السعادة في التطويبات لا تعني مجرّد غبطة أو شعورٌ غامرٌ بالفرح والسرور، وإنَّما هي سِمة تمسّ طبيعة الشخص، وحياته الداخلية، وليس مجرّد سعادة نتيجة لظرف خارجي يحيط به؛ فالرب لا يقدّم لتلاميذه فقط مكافآت خارجيّة، إنّما مكافآت تمسّ طبيعتهم الداخليّة من جوانب مختلفة. فيحملون طبيعة الرحمة التي لله فيهم وسلامه ونقاوته. فكل مطوّب ينال كل المكافآت بسبب التطويبة التي عاشها. ويوضِّح ذلك القديس أوغسطينوس "جميع المطوّبين سيعاينون الله، ولكنهم لا يعاينوه بسبب فقرهم بالروح أو وداعتهم أو حزنهم أو جوعهم أو عطشهم للبرّ أو رحمتهم، إنّما يعينوه بسبب نقاوة قلبهم. فالتواضع يؤهل لامتلاك ملكوت السماوات، والوداعة تؤهل لامتلاك الأرض، والحزن لنوال التعزية، والعطش والجوع إلى البرّ للشبع، والرحمة لنوال الرحمة أيضًا من الرب، ونقاوة القلب لمعاينة الله". ومن هنا جاء لقب "طوباوي" الذي يطلقُ على كل من عاش سيرة صالحة على خطى السيد المسيح. ومن هذا المبدأ لا يمكن ان نتصور ان يكون الانسان تلميذ المسيح ولا يكون سعيدًا.