رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حكاية الابن الضال، هي حكايتي، وصورة لما أعيشه يومياً، مع من أحبّني محبّة أبدية، ﻻ ولن تتغير. طلبتُ الانفصال عنك يا رب، متوهماً أني سأصبح حراً، غير فاهم أني بدونك، سأكون عبداً ﻷهوائي، إذ كنتُ غّراً أخرق، ولم أعلم إﻻّ متأخراً أنّ حريتي الكاملة هي في عبوديتي (عبادتي ومحبّتي) لك أنت الحر الكامل، إذ أنّ عبوديتنا طوعاً للحرّ، هي حرية العبيد. وعلمتُ متأخراً، أنّ محبّتك الصامتة التي تصبر وتحتمل كلّ شيء حتى نكراننا لك ، هي التي سمحت لي بالذهاب إلى كورة بعيدة، بعيداً عنك ببلد الخطيئة. وكلما توغلّتُ، كان الظلام أقوى، كونك أنت النور الحقيقي. اتكلتُ على ميراثي بدلاً منك، ظاناً أنّه يشبعني، لكن بعد إسرافي اكتشفت خوائي. اتكلتُ على من هم مثلي ببلد الخطيئة، لكن أنّى للأعمى أن يقود أعمى؟!، فقادوني ﻷرعى خنازير شهواتي ولذاتي، عدمت فتات الخبز الذي كان يسقط من موائد خدامي، ومن الخرنوب لم أشبع، إذ الخطيئة في داخلي ﻻ تشبع، وذاتي تَئِنُ من لذاتي، ولم تشبع، فالخطيئة كالخرنوب، حلوة في فمي (بدايتها) وعلقم في جوفي (نهايتها)، ولم أشبع. نظرت فلا أحد معي سوى خطيئتي. وإذ صدى صوتٍ خفيٍّ، تكلّم في قلبي: تعال يا ابني كفاك شقاء. ميّزتُ صوتَه، إنه صوت أبي، فقد تعودتُ سماعه منذ صغري، والوحيد لم يكن كذباً من بين أكاذيب مَن عرفتهم يقول لي: تعال. فعدت إلى ذاتي، نافضاً لذاتي، وتوجّهت صوب الصوت، ومشيت بضع خطوات، وإذ الصوت أقوى، وما إن سارعت الخطا، حتى وجدتك أمامي ، فكنتَ أنتَ مَنْ مشى أكثر مني، ﻷنّك منتظرني. ابتدأت اعتذاري، عن عدم استحقاقي، لكنّك أسكتني، ولم تدعني أكمل، فجاوبتني بحنوك المعتاد: أنت ابني, وستبقى وخطيئتك تجاهي ﻻ تغير محبتي لك، أنت ابني. أنا أمقتُ الخطيئة، وأحبّ الخاطئ التائب، وأحثّ غير التائب على التوبة. ألم تسمع يا بني، أنّي ﻷجل الخطأة أتيت!! فالخطيئة تغيركم أنتم ضدي، وﻻ تغيّر محبتي لكم، وإﻻ لما بقي أحد على اﻷرض لوﻻ محبتي وغفراني. حينها تلعثمت ولم أجد كلماتي، فخانني لساني، لكن قدماي وركبتاي التعبتين اجتذباني أسفل عند موطئ قدميك، لأقبلّهما، فرفعتني قائلاً: أنت ابني، من كان ميتاً فعاش، وكان ضاﻻً فوُجِد. وفرحتي بك أعظم من كلّ كنوزي، وأموالي. أنت ابني، تعلّم مني أن تحبّ بلا شروط، فالمحبة ﻻ تنتظر شيء ممن تحبه، وتزداد بالمحبة نفسها وﻻ شيء يزيدها، وبدونها الكل مائت. فالمحبة ﻻ تغتذي إﻻ بالمحبة. فأدخلتني داخل قصرك، وألبستني حلّة ملوكية (الغفران)، ووضعت في يدي خاتم (ابن الملك)، وألبستني حذاءً جديداً لأسير بخفّة نحو الملكوت ، وذبحتَ لي العجل المثمّن، وما لبثت تناديني إلى اﻵن: تعال يا بني . آمين أيها الرب يسوع، ارحمنا وارحم أبناءك وعالمك أجمع... الأرشمندريت باييسيوس.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أبتي إنّي أسلّم لك ذاتي |
يا أبتي ضع يدك في حياتي |
سامحني أبتي |
ترنيمة أبتي إني أسلم لك ذاتي |
ترنيمة يسوع هو وحده يفهم أعماق - اجتذبتني |