رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
“أمُّنا” لأَنَّ من شأنها أن تلدَنا بالتَّوبة وللقداسة عنوانُ التَّوبة والنُّسك الشديد، كلُّ هذا جعل القداسة تحلُّ فيها. كانت مشغوفة بالخطيئة. هل هذا هو الدَّاعي لشَغَفِها بالتَّوبة؟ هل بمقدور المجرم الكبير، إذا اهتدى، أن يصير قدِّيساً عظيماً؟! هل باستطاعة الإنسان أن يبدِّلَ نارَ الشَّهوة بنارِ الحُبِّ الإلهيّ؟! الحبُّ الإلهيُّ هذا، بمقدوره أن يَشفيَ أقسى الأمراض النفسيَّة مهما تأزَّمَت وطالَ أمَدُها. لا تأخُذوا الجواب من الطَّبيب النَّفسيِّ، خذوه من مِثالِ القدِّيسة، الزَّانية قبلاً، مريم المصريّة. كلُّ هذا كامِنٌ في سِرِّ التَّوبة. لا تتمُّ العجيبة دفعةً واحدة. أنتَ تَمُرُّ بسقطات عديدة، بهزائمَ متكرِّرَة. الهِدايَة تنبعُ من أعماق النَّفس. تنتقلُ من القناعة أنَّ اللَّذَّة هي كلّ شيء إلى قناعةٍ معاكِسَة وهي أنَّ يسوع هو كلّ شيء. لا بدَّ أنَّ الأوَّلَ ينقُص والثاني يَزيد. العنادُ الأوّل يستبدُّ له عنادٌ أعظم. كيف تفعل النِّعمة الإلهيَّة في الإنسان؟ إنها تطلع من أعماق النَّفس بعد أن سكنت فيها بالمعمودية، وبعد خطوة أولى إراديَّة متكرِّرَة، ولو صغيرة، تخترُق ظلمةَ الخطيئة الكثيفة المغلِّفَة للنَّفس، كما تخترق حبَّات الماء الصَّخرة الصَّلبة. هكذا، يستمرّ الجهاد الروحيُّ بترداد اسمِ يسوعَ الحبيب إلى أن تصعَدَ النِّعمة وتصلَ إلى أطراف الحواسّ. هذا ما يقوله القدّيس ذياذوخس فوتيكي في كتابه عن المعرفة الإلهيَّة. أمّا القدّيس باسيليوس فيصف بدوره فِعْلَ النِّعمة في الحواسّ قائلاً: “هكذا تستأثِرُ النِّعمةُ الحواسَّ إلى حدِّ أنَّ الفكرَ يصبحُ فكرَ المسيح، ونظراتِ العيون نظرات المسيح، والسمعَ سمع المسيح …” * * * أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما |
|