عزيمة فى وسط النار إيمان وشجن فى عيون أبطال ومصابى رجال إطفاء كنيسة أبو سيفين
واقفا فى حالة ثبات وإصرار، بدا ضابط الإطفاء كأنه يعيش لحظة إيمانية يُغلفها الشجن، بعدما نجح مع رجاله فى السيطرة على حريق اندلع فى كنيسة أبو سيفين بمنطقة المنيرة الغربية فى حى إمبابة بالجيزة. دخل النار دفاعا عن بيت الله وإخوة الوطن، وخرج منها منتصرا على اللهب، وحزينا على الضحايا، وخاشعا فى أحد المحاريب التى يُعبَد فيها الله ويُتلى اسمه الجليل.
خمسة مُصابين فى كنيسة المنيرة، ضابطان وثلاثة أفراد، بحسب بيان للداخلية. النار لا تُفرّق بين البشر، والرجال الأبطال لا يخافونها ولا يتوانون فى مهمتهم أمام مؤسستهم، وأمام الله والوطن. يعيش رجال الإطفاء حالة دائمة من الانكشاف على جوهر الحياة فى أشد لحظاتها ضعفا وأكثرها خطرا، كأنهم منذورون لمهمة مقدسة، لا تختلف كثيرا عن معنى الفداء الذى يتكرر دوما على مذابح الكنائس وفى طقوسها. مثلما يُؤمن الإخوة الأقباط بأن جسد المسيح ودمه رمز دائم ومتصل لقيمة الفداء والتضحية بالنفس من أجل العالم، يعيش الإطفائيون ضباطا وجنودا حالة إيمان دائمة وممارسة عملية متصلة لتلك الطقوس الفدائية، بينما يدخلون قلب النار مع كل حريق من أجل الانتصار لقلوب المُحاصرين بالخطر، يخاطرون بأرواحهم إنقاذا لأرواح الآخرين، ويُروّضون اللهب الجائع إشباعًا للأمل ومحبّة فى الحياة.
اليوم تكرر المشهد، عشرات من رجال الإطفاء يقتحمون موجا هادرا من النيران لا يأمنون على أنفسهم أن يخرجوا أحياء، ولا يخشون الموت وفى قلب النار أرواح تتشبث بالحياة، ولا يخالجهم شك فى قدرتهم وثقتهم بالله والوطن. اكتملت المهمة وسيطر الرجال على الحريق، وبدأت مهمة إنقاذ المصابين، لتلمع عيون الأبطال بخليط من الإيمان والشجن والتحدّى، إيمان بالمهمة المقدسة التى لا تهاون فيها، وشجن بينما تختلط أنفاس الأحياء والراحلين الأبرياء فى بيت من بيوت الله، وتحدٍّ للخطر والهواجس والمخاوف البشرية التى نشعر بها جميعا، إنكارا للذات ومحبّة للناس وتفانيا فى خدمة الوطن وناسه الطيبين.
اليوم السابع