لازلتُ أذكر ذلك اليوم بكل ما فيه وكأنه من بين كل الأيام سكن ثنايا القلب ويأبى أن يهجره.
لازال القلب كلما مرت الذكرى على العقل يستدعي ذلك الشعور بلهفة اللقاء بعد غياب ربما في حسابات الزمن لم يتعدى بضع أسابيع لكنه في حسابات حنين أرواحنا كان عهوداً وأزماناً موصولة لا تنقطع ولا تمر.
لازلتُ أذكر الطرق والشوارع ووقفاتنا المتكررة عند تلك الكتب المعروضة على الأرصفة كلوحاتٍ لفنانٍ غرق فنهُ في سطحية المجتمع فلم يكن لمعرضه زائراً سوى الصبر وكلانا.
لازلتُ أذكر سيرنا الطويل، الثقيل على الأقدام الخفيف على القلب، المحدود بمكان وزمن ولكنه مطلق في الذاكرة والوجدان.
لازلتُ أذكر حين جلسنا واختفى كل شيء من حولنا، اختفى الناس والوقت والخوف، اختفت الأصوات ودقات الساعة وبقيت تلك الموسيقى الهادئة تعزف للقاء أعُيننا وخيوط الشمس المتسللة من النافذة خلفها تغزل أحلامنا وكأن الكون كله لا يسع غير الجمال، وكأن الكون كله طُوِعَّ لنا.
لازلتُ دوماً أرسم في خيالي صورة ابتسامتها حين لمعت عيناها وارتجفت شفتاها وارتعشت أناملها فرحاً وخجلاً.
لازلتُ أرسم في خيالي صورتها وهي ترتشف قهوتها "المظبوط بُن فاتح" بهدوء وهي تنظر لي مُبتسمة وضوء الشمس من خلفها فتبدو كما هي دائماً ملاكاً مُقدساً تباركت حياتي بها ولأجلها.
لازلتُ أذكر يومها حين كسرت حدة قهوتها بنقطة ماء وجبرت كسر قلبي بإبتسامة.
25 - 02 - 2022, 05:25 PM
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
العرض العادي
