رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صلاتها إلى والدة الإله، لما تابت، تضمّنت وعياً لكون مريم السيّدةَ، والدةَ الإله، التي ولدت بالجسد الإله الكلمة. كانت تعرف أنّ والدة الإله دائمةُ البتولية وأنّ الإله الذي وُلد منها إنما تجسّد ليدعو الخطأة إلى التوبة وأنّه بذل دمه المقدّس لافتداء الخطأة. الكلام الذي تفوّهت به في صلاتها إلى والدة الإله، في صدمة التوبة التي عرضت لها في أورشليم، استبان نضراً وكأن الإلهيات في قرارة نفسها كانت حيّة ولو كامنة، غير مفعّلة، في سني ضلالها. على أنّ مريم في إقبالها على الفجور كانت مميَّزة. لم تنحُ ناحية الزنى عن حاجة. لم تبع جسدها. كانت تأكل من الحسنات أو من شغل يديها. وكانت تبذل جسدها عن رغبة. وبذلُها جسدَها أطلقت فيه العنان لرغبة نفسها بلا حدود. بدت كأنّها تقتحم العالم اقتحاماً، تحاول أن تستأسره بجسدها. شغفها بالفجور جعلها تتعاطى منه ضروباً وألواناً فوق المعتاد. كأنما بلغت من الزنى روحه ومن الفجور الذروة. رغم ذلك كأنّ بنعمة المعمودية كانت فيها ولمّا تغادرها، ولو بقيت خفيّة، في عتمة نفسها، على نحو لا يدري به غير الذي براها. وفي لحظة تابت! لما أصرّت أن تدخل إلى الكنيسة التي أُودع فيها عود الصليب، كما لتقتحمها، وصُدَّت، فطنت إلى السبب الذي حال دون السماح لها برؤية الصليب المحيي. في سردها لما حصل لها، في تلك اللحظة، قالت: “لمستْ كلمة الخلاص، برفق، عيني قلبي وكشفت لي أنّ حياتي الدنسة هي التي منعتني من الدخول”. أتتها النعمة برفق لم تعهده في حياتها، برفق صارخ بصمت جعلها تصحو وتعاين حقيقة ما هي فيه. هزّتها النعمة من الأعماق برويّة فانقشعت غشاوة الخطيئة عن عيني قلبها. كانت في دوار الخطيئة، وقديماً قيل “دوار الشهوة يطيش العقل السليم”، فاستفاقت. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي |
|