فرَجَعَ إلى نَفسِه وقال: كم أَجيرٍ لَأَبي يَفضُلُ عنه الخُبْزُ وأَنا أَهلِكُ هُنا جُوعاً!
" أَنا أَهلِكُ هُنا جُوعاً!" فتشير إلى الابن الأصغر الذي رأى نفسه، لا فارغ اليدين والمعدة فقط بل والقلب أيضاً، لا صديق له ولا مُعين ولا مأوى.
ويعُلق القديس يوحنا الذهبي الفم "أحسّ بهلاكه، مدركًا أنه بإرادته ألقى بنفسه في أيدي الغرباء بعيدًا عن أبيه، فصار في منفى عوض بيته، وفي عوز عوض الغنى، وفي مجاعة عوض الخيرات والترف".
هنا نجد نتيجة الخدمة للعالم بدلا من الخدمة لله. إن عذاب الإنسان هو في الانفصال عن الله، لأنَّه خُلق على صورته ومثاله ولن يرتاح إلاَّ فيه كما يقول العلامة أوغسطينوس. ومهما حاول أن يشبع في بلد بعيد فلن يفلح، لأن شبعه الحقيقي هو في بيت الآب.
فالشعور بالشقاء فرصة لاستعداد للرجوع إلى الآب السماوي الذي ينتظره كما جاء في رسالة العبرانيين "بَسَطتُ يَدَيَّ طَوالَ النَّهارِ لِشَعبٍ عاصٍ مُتَمرِّد" (العبرانيين 19: 21).