رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
س- نقرأ في (يو1: 29) عن "خطية العالم". ونقرأ في (رو8: 3) عن "الخطية في الجسد" فهل هناك فرق بين الاثنين؟ وكيف نفرق بينهما وبين خطايا الفرد؟. ج- التعبير "خطية العالم" في (يو1: 29) تعبير عام يُقصد به الأصل وكل الفروع في العالم، وقد رتب الله أن تُرفع بواسطة حمل الله. والأساس هو الصليب، والمسيح بنفسه هو الذي يجري هذا العمل. أما التعبير "الخطية في الجسد" فالمقصود به يختلف بعض الشيء. إن الخطية هي هي في جوهرها حيثما وجدت، لكن "الجسد"- جسد الخطية الذي فينا هو المستودع العظيم الذي تتربع الخطية منتجة في الناس أفراداً كل ثمر شرير. تصوروا محطة توليد كهربائية ضخمة، لها شبكة أسلاك هائلة. تحمل الكهرباء إلى كل أطراف المدينة الواسعة، وتصوروا هذه الشبكة عارية من أية أغلفة عازلة. إنها تنشر الذعر والموت في كل اتجاه. إن الخطية أشبه بذلك التيار الكهربائي الصاعق المميت، والجسد بمثابة الشبكة السلكية- مجرى التيار الذي منه يتحدد اتجاه انطلاقه، والخطايا بمثابة الصدمات الكهربائية التي تنطلق في أي اتجاه منتجة الموت، وخطية العالم هي بمثابة كل هذه المجموعة- المحطة والمحولات والشبكة السلكية، وفي صليب المسيح اكتسحت كل هذه المنشأة بملحقاتها ومرافقها (شرعاً) وسوف يتم محوها تماماً في المستقبل. هذه هي قيمة صليب المسيح وحسناً ما عَبّر به يوحنا المعمدان حين قال "هوذا حمل الله". س- نحن كثيراً ما نقول "غفران الخطايا" فهل من الصواب أيضاً أن نقول "غفران الخطية"؟ ج- لا، ليس هذا التعبير صواباً لأن الكتاب المقدس لم يقل هكذا. والكلام دائماً في الكتاب عن غفران الخطايا، وكذلك يذكر عن خطية ما أنها تغفر. أما غفران الخطية باعتبارها الجذر الأصيل فلم يذكر في الكتاب. ولكن الله دان الخطية تماماً- "دان الخطية في الجسد" لم يسامحها ولم يتغاض عنها بل دانها وعمل الروح القدس فينا يقودنا إلى إدانة الخطية كما دانها الله لكي نعرف طريق العتق من سلطانها. س- كيف إذاً نوفق بين إدانة الخطية في الجسد وبين حقيقة إن المؤمنين قد يخطئون؟. ج- ليس هناك ما يدعو إلى هذا التوفيق لأن الإدانة شيء والاستئصال شيء آخر. والكتاب المقدس يتكلم عن إدانة الخطية (رو8: 3) يتكلم أيضاً عن وجود الخطية باقية فينا (1يو1: 8) ويفترض أن المؤمن قد يخطئ ولذلك يشير إلى العلاج الذي أعده الله لمثل هذه الحالة (1يو2: 1) "إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار" بل الكتاب يخبرنا كأمر واقع أننا جميعنا نعثر في أشياء كثيرة (يع3: 2). وقد سمح الله أن يترك الخطية (الأصل) في المؤمن حتى إذا تعلّم حقيقتها عملياً يقف إلى جانب الله في إدانتها ويجد تحرره وعتقه شخص آخر خارج عنه، في "يسوع المسيح" حتى يستطيع أن يرد جواباً على الصرخة "من ينقذني؟" هاتفاً "أشكر الله بربنا يسوع المسيح" (رو7: 24و25). س- ألا يمكن نزع الخطية تماماً من المؤمن؟ لأننا نقرأ في (1يو3: 9) "كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية". ج- عندما يرقد المؤمن ويصير "متغرباً عن الجسد ومستوطناً عند الرب ينتهي تماماً من أية صلة بالخطية إلى الأبد وعند مجيء الرب سوف يلبس كل المؤمنين أجسادهم الممجدة بلا أقل أثر للخطية فيها. وإلى أن يحين ذلك الوقت نحن نختبر وجود الخطية فينا رغم أنه من امتيازنا أن نُعتق من سلطانها أي أنها لا تسود علينا. وعبارة (1يو3: 9) لا تتعارض مع أية فصول كتابية أخرى. إنها بكل بساطة تقرر لنا طبيعة المولود من الله. إنه لا يمارس الخطية (وهذا هو مدلول الكلمة في الأصل)، أي ليس من طبيعته أن يفعل ذلك. وبهذا القول يرى الرسول يوحنا المؤمنين في طبيعتهم الجديدة كمولودين من الله. فمثلاً إذا قلنا إن الفلين لا يغطس في الماء فهذا القول تقرير عن طبيعة الفلين لكن ألا يحصل أن قطعة فلين لسبب أو لآخر تغمر بالماء؟ هكذا الرسول يوحنا يكتب عن المؤمن ذي الطبيعة الجديدة من وجهة نظر طبيعته لأن الخطية في المؤمن ليست الأمر العادي بل الاستثناء. س- إذا فعل المؤمن خطية، هل هذا يلغي المصالحة التي حصل عليها مع الله وبها بدأ حياته الجديدة؟. ج- لا. فإن صليب المسيح أساس الكل وفي الصليب دينت الخطية، وصنعت الكفارة، حتى أن المؤمن يحصل على الغفران بمجرد إيمانه كعطية بالنعمة، و"هبات الله ودعوته هي بلا ندامة" (رو11: 29) أي أنها ليست عرضة للتغيير من جانب الله، بل هي كلمته للأبد. ولكن السقوط في الخطية بعد نوال الحياة الجديدة يشوه ويفسد سعادة المؤمن ويعطل فرحه بالغفران كما يعطل شركته مع الله، إلى أن يدين ذاته ويعترف بهذه الزلات وبشفاعة المسيح يعود ليتذوق حلاوة الغفران. إنها حقاً دروس مؤلمة تعلمناها كلنا وكانت لنا فيها فوائد. ومنها نكتشف طبيعة الجسد فينا ونعرف أن الطريق الوحيد لكي نحفظ من الاستجابة لرغباته هي أن نسلك بالروح القدس (غل5: 16). س- هل كان الرب يسوع في موته على الصليب يحمل خطايا كل الناس؟ أو لا يستنتج هذا من حقيقة أنه رفع خطية العالم بحسب ما جاء في (يو1: 29)؟ ج- يقول الكتاب "وهو مات لأجل الجميع" (2كو5: 15) وأيضاً "الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع" (1تي2: 6). وأيضاً "وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً" (1يو2: 2). من كل هذه الأقوال نرى عمل المسيح من وجهة نظر الله. إنه عمل يغطي كل شيء، ويكفي لكل واحد بحسب قصد الصلاح الإلهي. إنه بموته صنع كفارة لفائدة المؤمنين وليس ذلك فقط بل لفائدة كل واحد- لفائدة كل العالم لو أراد كل العالم أن يستفيد فإذا ما أتينا، ليس إلى القصد الإلهي من موت المسيح بل إلى النتائج الفعلية نجد التعبير يختلف. ولنلاحظ أن المسيح في الصليب عمل على "رفع خطية العالم" لكن هذا بالاتفاق تماماً مع حقيقة أن الخطاة نصيبهم الأبدي في بحيرة النار والكبريت. فإذا فحصنا بالتدقيق لا نستطيع أن نقول أن المسيح حمل خطايا كل واحد. لأن الكتاب يقول "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة" (1بط2: 27) وهو هنا يقصد خطايا المؤمنين. ومن ثم نقرأ أيضاً "هكذا المسيح أيضاً بعد ما قدم مرة لكي يحمل خطايا كثيرين" (عب9: 28) وشكراً لله أن نجد أنفسنا بين هؤلاء الكثيرين الذين حمل خطاياهم في جسده على الخشبة. |
|