رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فعادوا الصِّياح: لا هذا، بل بَرْأَبَّا! وكان بَرْأَبَّا لِصّاً. تشير عبارة "فعادوا الصِّياح" إلى صراخ اليهود طالبين إطلاق بَرْأَبَّا، وذلك تحريضا من رؤساء الكهنة والشيوخ (متى 27: 20). أمَّا عبارة " لا هذا " فتشير إلى إنكار الشعب ليسوع البار كما اكَّد ذلك بطرس الرسول " أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه، ولكِنَّكم أَنكَرتُمُ القُدُّوسَ البارّ والتَمَستُمُ العَفْوَ عن قاتِل" (أعمال الرسل 3: 13-14). ونحن لا نزال نسمع هذا الصّراخ القاسي: "لا هذا". فقد يوجد على الأرض ملايين من البشر يعارضون يسوع المسيح. ويعلق القدّيس أوغسطينوس "لست أتكلّم، عن الفاسدين الّذين يجدّفون ضدّ المسيح. ففي الواقع قليلون هم الذين يجدّفون بالفم، غير أنّ من يجدّفون بسلوكهم فهم كثيرون". أمَّا عبارة "بَرْأَبَّا" فتشير إلى لفظة آرامية تتكوّن من كلمتين: בר-אבא معناها "ابن الأب"، ولم يكن هذا اسمه الحقيقي، قد يكون ابنا لأي أبٍ غير مُسمَّى وغير معروف قد ارتكب جريمة. ويظهر أن هناك تبايناً مقصودا مع يسوع "ابن الآب". قد أطلق سراحه لان يسوع مات عنه حيث كان بَرْأَبَّامحكومًا عليه بالصلب فأخذ السيد المسيح عقوبته، رمزًا لأنه حمل عقوبة الموت المحكوم بها علينا. إنَّ بَرْأَبَّاهورمزٌ لنا فنحن أبناء الله الآب. ونظرا لخطايانا كنا مستحقين الموت فمات المسيح عنا ليحمل عنا عقوبة الموت. كان بَرْأَبَّا مثلا للتمرد السياسي الذي أرادت السلطات الدينية أن تراه في المسيح المنتظر، أرادت أن ترى إنسانا يستعمل القوة والعنف. فهو يُعتبر بطلا بين اليهود إذ أحدث شغباً وقاد عصيانا. وقد وصفه مرقس الإنجيلي أنه "كانَ رَجُلٌ مَسجوناً معَ المُشاغِبينَ الَّذينَ ارتَكَبوا جَريمَةَ القَتْلِ في الفِتْنَة"(مرقس 15: 7). وكان بَرْأَبَّا ً يستعمل العنف بينما يسوع رفض أن يعمل ذلك لان ذلك يتنافى مع أسلوبه. أمَّا عبارة ": لا هذا، بل بَرْأَبَّا! " فتشير إلى اختيار الشعب بَرْأَبَّا كما لقَّنه رؤساء الكهنة ما يقولونه. اختاروه لان برأبا لم ينافسهم في مكاسبهم المادية أمَّا المسيح فقد جذب منهم شعبهم. ويعلق القديس أوغسطينوس "لسنا نلومكم أيها اليهود على إطلاق المجرم في وقت الفصح، بل على قتلكم للبريء...فإنه لكي يُحفظ الفصح الحقيقي تمّ اقتياد المسيح كشاةٍ للذبح كذبيحة". وفي هذا الأمر فضَّل اليهود اللص، رمز الخطيئة، عن القدوس البار. العالم يختار ما يُشبهه، وصدق قول المثل العربي " الطيور على أشكالها تقع" إذ اختار الشعب بَرْأَبَّا صاحب العنف والقتل، ورفض الاعتراف بيسوع ملكا كما رفض محاولات بيلاطس لتبرئته. وهكذا أفلتت الأمور من يد بيلاطس، واجتاحه عنف الشعب بحيث ما عاد يسيطر على الوضع، فمضى من تنازل إلى تنازل حتى الحكم بالصلب. العار الذي لحق ببيلاطس هو انه وضع المصلحة ووظيفته وكرسيه فوق مبدأ العدل. فقد كان اهتمامه بنفسه أقوى عنده من سير العدالة. وكان خطيرًا أن يطلب اليهود حكم الرومان على المسيح بالصلب، إذ أن نفس الحكم الروماني قد نفَّذ فيهم على يد القائد الروماني طيطس سنة 70 م. حين صلب منهم عشرات الألوف وقتل مئات الألوف وهم الذين بدأوا بالالتجاء للحكم الروماني كما جاء في سفر المزامير "بأَفْعالِهم وبخُبثِ أَعمالِهم جازِهِم وبِصُنعِ أيديهم كافِئْهم ورُدَّ علَيهم أجْرَهم" (مزمور 28: 4). أمَّا عبارة "كان بَرْأَبَّا لِصّاً " فتشير إلى تعليق يوحنا الإنجيلي على صراخ اليهود بانه أحد أعضاء المقاومة الثائرين على رومة. وفي الواقع، هذه عبارة مألوفة عند المؤرخ يوسيفوس فلافيوس حيث لا يقصد في لفظة "لِصّ" في الأصل اليوناني λῃστής سارق كسائر اللصوص بل زعيم فتنة من هؤلاء الثائرين على السلطة الرومانية المحتلّة وربما من الثوار الغيُّورين الذين قاموا بالعمل السياسي والديني بالعنف كما وصفه مرقس الإنجيلي "كانَ رَجُلٌ يُدعى بَرأَبَّا مَسجوناً معَ المُشاغِبينَ الَّذينَ ارتَكَبوا جَريمَةَ القَتْلِ في الفِتْنَة "(مرقس 15: 7). وقد جاءت كلمة "لص" في السريانية لتعني "رئيس عصابة. وغلطة بيلاطس جعل اليهود يحتفلون بعيد الفصح بالعفو عن مشاغب ومثير للشغب وبالحكم على يسوع الملك البار، وجعل رؤساء اليهود أن يقرِّروا محله، فكان ضعيفًا أمام الحق لتمسكه بكرسيه وخوفا من ثورة الشعب. وفي النهاية كان هو الخاسر. ويعلق القدّيس ألفونس ماري دو ليغوري " ها هو يسوع المسيح، الخادم المُطيع للجميع، يخضعُ لحكمِ بيلاطس بالرغم من افتقادِه للعدالة، ويسلِّمُ نفسَه لجلاّديه... هكذا، فإنّ هذا الربّ أحبَّنا حتّى "أنّه اتّخذ صورةَ العبدِ وأطاعَ حتّى الموت، الموت على الصليب" (فيلبي 2: 8) (ترجمة الأعمال، الجزء 14). |
05 - 01 - 2022, 07:52 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: إنكار الشعب ليسوع البار
جميل جدا ربنا يفرح قلبك |
||||
|