب بيتي بيت الصلاة يُدعى. وأنتم جعلتموه مغارة لصوص" (مت 21: 12، 13) (يو 2: 14- 16). أكان ممكنًا للمسيح -باسم الوداعة- أن يتركهم يجعلون بيت الآب بيتًا للتجارة؟! أم أنه مزج الوداعة بالغيرة المقدسة كما فعل. "فتذكر تلاميذه أنه مكتوب: غيرة بيتك أكلتني" (لو 2: 16، 17). وكما قام السيد المسيح بتطهير الهيكل، هكذا وبخ الكتبة والفريسيين. حقًا "لكل أمر تحت السموات وقت". للهدوء وقت، وللغيرة المقدسة وقت. للسكوت وقت، وللتعليم وقت. وقد كان الكتبة والفريسيون يضلون الناس بتعليمهم الخاطئ. فكان على المعلم العظيم أن يكشفهم، ولا يبقيهم جالسين على كرسي موسي في المجتمع المسيحي الجديد. فقال لهم "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون. لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس. فلا تدخلون أنتم، ولا تدعون الداخلين يدخلون" (مت 23: 13). هل كان ممكنًا -باسم الوداعة- أن يتركهم يغلقون أبواب الملكوت؟! الوداعة فضيلة عظيمة. ولكنها لا تمنع من الغيرة المقدسة. وكذلك لا تمنع من الشهادة للحق، كما فعل السيد المسيح له المجد. والشهادة للحق أمر هام يريده الله. ولعل أهميته تظهر من قول الله على لسان أرميا النبي في العهد القديم "طوفوا في شوارع أورشليم وانظروا واعرفوا، وفتشوا في ساحاتها هل تجدون إنسانًا أو يوجد عامل بالعدل طالب الحق، فاصفح عنها؟" (أر 5: 1)، وقال الرب لتلاميذه: "..وتكونون لي شهودًا" (أع 1: 8). فهل الوداعة تمنع الشهادة للحق. أمامنا بولس الرسول كمثال. حقًا إن الإنسان الوديع هو شخص طيب وهادئ. ولكن هذا هو نصف الحقيقة. أما النصف الآخر فهو أن الوداعة ليست منفصلة أو متعارضة مع باقي الفضائل كالشهامة مثلًا أو الشجاعة. وإنما "لكل شيء تحت السموات وقت" كما يقول الكتاب (جا 3: 1). نعم، هكذا يعلمنا الكتاب "للغرس وقت، ولقلع المغروس وقت.. للسكوت وقت، وللتكلم وقت" (جا 3: 2، 7). هكذا أيضًا بالنسبة إلي الوديع: يعرف متى يهدأ، ومتى ينفعل؟ متى يصمت، ومتى يتدخل؟ ولقد سئل القديس الأنبا أنطونيوس الكبير مرة عن أعظم الفضائل: هل الصلاة أم الصوم أو الصمت..؟ فأجاب إن أهم فضيلة هي الإفراز: أي الحكمة في التصرف، أو تمييز ما ينبغي أن يُعمل. الطيبة هي الطبع السائد عند الوديع. ولكن عندما يدعوه الموقف إلي الشهامة أو الشجاعة أو الشهادة للحق، فلا يجوز له أن يمتنع عن ذلك بحجة التمسك بالوداعة..! لأنه لو فعل ذلك، وامتنع عن التحرك نحو الموقف الشجاع، لا تكون وداعته حقيقية. إنما تصير رخاوة في الطبع، وعدم فهم للوداعة، بل عدم فهم للروحانية بصفة عامة. فالروحانية ليست تمسكًا بفضيلة واحدة، تُلغى معها باقي الفضائل. إنما الروحانية هي كل الفضائل معًا، متجانسة، ومتعاونة في جو من التكامل. وأمامنا أمثلة كثيرة من الكتاب في مقدمتها السيد المسيح له المجد. بولس الرسول ما بين الشجاعة والوداعة نضع أمامنا موقفه من القديس بطرس الرسول، لما سلك مع الأمم مسلكًا رآه بولس الرسول مسلكًا ريائيًا. فقال القديس بولس في ذلك "قاومته مواجهة أنه كان ملومًا. وقلت لبطرس قدام الجميع: إن كنت وأنت يهودي تعيش أمميًا لا يهوديًا، فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا؟!" (غل 2: 11، 14). ومعروف عن القديس بولس أنه إنسان وديع. أليس هو القائل في رسالته الثانية إلي أهل كورنثوس "أطلب إليكم بوادعة المسيح وحلمه، أنا نفسي بولس، الذي هو في الحضرة ذليل بينكم. وأما في الغيبة فمتجاسر عليكم.." (2 كو 10: 1). بولس الوديع هذا -حينما اضطرته الضرورة- وبخ القديس بطرس الرسول، الذي كان أقدم منه في الرسولية، وأكبر منه سنًا، وكان أحد أعمدة الكنيسة (غل 2: 9). ولكن وداعة القديس بولس لم تمنعه من توبيخ ذلك الشيخ الكبير، ومواجهته قدام الناس. إن فضيلة الوداعة لا يجوز لها أن تعطل باقي الفضائل. وأمامنا مثل في مزج الوداعة بالشهامة هو إبراهيم أبو الآباء: أبونا إبراهيم ما بين الوداعة والشجاعة لاشك أن إبراهيم أبا الآباء كان وديعًا. هذا الذي سجد لبنى حث، حينما طلب مكانًا يدفن فيه سارة زوجته. بينما كان بنو حث يبجلونه قائلين "أنت يا سيدي رئيس من الله بيننا. في أفضل قبورنا أدفن ميتك" (تك 23: 6-7). ومع ذلك سجد لهم..! إبراهيم الوديع هذا، لما أخبروه بسبي لوط ضمن سبي سادوم في حرب أربعة ملوك ضد خمسة، يقول الكتاب "فلما سمع ابرآم أن أخاه لوطًا قد سبي، جرَ غلمانه المتمرنين ولدان بيته ثلاثمائة وثمانية عشر، وتبعهم إلي دان وكسرهم، وتبعهم إلي حوبة.. واسترجع كل الأملاك، واسترجع لوطًا أخاه أيضًا وأملاكه والنساء أيضًا والشعب" (تك 14: 14-16). أكانت شهامة إبراهيم ونخوته ضد وداعته وطيبته؟! حاشا. مثال آخر في امتزاج الوداعة بالشهامة والشجاعة والقوة، هو الصبي داود في محاربته لجلياتالجبار. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هل وحدانية الله لا تتعارض مع التثليث |
إن أحكام الله لا تتعارض مع عدله |
المورينجا تتعارض مع الأدوية التالية |
الوداعة لا تتعارض مع الشجاعة والشهامة |
كارثه اخرى كادث تحدث على مزلقان المندرة مرة اخرى !!!!! |