فإذا دُعي الفساد الأدبي في الإنسان رغبة أو شهوةً، بهذا المعنى، فإن طبيعته الأثيمة وذنبه مؤكدان طبعاً.
عن هذه الشهوة تنهي بصراحة وصيةٌ خاصة من الوصايا العشر (خروج 20: 17).
ويقول بولس في هذا المجال ما يُختصَر بعبارة: إنه لم يعرف الخطية لو لم يقل الناموس لا تشته (رومية 7: 7). فلما أصبح بولس يعرف نفسه، وقاس لا أعماله فقط بل ميوله ورغباته أيضاً، بمعيار ناموس الله، تبين له أن هذه الأخيرة أيضاً فاسدة وغير طاهرة وهي تشدُّه نحو المحرَّم.
وعند بولس أن ناموس الله هو المصدر لمعرفة الخطية والمعيار الوحيد لقياسها. فليس في وسع المرء أن يصل إلى معرفة الخطية حقَّ المعرفة عن طريق التمني أو التصوُّر، بل فقط بواسطة ناموس الله الذي يحدد كيف وماذا ينبغي أن يكون الإنسان أمام وجه الله، في سيرته وسريرته معاً، وفي الجسد والروح، والقول والفعل، والفكر والميل. فإذا ما قيست طبيعة الإنسان بموجب محك الناموس الإلهي، لا يمكن أن يكون أيُّ شك في كونها فاسدة وفي كون شهوته أثيمة.
فالإنسان لا يفكر ويتصرَّف فقط على نحوٍ خاطئ، بل إنه هو خاطئ منذ الحبَل به.
ثم أن الاعتقاد بأن الرغبة في حد ذاتها ليست خاطئة بل تصير هكذا من خلال الإرادة فقط، لهو موقف يتعذر الدفاع عنه عقلياً أيضاً.
فوقوف مثل هذا الموقف هو اعتناقٌ للفكرة اللا منطقية القائلة بأن إرادة الإنسان حيادية وخارجية بالنسبة إلى الرغبة، وأنها بحد ذاتها لم تفسد من جراء الخطية، ولذلك تقرر بحرية هل تسترسل في تحقيق الرغبة أو لا.
صحيح أن الاختبار يؤكد لنا انه من الممكن لشخص ما في عدة حالات، وعلى أساس اعتبارات شتى، كالعرف ومراعاة احترام المجتمع له وما شابه، أن يتغلب على رغبته الأثيمة بواسطة عقله وإرادته، فيحول دون تحقيق تلك الرغبة بشكل أفعالٍ أثيمة.
حتى الإنسان الطبيعي أيضاً ما يزال يختبر صراعاً بين النزعة والواجب، والرغبة والضمير، والشهوة والعقل.