كنت شغالة في شركة من سنين كتيرة وكان مديري أجنبي مبيفهمش عربي خالص، وفي يوم مدير قسم تاني مصري حصل عنده مشكلة في القسم كبيرة جدا بسبب موظف لسه متعين من ٤ شهور ، كان موظف شاطر بس خواف فبينفذ الشغل متأخر لأنه بيخاف ياخد قرارات حتى لو صغيرة ..
المهم .. المدير المصري ده شتمه جامد وسط الشركة والشركة كلها أجانب يُعتبر .. مفيهاش إلا قليل مصريين، شتمه و هانه وعايره وقاله كلام وجعني جدا جدا،
على الرغم إن مكنتش في القسم بتاعهم وكنت في إدارة تانية خالص .. إلا إني كنت حاضرة ومديري الأجنبي كان واقف جنبي بيشرب شاي ..
سألني : ترجميلي بيقوله إيه..
قولتله : شتمه .. و غلط فيه بشكل مهين .. وقال له ألفاظ سيئة ..
مديري سكت و مشي.
طلعت له فوق قلت له احنا مش هنكتب شكوى كشهود ونبعتها للإدارة؟
قالي " نور، أنا قرأت كل الكتب السماوية و معظم كتب الفلسفة وقدرت أفهم إنه فيه قوة ما خلف هذا العالم مهياش عشوائية بتعرف ترتب الأحداث جدا، وأنا من فترة قررت أبحث ورا القوة دي، فقررت ميكنش ليا في بعض الأمور أي رد فعل مهما اتضايقت، عشان أشوف رد فعل القوة دي وأنا مش بختبر صاحب القوة دي أيا كان هو اسمه إيه إله أو طبيعة ! أنا بس بحب أشوف قدرته على تنفيذ خططه الكونية ببراعة .. فانتظري وهوريكي بعينك"
تخيلوا مديري مكنش على أي دين .. كان رافض الأديان ! لكن باحث عنها في نفس الوقت، قال الكلمتين دول وسكتنا ..
بعدها بشهر ونص تقريبا كنا في اجتماع كبير وكنت بحضر البريزنتيشن اللي هعرضها وكنت مشغولة جدا .. فجأة لقيت مديري جاي يجري ع المكتب وهو عنده ٥٧ سنة ! مش صغير !
يجري وعنيه بتلمع مبقتش عارفة هو بيعيط ولا فرحان، خرجت وراه وكنت بحبه جدا فبقوله فيه ايه، شدني من دراعي ونزل بيا جري ..
" الموظف اللي بنعتبره غبي قال فكرة قصاد حد من الإدارة العليا كان موجود قدرا بيمر والفكرة دي اتسببت في نجاح عظيم نقل أرباح الشركة لرقم كبير جدا .. فقرر الشخص اللي من الإدارة العليا إنه يصرف مكافأة ويرفع مرتبه بأثر رجعي و يخليه مدير القسم !
ومديره اللي شتمه هيشتغل في إدارة تانية ..
لقيتني بقول لمديري : شفت ربنا جاب له حقه إزاي واحنا واقفين نسقف له ..
مديري: لأ، لسه !
قلت له لسه إيه؟
قالي .. القوة اللي بتحكم العالم مش عشوائية، هي ردت اعتباره بس لسه منزعتش الأذى اللي وجع قلبه وقتها !
وبين ما احنا بنتكلم ..
الراجل اللي من الإدارة العليا سأل الموظف ده نفسك في إيه أحققهولك؟
قال له : من فترة غلطت عشان كنت خايف آخد قرار غلط فيمشوني ومراتي حامل و عليا ديون كتير .. خفت لو أخدت قرار صعب اترفد وأنا مش متثبت لسه .. فالراجل ده شتمني واعتدى عليا بألفاظ وحشة وزقني ومكنتش عارف أرد عليه لأني مبعرفش أرد على حد بيشتمني ..
قال له كلمة معبرة جدا : " انت صاحب القرار، لو عايزني أوقفه عن العمل الآن لأنه لم يتبع ميثاق الأخلاق بتاعنا هوقفه وممكن نمشيه خالص .. ولو عاوز يبقى تحت إدارتك وتبقى أنت مديره هنعمل كده "
رد عليه الموظف : قاله أنا مش عاوز حاجة، أنا كنت عاوز أسمع ده بس، عشان لحظة ما اتهانت وصعبت عليا نفسي فكرت إن أنا أقل من إن ربنا ينصرني أو يبص ليا حتى ويجيب لي حقي .. فلما انت قلت كده حسيت إن ربنا موجود و شايفني وإني مش قليل عنده.
مديري بقى : ببكاء شديد جدا " نور، شوفتي .. أهو .. صاحب القدرة المطلقة رد .. جاب له حقه و لم يكتفي ده خلاه يشوفه ويعرف إنه موجود .. مش خلقه كده وخلاص ! "
عرفت يومها .. إن فيه ناس بتاخد الدين بالمعلقة ومبتفهموش، وفيه ناس بيتجرب عليها الدين و بتقع في اختبارات وبتمشي طرق طويلة صعبة عشان تبحث عن الله،
عرفت إن لازم يكون بينا ناس مؤذية وناس تانية مسالمة بتقبل الأذى ..
عرفت إن الله .. مش كتاب بنقراه .. لأ ده طريق بنمشيه بصعوبة و أذى بنتحمله بأعجوبة وصراعات نفس لا تنتهي و خوف ويأس واحباط .. بس نهاية الطريق هو .. هو الله.
منقول✝️☦️✝️