رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عن اليوم الأخير فى حياة البابا شنودة والساعات الحرجة التى سبقت وفاته تحدث أبونا بولس الأنبا بيشوى سكرتيره الخاص الذى لازمه كثيرا فى كل المواقف الصعبة والأخيرة، وقال: إن أبانا المتنيح قداسة البابا شنودة لم يتألم قبل انتقاله للسماء كما ردد البعض ذلك، لكنه قبل نياحته يوم السبت 71 مارس كان يوما عاديا ولم يدخل فى نوبات غيبوبة مطلقا، كل ما فى الأمر أنه كان يستريح قليلا أو ينام لوقت قصير، ثم يستيقظ، لكنه رقد على رجاء القيامة فى طمأنينة وسلام دون أى توجع أو ألم داخل مسكنه وعلى فراشه وليس فى أى مكان آخر، وأنه لآخر وقت كان فى كامل تركيزه ولم يفقد الوعى أبدا عكس ما أشيع، وإن من كان بجواره وقت انطلاق روحه هم أبونا بولس رايونا بطرس بطرس جيد والأنبا أبوللو والأنبا أرميا وطبيبه الخاص د. ماهر أسعد، وأن الأنبا أرميا هو أول من دخل غرفته وعلم بنبأ الوفاة، مشيرا إلى أنه خرج مسرعا وهو يصرخ: أغابى يا سيدنا بمعنى المحبة، و قال سيدنا خلاص استراح من أتعابه وكان ذلك الموقف الصعب فى الساعة الخامسة والربع مساء السبت 17مارس، مع العلم أنه فى صباح نفس اليوم كان الأنبا أرميا يقدم له الدواء الخاص به مداعبا قداسته قائلا: تفتكر هايجيب نتيجة! فرد: طبعا يا سيدنا وبعدها قال له: حاللنى أى سامحنى أنا رايح أصلى فرد عليه قداسة البابا صلى لى وقوله كفاية كده أنا تعبت ثم انخرط الأنبا أرميا فى البكاء كالأطفال لأن كلام البابا أحزنه وآلمه كثيرا، وأضاف أبونا بولس أن قداسة البابا شنودة كان ينظر كثيرا إلى الصليب الذى كان معلقا أمامه على الحائط وبصوت خافت كان يردد: أنت تعلم يا رب أنه ما بقيت فى قوة وكفاية كده، وكانت هذه آخر العبارات التى نطق بها ثم أسلم الروح. أضاف: إن هذه المرة الأولى التى نسمع فيها مثل هذا الكلام الذى ردده البابا وبعد نياحته قمت بوضع الزى الخاص به على جسده الطاهر، وهو الذى كان يرتديه فى آخر احتفال لصلاة قداس عيد الميلاد المجيد 2012، وفى الوقت نفسه قال إن الصندوق الذى تم وضعه فيه ونال بركة جثمانه جاء عن طريق أبونا بطرس بطرس جيد مصنوع فى مصر وليس فى إيطاليا كما نشر فى العديد من وسائل الإعلام، وقالوا إنه تم إحضاره خصيصا من بابا روما، وهذا كلام غير صحيح! ونوه أبونا بولس إلى أن الوصية التى ألقيت يوم صلاة جنازته على جثمانه بالكاتدرائية لم تكن وصية مكتوبة منه أو بخط يده، إنما وصيته الوحيدة التى تركها هى دفنه بدير الأنبا بيشوى، وكانت تلك الوصية فى حوزة الأنبا صرابامون رئيس الدير وأنه الوحيد الذى كان يعلم بها ومعه الأنبا باخوميوس القائم مقام البطريرك، مشيرا إلى أن البابا الراحل وقع على هذه الوصية بنفسه عام 2002، وأن ما تمت تلاوته فى صلاة الجنازة هو طقس خاص بالتجهيز للآباء البطاركة وليس وصية مكتوبة. وقال أيضا: إن القلاية «مكان الإقامة» الخاص بقداسة البابا شنودة والمكتب الخاص به تم غلقهما على الفور وتشميعهما بالكامل سواء بالمقر البابوى أو دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، وبتوجيهات من الأنبا باخوميوس من خلال محضر رسمى تم التوقيع عليه.. وأضاف أنه فيما يتعلق بالمقبرة الخاصة التى يرقد فيها رفاته فقد بدأ تجهيزها منذ سنوات وأن البابا الراحل هو الذى اختار بنفسه هذا المكان عام 2002، وبعد أن تم بناؤها على أساس أنه متحف خاص بالدير، لكن المقبرة تم تشييدها عقب نياحته وبشكل سريع وهناك اتجاه لزيادة حجمها ومساحتها بسبب ضيق المكان وطلب الكثير من المسيحيين الزيارة بأعداد كبيرة جدا وحتى لا يتكرر ما حدث من تدافع وزحام شديد أدى إلى وفاة البعض منهم. وأوضح أبونا بولس أن الصور المعلقة على باب المقبرة بالدير تم التقاطها يوم ظهور القرعة الإلهية على قداسة البابا فى دير السريان، وكانت توجد من قبل داخل المقر البابوى. واختتم كلامه قائلا: لقد تحمل سيدنا البابا ما لم يتحمله بشر منذ طفولته وحتى صار شابا ورجلا وقائدا روحيا لشعبه وحتى انتقاله إلى عرش النعمة فى السماء الخالدة. طرد الأرواح الشريرة ويروى القمص سرجيوس سرجيوس وكيل بطريركية الأقباط الأرثوذكس عن مواقفه الشخصية مع قداسة البابا شنودة، وقال إنه ذات يوم أهدانى صليبا مصنوعا من الجلد كان بالنسبة لى مصدرا للتفاؤل والبركة، وكان له مواقف عجيبة فى حياتى فقبل رسامتى قسا بالكنيسة كنت مجندا بالقوات المسلحة ووقتها وجدت زميلا لى من المجندين يصرخ كثيرا ويتألم وأيقنت للوهلة الأولى أنه لا يعانى من أى أمراض جسدية أو عضوية، إنما يعانى من آلام نفسية حادة وتقلبات تشنجية واكتشفت أن به روحا نجسا وشريرة تجعله يدخل فى تلك النوبات المتتالية وتجعله يضرب بقدميه وكلتا يديه ويكسر ما أمامه ويتمخض ألما، وكنت أتوجع من أجله وأفكر فى عمل أى شىء لإنقاذه من تلك المعاناة، وفجأة وبطريقة عفوية أخرجت الصليب الجلدى الذى قدمه لى البابا شنودة ووضعته على جسده، ففى الحال انتفض زميلى وصرخ بشدة وخرجت منه تلك الروح الشريرة وشفى تماما لدرجة أننا ارتبطنا ببعض بصداقة بعيدا عن كوننا زميلين بالجيش، إنها إحدى بركات البابا المتنيح، وعرفت أيضا أنه حدثت معجزات شفاء من هذا النوع عند زيارة مقبرته الخاصة التى وضع فيها رفاته المباركة بدير الأنبا بيشوى. ويتذكر القمص سرجيوس تلك الأيام الحرجة قبل رحيل البابا عندما تدهورت صحته بصورة خطيرة، وكان فى طعامه مقلا جدا ويصوم لساعات طويلة لدرجة أنه عندما كان من قبل فى مرحلة النكافة بدير الأنبا بيشوى وتحديدا خلال فترة الصوم الكبير المقدس كان طعامه قليلا من الخبز الجاف مع الملح أو الدقة فقط، وكان أيضا عاشقا لحياة النسك والتعبد والرهبنة ويقضى أجمل أيامه فى الوحدة رغم كثرة أعبائه ومشاغله التى لا تعد ولا تحصى سواء فى الداخل أو الخارج، وأذكر أيضا خلال رحلته العلاجية الأخيرة بأمريكا بمستشفى كليفلاند تم اكتشاف أمراض سرطانية بالصدر لدرجة أن المسئولين بالمستشفى أبلغونا بأنه لا جدوى من العلاج أو بقائه ونصحونا بعودته إلى مصر لقضاء أيامه الأخيرة، لكنه عندما عاد ظل يعانى من شدة المرض، وتم إجراء التحاليل اللازمة وكذلك الأشعة ثم كانت المفاجأة بأنه لا شىء من خلالها، وأن هناك شيئا ما قد حدث أو على سبيل المعجزة وأنه تحسن ودخل مرحلة الشفاء، وعندما علمنا بذلك فرحنا جميعا، لكن إرادة الله كانت كل شىء بعد أن تحمل قداسة البابا الكثير من التعب والعناء والمرض فى صمت تام فقد كان يتألم ويتعب فى هدوء.. تعلمنا منه الكثير من الفضائل وروح المحبة والتواضع والعطاء بغير حدود وهنيئا لك بالفردوس وبثمار الروح القدس، ولأنه على الأرض أحب الجميع ولم يفرق بين إنسان أو آخر، فإن لحظة فراقه لنا أو رحيله كانت فارقة فى تاريخ مصر والكنيسة القبطية، وجعلت من جنازته شكلاً مهيبًا وغير مسبوق من حيث الوداع أو المشاركة فى كل أطياف الشعب المصرى الأصيل واحتشاد جماهيرى فاق كل الحدود، وهذا دليل قاطع على أبرز ما قدمه الراعى لأولاده من حب وبذل وعطاء وهنيئا لك يا سيدنا بسماء رب المجد وصلّ من أجل مصر وأجلنا جميعا. ويؤكد القمص إبراهيم إبراهيم كاهن كنيسة العذراء بالعاصمة النمساوية فيينا: ظل قداسة البابا شنودة الراحل يعلم حتى آخر لحظة فى حياته وهو يحتمل الآلام الشديدة بجسده النحيل والمعتل من ثقل المرض وعلى الرغم من نصيحة الأطباء له بعدم إلقاء محاضرته الأخيرة يوم 7 مارس بالكاتدرائية أى قبل نياحته بعشرة أيام تحامل كثيرا على نفسه وأصر على الالتقاء بشعبه حاملا معه معاناة شديدة بالعمود الفقرى جعلته غير قادر على السير أو الوقوف وأيضا الجلوس، لكنه أصر على موقفه حتى لو كانت تلك المخاطرة جالسا على كرسى متحرك بعد أن عجزت قدماه عن حمله، كما حدث فى تلك الليلة أو فى آخر مرة يلتقى فيها مع أحبائه ليودعهم ويودعوه داخل المكان المحبب لنفسه بساحة الكاتدرائية. وكان بالفعل لقاء الوداع أو اللاعودة وقد تألمنا كثيرا ونحن نراه بهذا الوهن الشديد وصوته الخافت الذى لا يخرج بقوة كما كان ولأول مرة نسمعه يتأوه ويقول لنا: أنا تعبان وكفاية كده، واعملوا باللى سمعتوه، وكانت تلك آخر كلماته مع شعبه وختام محاضراته التى يلقيها، ولم تستمر طويلا، بل كانت لدقائق معدودة وقليلة، ورغم قصر مدة المحاضرة إلا أنها كانت الأعمق لكونها خارجة من فمه وهو يتألم بشدة.. بجد أنت يا سيدنا حاجة كبيرة خالص مثال للعطاء الذى لا يتوقف والحب بغير حدود، وكان بحق عظيما فى محبته لمصر التى يحتوى ثراها جسده المبارك |
|