![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| VIP |::..
![]() |
![]() 3- مبدأ الحضن واللمسات: في العلاقة مع الأبناء
مقدمة في هذه السلسلة الكلام للكبار عن بعض المبادئ التربوية التي أهملناها، تحت عنوان "أنظروا". سلسلة "أنظروا" سنأخذها من مقياس: (قيسوا أنفسكم) أو (Evaluate yourself). والكلام في كل محاضرة عن بند من بنود التربية المهمة. تكلمنا عن: 1- الاحترام، 2- الصداقة، وسنتكلم في هذه المحاضرة عن: 3- الحضن واللمسات. هل تعتقد أن الحضن أو اللمسات الحانية لها تأثير إيجابي على الأبناء؟ للأسف بعض بيوتنا تكون فيها العلاقة جافة جدًا بين الآباء والأمهات من جهة وبين الأبناء من الجهة الأخرى. فمثلًا تجد الأب لم يحاول أبدًا في أحد المرات أن يحمل ابنه ليحضنه ويقبله ويُغرقه بحنانه، أو تجد الأم مثل "العسكري" كل علاقتها بأولادها عبارة عن أوامر وانتهار، لم تحاول أبدًا أن تخرج عن جديتها في التعامل معهم، لم تحاول أبدًا أن تدلل ابنتها وتعاكسها أو تأخذها في حضنها! وعندما تسأل عن السبب، تجد إجابة الأب مثلًا: "ده أنا بعدم العافية علشان أجيب لهم فلوس!" من قال أن الأولاد محتاجين فلوس؟!". وتجد إجابة الأم: " ده أنا واقفة على رجليَّ من الصبح لغاية بالليل علشان أطبخلهم"! "مش محتاجين طبيخ، محتاجين حضن، محتاجين دلع". من قال أن الأكل والمال، أهم عند الأولاد من التدليل والعناق ولمسات الحب؟! لمسات الحب احتياج إنساني ضروري وهام جدًا للأبناء التعبير عن الحب للأبناء باللمسات – واللمسات تشمل: الحضن، أو العناق، أو التقبيل، أو التدليل، أو أي نوع من أنواع اللمسات الحانية مثل مسك اليد أو التربيت (الطبطبة) - احتياج إنساني حقيقي مطلوب، والطفل الذي لا يشبع بلمسات نقية من والديه، يحتاج لهذه اللمسات من أي طرف آخر. وهنا يتدخل الشيطان. والبنت التي لا تشبع بحضن والديها، تقع في حضن الشيطان. بينما البنت الشبعانة بحضن نقي من والديها لن تلجأ أبداً للحصول على هذا الاحتياج خارج بيتها. هذه قاعدة لا بد أن تضعوها في أذهانكم. ماذا قال الكتاب المقدس عن هذا الاحتياج الإنساني الطبيعي؟ (الحضن واللمسات النقية) 1- الحضن واللمسات النقية أمر طبيعي وضروري للأبناء: + في مثل الابن الضال (إنجيل لوقا 15: 11-32) صوَّر لنا الرب يسوع استقبال الأب لابنه التائب فقال: "وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ" (إنجيل لوقا 15: 20). أي أن العناق والتقبيل شيء طبيعي في العلاقات الإنسانية. ويتضح أيضًا من الآية أن الأب هو المُبادر بالرغم من أن الابن هو المخطئ! فإذا كان السيد المسيح له المجد بنفسه هو الذي روى هذا الكلام، إذًا علينا أن نتعلم أن هذه اللمسات الحانية من الآباء مثل العناق والتقبيل (الحضن الحاني) ضرورية جدًا للأبناء. 2- الحضن واللمسات النقية تحمل للأبناء العديد من الرسائل الإيجابية بدون كلام: + أيضًا كلمة "وَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ"، هذا التصرف من الأب أعطى للابن الإحساس بالأمان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وتلقى من خلاله رسالة صامته جعلته يشعر: "أنا مقبول عند أبويا"، "أبويا لسه بيحبني فعلًا"، "أبويا رضي عليَّ"... + إذًا هذه التعبيرات الحسية النقية التي نعطيها لأبنائنا هامة جدًا بالنسبة لهم لأنها تعطيهم رسائل بدون كلام أننا نحبهم جدًا وأننا راضين عنهم وهذا ما يمنحهم الأمان والطمأنينة والشبع. 3- الحضن واللمسات النقية احتياج حقيقي حتى للكبار: + مهما كبرنا سنظل في حاجه إلى هذه اللمسات الحانية. ففي مثل الابن الضال، كان هذا الابن شابًا وليس طفلًا، ولكن بالرغم من ذلك جرى عليه أبوه وأخذه في حضنه وقبله، وكان هذا التصرف الجميل من الأب بالطبع أغلى عند الابن أكثر من الحلة الأولى، والخاتم، والحذاء الذي سيلبسهم، وأغلى من الخروف الذي سيأكله! لأنه كان في احتياج شديد لهذه اللمسات. + السيد المسيح سمح للمرأة الخاطئة أن تلمس رجليه، وقال الفريسي في نفسه " لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ " (إنجيل لوقا 7: 39)، بينما السيد المسيح له المجد لم تكن لديه أدنى مشكلة في أن تلمسه المرأة الخاطئة، لأنه يعلم قيمة هذه اللمسات النقية، التي تحمل مشاعر توبة. كانت المرأة الخاطئة تُريد أن تأخذ بركة، وتشعر أن لمستها للسيد المسيح ستمحو كل ذنوبها. 4- الحضن واللمسات النقية لغة يفهمها الطفل أكثر من الكلمات: + عندما قدم الناس أولادهم للرب يسوع لكي يلمسهم ويباركهم (إنجيل مرقس 10: 13-16)، (إنجيل لوقا 18: 15-17) انتهر التلاميذ الأولاد، فيروي لنا الكتاب المقدس عن هذا الموقف: "فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ»". ويصوِّر لنا معلمنا مرقس هذا الموقف بطريقة أكثر وضوحًا قائلًا: "فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ ". أي أن السيد المسيح له المجد احتضن الأولاد ووضع يده عليهم تعبيرًا عن حبه لهم. + إذًا ربنا يسوع كمربي، وكمعلم التربية في التاريخ كان يتعامل مع الأطفال بالذات باللمسات وبالأحضان لأنها لغة قريبة جدًا للطفل يفهمها ويشعر بها. 5- الجوع العاطفي نتيجة طبيعية لعدم إشباع الأبناء بلمسات الحب: + ولأن العناق والحضن والتقبيل هي اللغة التي يفهمها الطفل فمن الطبيعي أن تجد طفل يجري ليرتمي في حضن "جدو" أو "بابا" أو "ماما". + لكن تصوروا معي أب دائم الابتعاد عن الأبناء وكأنه يقول لهم "ممنوع الاقتراب"! أو أم جافة في تعاملها مع أبنائها وبناتها لانشغالها عنهم بأمور المنزل مثلًا. بالتأكيد سيتعَب أبنائهم نفسيًا جدًا، وسيكون هؤلاء الأولاد والبنات في حالة جوع عاطفي شديد (ليس جوع للأكل أو جوع للمادة، بل جوع للحضن واللمسات!) + للأسف نحن كثيرًا ما نهمل هذا الجانب من جوانب العلاقة بين الكبير والصغير |
||||
![]() |
|