رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طوبى لأَطهارِ القُلوب فإِنَّهم يُشاهِدونَ الله" "لأَطهارِ القُلوب" فهي لا تشير الى طهارة الطقسية بل الى طهارة القلب والكمال الأخلاقي واستقامة الحياة الشخصية التي تُبعده عن القلب الملتوي والأمور الخاطئة. وطهارة القلب لا تتم عن طريق غسل الجسد بالتطهر الطقسي حسب شريعة موسى بل عن تطهير القلب بالتوبة والايمان وفعل الروح القدس " فما أَولى دَمَ المسيحِ، الَّذي قَرَّبَ نَفْسَه إلى اللهِ بِروحٍ أَزَلِيٍّ قُرْبانًا لا عَيبَ فيه، أَن يُطَهِّرَ ضَمائِرَنا مِنَ الأَعمالِ المَيْتَة لِنَعبدَ اللهَ الحَيّ! " (العبرانيين 9: 13). ويوضِّح المفكر الأخلاقي والفيلسوف الروسي ليو تولستوي هذه الفكرة بقوله " ليس الكمال الأخلاقي الذي يبلغه المرء هو الذي يُهمنا، بل الطريقة التي يبلغه بها". الله ينظر الى القلب بينما ينظر الانسان الى الخارج "أَنَّ الرَّبَّ لا يَنظُرُ كما يَنظُرُ الإِنْسان، فإنَّ الإنْسانَ إِنَّما يَنظُرُ إِلى الظَّواهِر، وأَمَّا الرَّبُّ فإِنَّه يَنظُرُ إِلى القَلْب "(1 صموئيل 16: 7)؛ ويُعلق القديس يوحنـــــا الذهبي الفم "أطهار القلوب أو "الأتقياء" هم من حصلوا على كل فضيلة، أو الذين لا يحملون أي مشاعر شرّ فيهم، أو الذين يعيشون في العفّة. فإنه ليس شيء نحتاج إليه لمعاينة الله مثل الفضيلة الأخيرة". فاستقامة حياة الانسان الشخصية تدلُّ على نيَّتِه الصافية ونزاهتِه (رومة 12: 8). فطاهر القلب ينظر الى الله وشريعته (متى 6: 22)، ويصون نفسه من النجاسات الآتية من باطنه كالأقوال الجارحة او الكاذبة (متى 15: 8) "كالمقاصد السَّيِّئَة والقَتْلُ والزِّنى والفُحْشُ والسَّرِقَةُ وشَهادةُ الزُّورِ والشَّتائم"(متى 15: 19). ويُعدِّد القديس أوغسطينوس الأمور التي تُعكّر صفاء قلبك "الشهوة والبُخل والإثم واللذّة العالميّة؛ هذا كلّه يُعكّر عين القلب ويغلقها ويعميها". ولذلك تشير طهارة القلب أيضا الى الامتناع عن الخطيئة وعدم الاحتكاك بها؛ وهي تعتمد على الزهد والتجرّد والابتعاد الجذري عن كلّ أمر مدنِّس للقلب. إن جميع هذه الانحرافات ليست مجرد فساد شخصي يُنظر اليه من وجهة تأثيره في الافراد، بل هي أيضا نيل من كرامة القريب. فالتلميذ الحقيقي يعبّر عن الطهارة الشخصية في علاقته مع القريب. وبعبارة أخرى إن الله يطلب النقاوة في الكيان الجوهري في الإنسان. ولا ينال الانسان ذلك إلاّ بالولادة الجديدة (أي المعمودية). |
|