لكننا نعلم بالأحرى أن البيئة ليست إلا المناسبة التي فيها تبلغ الخطيةُ طورها في داخلنا.
فأصل الخطية يستقرُّ في أعماق قلوبنا. وقد قال المسيح إنه من الداخل، من قلوب الناس، تخرج الأفكار الشريرة، والزنى والفسق والقتل، والسرقة والطمع والخبث، وسائر الشرور (مرقس 7: 21).
وهذا القول يؤيده اختبارُ كل إنسان. فغالباً - دون إرادتنا ومعرفتنا - تنشأ في وعينا أفكارٌ نجسة وتصورات باطلة.
وفي بعض المناسبات، حيث تواجهنا العداوة أو المقاومة، ينفجر علناً ما يكمن في دواخلنا من شرٍّ مكبوت.
وأحياناً نُذهَل في أنفسنا من عظم شرِّنا، ونتمنى لو نهرب من أنفسنا. فالقلب أخدع من كل شيء، وهو نجيس (شرير بحيث لا يمكن إصلاحه): من يعرفه؟ (إرميا 17: 9).
أخيراً، لو كان الإقتداء بالقدوة السيئة هو وحده أصل الخطية في البشرية، لما كان ممكناً تفسير شمولية الشر المطلقة.
لأجل ذلك ارتأى بيلاجيوس أن أناساً هنا وهناك عاشوا، على وجه الاحتمال، بلا خطية.
إلا أن هذه الاستثناءات إنما تُلقي ضوءاً أسطع على لا معقولية الفكرة البيلاجيوسية.
فما خلا المسيح وحده، لم يطأ الأرض قطُّ إنسانٌ خالٍ من الخطية.