رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إتّباع يسوع
آ18. ولمّا شاهدَ يسوعُ الجموعَ الكثيرةَ المُحدقةَ به أمرَ تلاميذه أن يدخلوا السفينة، ويذهبوا معه سويَّة إلى العِبر، أي عِبر بحيرة جاناشار. فانتقل من كفرناحوم إلى بلد جاناشار، معلِّمًا إيّانا أن نجانب في أعمالنا الصالحة المجد الباطل. آ19. فدنا منه كاتب، أي عالم بالناموس، وقال له: يا معلِّم إنَّني أتبعُك، أي أتَّخذك معلِّمًا لي وأرافقك بمنزلة تلميذ لك، إلى حيث تمضي، فأكون كباقي تلاميذك. آ20. فقال له يسوع: للثعالبِ وجارٌ ولطيرِ السماء أوكارٌ، وأمّا ابنُ الإنسان فليس له موضعٌ يُسنِدُ إليه رأسَه. إنَّ يسوع قد عرف أنَّ هذا الكاتب كان يريد أن يتبعه طمعًا بالربح والاعتبار، بسبب الآيات التي كان المخلِّص يصنعها لا رغبة في الكمال. ولذلك أجابه هذا الجواب فكأنَّه يقول له: إنَّك تريد أن تتبعني لظنِّك أنّي أعيش بالترفُّه والتنعُّم وتنتظر منّي الشرف والغنى، لكنَّك على ضلال مبين. إذ ليس لي ولا ما للطيور والثعالب من الأوكار والوجار مع كونها حيوانات دنيئة. ومن هنا يظهر كيف وكم كان فقر المسيح، وكيف يلزم أن يكون الفقرُ الإنجيليّ أي أن لا يكون لأحد الأفراد شيء خاصّ نظرًا إلى الحقِّ والولاية. وإمَّا نظرًا إلى الاستعمال، فيمكن أن يكون لكلٍّ من الرهبان كلُّ ما هو ضروريّ له، ويمكن الجمعيَّةَ كلَّها أن تكون لها ولاية على شيء أيضًا. ولذا تُفنَّد أرطقة من حرّموا الفقر الاختياريّ كلونغبردوس* وغيره. وباطلاً ينتج الأراطقة الرسوليّون من هذه الآية أنَّ المسيحيّين أجمع يلزمهم الفقر للخلاص. كما نتج الفلدسيّون* وفيكلافوس* منها عبثًا، أنَّه لا يجوز للأساقفة والكهنة اقتناءُ أملاك، فإنَّ المخلِّص أشار بالفقر مشورة للكمال ولم يأمر به بمنزلة أمر ضروريّ للخلاص. وقد دعا يسوع نفسه متواترًا ابن الإنسان، لا ابن الله وإن حُقَّ له ذلك. ولكن ابن أيِّ إنسان هو. قال الحنفاء*: ابن يوسف، لتوهُّمهم أنَّ يوسف والده. وقال تاوافيلكتوس*: ابن العذراء، لأنَّ الإنسان يطلق على الذكر والأنثى. وقال بعضهم: هو ابن الإنسان، أي ابن إبراهيم وداود للوعد لهما بأنَّ المخلِّص يولَد من نسلهما. والأحسن: أنَّ ابن الإنسان بمعنى ابن آد،م لأنَّ آدم هو المسمّى الإنسان بالحصر لأنَّه أوَّل الناس وأبوهم. قال غريغوريوس النزينزي* تَسمّى المسيح ابن آدم ليُظهر أنَّه لا أب بشريّ له بل وُلد من العذراء من نسل آدم. وهذا الاسم دليل على التنازل والمحبَّة للبشر، إذ تنازل ابن الله إلى أن يصير ابن الإنسان ويتردَّد مع البشر ويهديهم طريق الخلاص. آ21. وقال له آخَرُ من تلاميذه. لم يكن هذا من الرسل الاثني عشر بل كان تلميذًا دعاه المسيح إلى اتِّباعه، إذ روى لو 9: 59 أنَّ يسوع قال له أوَّلاً: اتبعني. فلبّى دعوته ثمَّ قال له. ائذِنْ لي يا سيِّدي أن أمضيَ أوَّلاً فأدفنَ أبي. زعم تاوافيلكتوس* وعنه فرنسيس لوقا* أنَّ أباه لم يكن مات، بل طلب الإذن ليخدم أباه بشيخوخته ويدفنه بعد موته. والصحيح ارتآه فم الذهب* وغيره أنَّ أباه كان مات فلا يدفن غير الميت. آ22. فقال له يسوع: اتبعني أنت ودعِ الموتى تدفنُ موتاها. لفظة الموتى الأولى يراد بها الغير المؤمنين والخالين من النعمة والروح، كما فسَّر أغوسطينوس*. ولفظة الموتى الثانية يراد بها الموتى بالجسد. وقوله "موتاها" بالإضافة يُفهم به أقرباؤهم وأنسباؤهم. فكأنَّه يقول له: يوجد غيرك ليتمِّم وصيَّة المحبَّة هذه بدفن الموتى، ولا حاجة إلى أن تتعرقل بهذا الأمر أنت الذي دُعيت إلى أن تسير سيرة سماويَّة وتنذر الناس بها، كذا فسَّر فم الذهب* وباسيليوس*. |
|