رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يأكلوه وهم في استعداد للرحيل [11]: اشترط أن يأكلوه هكذا "أحقاؤكم مشدودة وأحذيتكم في أرجلكم وعصِّيكم في أيديكم، وتأكلونه بعجلة. هو فصح للرب" [11]. يُقدم القديس يوحنا الذهبي الفملهذه العبارة تفسيرين: * [التفسير الأول هو التفسير التاريخي، حيث يتذكر اليهود أنهم راحلون، وكأنهم بهذا العمل يقولون: "نحن مستعدون للرحلة. ها نحن خارجون من مصر إلى أرض الموعد. ها نحن خارجون". لقد عرف هذا الشعب بكثرة النسيان فأعطاهم هذه الوصية حتى لا ينسوا غاية الفصح. التفسير الثاني هو التفسير الرمزي، إذ يقول: نحن أيضًا إذ نتناول الفصح الذي هو المسيح (1 كو 5: 7)... يليق بنا أن نتناوله محتذين متمنطقين. لماذا؟ لكي نكون نحن أيضًا مستعدين لخروجنا ورحيلنا. ليت كل أحد يتناول هذا الفصح ولا ينظر إلى مصر (العالم) بل إلى السماء، متطلعًا إلى أورشليم العليا (غلا 4: 6)... فالتمنطق هو جزء من رحيل النفس. أنظر ماذا يقول الله لإنسان بار: "أشدد الآن حقويك كرجل فإني أسألك فتعلمني" (أي 38: 3). هذا أيضًا ما قاله لكل الأنبياء، وما قاله أيضًا لموسى سائلًا إيَّاه أن يكون متمنطقًا. بل والله نفسه ظهر لحزقيال متمنطقًا (9: 11 الترجمة السبعينية). والملائكة أيضًا يظهرون مُتمنطقين (رؤ 15: 6) بكونهم جنود... إذن فلنتمنطق لنقف بشجاعة... ولا نخف لأن قائد خروجنا يسوع وليس موسى]. إذن كانوا يأكلونه كأناس ينتظرون الرحيل والعبور من أرض العبودية متجهين نحو أرض الموعد، مستعدين بجسدهم (المنطقة) وبأيديهم (العصا) وبأرجلهم (الأحذية). هذا هو مفهوم الاستعداد لسرّ الإفخارستيا، إننا نتناول ونحن مشتهين للعبور إلى حيث المسيح جالس. الأحقَّاء المشدودة تُشير إلى ضبط شهوات الجسد وملذاته، ليسلك الإنسان ليس حسب أهواء جسده بل حسب شهوات الروح السماوية. لذلك إذ يتحدث القديس يوحنا كاسيان عن تمنطق الراهب بمنطقة يقول: [ليعرف جندي المسيح وهو يحتمي بمنطقة يطويها حوله أنه ليس فقط يهيئ ذهنه لقبول أي عمل في الدير، وأن تكون حركته بلا عائق بسبب ملابسه... وإنما استخدامه منطقة من الجلد الميت تعني أنه يحمل إماتة جميع أعضائه التي تحوي بذار الشهوة والدنس، فيعرف على الدوام وصية الإنجيل القائلة: "فأميتوا أعضاءكم التي على الأرض الزنا النجاسة الهوى الشهوة الردية" (كو 3: 5) ]. الحذاء الذي في الرجل يُشير إلى ما حدث مع موسى النبي، فقد خلع الحذاء المصنوع من جلد الحيوانات الميتة حتى يقدر أن يتمتع بالعليقة المتقدة نارًا. أما هنا فهو يلبس حذاءً من نوع آخر، هو حذاء السيِّد الذي قال عنه معلمنا يوحنا المعمدان أنه غير مستحق أن ينحني ويحل سيوره. إذًا فليكن لنا حذاء السيِّد حتى كما سلك ذاك نسلك نحن بحذائه لا نخاف أشواك هذه الحياة، ولا عنف فرعون وسطوته بل ندّك كل قوات الشر تحت أقدامنا. وكما يقول القديس أمبروسيوس: [من يحتفل بفصح الرب ويُعيد بالحمل يلزم أن تكون قدماه محصنتين ضد هجمات الوحوش المفترسة الروحية ولدغات الحيّة ]. أما العصا التي في أيدينا فهي عصا الله التي دُعيت أيضًا عصا موسى وعصا هرون... إننا نتكئ على قوة الله التي للخلاص (الصليب) ونمسك بعصا الوصية (موسى) ونمارس العبادة الروحية (هرون). يرى بعض الآباء في العصا "الرجاء" الذي تستند عليه النفس في رحلتها نحو السماء لتطرد تهديدات إبليس المحطمة لها كما يطرد المسافر الكلاب بعصاه. أخيرًا فإن القديس أثناسيوس الرسولي يتحدث عن الاستعداد لهذه الرحلة، قائلًا: [ربنا يسوع المسيح هو النور الحقيقي، الذي هو عوض العصا صولجاننا، وعوض الفطير هو الخبز النازل من السماء (أف 6: 15)، وباختصار يقودنا الرب بهذه جميعها إلى أبيه ]. أما عن أكل الفصح بعجلة [11] فيقول القديس هيبوليتس: [يجب على من يقترب إلى هذا الجسد العظيم أن يكون ساهرًا وصائمًا(166)]، أي مستعدًا للانطلاق. |
|