هناك وثيقتين زورهما رجال الكنيسة لتحقيق أغراضهم ومبادئهم الأولي: وتسمي هبة قسطنطين Donation of Constantine ، والغرض منها إثبات سلطه البابوية السياسية وسيادتها على الغرب الأوروبي، وهذه الوثيقة المزورة عبارة عن مرسوم قيل أن الإمبراطور قسطنطين أصدره عندما انشأ القسطنطينية، وتنازل بمقتضاه للبابوية عن روما، بل عن كل أراضى الإمبراطورية الغربية.
ويبدو أن هذه الوثيقة زورت في القرن الثامن من بعد أن منح الإمبراطور بيبين الأول (القصير) البابا سلطة سياسية في أراضى إيطاليا عام 755، فأراد رجال الكنيسة عندئذ أن يحيطوا هذا بجو من الشرعية التقليدية التي تثبت أن حق البابوية في مباشرة السلطة الزمنية قديم يرجع إلى أيام قسطنطين الكبير نفسه، ورغم ما شاب هذه الوثيقة من إشاعات وتزوير فقد استمرت البابوية تعتمد عليها، وتتخذها أساسا لسلطانها السياسي على الشعب حتى اكتشفت تزويرها عام 1439 في عصر النهضة الإيطالية.
أما الوثيقة الثانية فظهرت حوالي 850-857 واسمها "الأحكام البابوية المزورة forged decretals“ وتنسب إلى شخص وهمي هو ايسيدور، وان كان لا يمكن القول برأي قاطع في حقيقية نشأتها، وكل ما هناك أنه يبدو زورت في روما نفسها وكان الهدف الأساسي من وضعها خدمة مصالح الأساقفة المحليين من جهة والبابوية من جهة أخري، لأنها ترمي إلى إضعاف سيطرة رؤساء الأساقفة على الأساقفة وفي نفس الوقت تعمل على إعلاء شأن البابوية وتضخيم نفوذها.
ومن هذه الأسس بدأ الأساقفة يتجاهلون رؤسائهم ويلجأون إلى البابوية لأنصافهم.