رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقد اعتدت القتل منذ صغري.. لا تندهش! ففي كل مرة قلت نعم وأنا أعني، لا مات تفردي وإحساسي بذاتي، ويوم استيقظت وأنا ألملم بقايا مني لأجد لها نبضًا. نعم أنا قاتلة محترفة.. لا تتعجب! لقد تعلمت قتل ما أشعر به وأرغبه، مقابل أن أتلقى كلمة إعجاب أو رضا أو استحسان من حولي، ففي كل مرة قلت نعم وأنا أعني لا مات جزء مهم مني، ومع مرور الوقت اعتدت قتلي دون أن أشعر بألم. اعتدت أن أقول ما لا أعنيه وأرغب بما يرغبه الآخر, أن أكون كما يحلو للجميع أن أكونه، واليوم أصبحت أصعب الأسئلة التي تواجهني هو: من أنا؟ وماذا أريد؟! أن أتنازل عن رغبتي في الكلية التي أتمناها لكي أحظى برضا زائف ووهمي. أن أتنازل عن قصة الشعر التي أتمناها لأنها لا تعجب فلان أو علان. أن أرتدي ما يعجب الناس وليس ما يروق لي. أوافق على مطاعم ليست المفضلة لي حتى لا أفسد أمسية من أحبهم. أذهب لمشاهدة أنواع من الأفلام في السينما لا أتذوقها، بل وحتى أمقتها. أن يكون الرد التلقائي السريع لطلب صديقتي للخروج لشراء احتياجات لها وأنا منهكة، لا مفيش مشكلة أنا فاضية. أن أتلقى اتصالاً هاتفيًا وأنا منهمكة في إعداد الطعام لأسرتي من صديقة تسألني: هل الوقت مناسب؟ أرد دون تفكير نعم، وأستمع لها بالساعات وأنا منشغلة بالفعل. ألم أقل لكم إني قاتلة محترفة؟! لا أنكر لقد كسبت العديد من الأصدقاء والأحباء، وكنت المفضلة لدى العديد، فأنا لا أرفض طلبًا وأمد يد المساعدة في أي وقت، كنت اللطيفة والودودة التي تقول دائمًا نعم، ولكني خسرت نفسي. كنت أسعى لرضا من حولي، ولكني مع مرور الوقت أصبحت لا أشعر بالرضا عن نفسي، فأمام سؤال مباغت لي: ماذا يسعدك؟ توقفت طويلاً، لم أعرف كيف أجيب، فأنا لا أعرف ما يسعدني، لا أعرف ألواني المفضلة، ولا أي موسيقى تروق لي، أحب المشويات أو المقليات، السفر في القطار أم السيارة.. قد تبدو للبعض سخافة أنها أسئلة يجيب عنها الصغار، ولكني أعجز عن الإجابة عنها، وعندما أدركت موتي فزعت وتوقفت طويلاً أمام بديهيات الأسئلة، أجرب خائفة أيهما أحب وأريد، عرفت إجابات لبعض منها، سعدت بها كطفل عائد من المدرسة حظا بالدرجة النهائية في أول اختبار له، وفي كل مرة أنجح في أن أعرف إجابة لسؤال يخصني، جزء مني أسترده من الموت وتدب الحياة فيه من جديد. وعندما تعرفت على الكلمة السحرية "لا" تبدلت أمور كثيرة، خسرت البعض، حيث أصبحت "خنيقة" و"دمك بقى تقيل" و"شفتي نفسك علينا"، ولكني كسبت معرفة من أنا وماذا أريد وأيهما أحب إلى قلبي.. لم يكن بالأمر السهل أن أخسر كلمة شكر أو امتنان أو شعور زائف بالرضا أو القيمة، خصوصًا وأنا في أشد الحاجة إليها، ولكن شعوري بالاسترداد لنفسي كان يفوق تلك الأمور، وعندما كنت أرتد عن فعل ما أريد وأنتكس في محاولاتي كان هناك صوت هادئ عميق يحدثني بلطف: كوني أنتِ، كوني كما تريدين. وعندها أسترجع شعور أن أبعث إلى الحياة مرة أخرى, لم يعد يزعجني رفض طلب أو مقابلة لصديقة لم أعد قادرة على قتل رغبتي أصبحت قادرة على الاختيار، أتوقف قبل أن أجيب، وأسألني: هل هذا حقًا مطلبك؟ هل هذا هو اختيارك؟ أبتسم بسعادة بالغة داخلي، نعم، وأجيب هذه أنا, أتلعثم أحيانًا في الاختيار أخطئ أحيانًا أخرى، ويا لها من سعادة! سعادة التجربة، والمعرفة، والاختيار، ورويدًا رويدًا أقترب مني وأعرفني, وما زال بحثي مستمرًا لمعرفة من أنا. |
26 - 09 - 2021, 02:56 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: نعم أنا قاتلة محترفة
جيد ان يكون الانسان صادق مع نفسه ويوازن بين رغباته وقدراته |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إذا قابلت |
عمل مكياج العين بطريقة محترفة |
هل قابلت المسيح؟ |
قابلت |
نظـرات قاتلة |