منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 25 - 09 - 2021, 11:56 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,057

نفي القديس يوحنا ذهبي الفم





القديس يوحنا ذهبي الفم
تمثال من الفضة لأفدوكسيا

إن كان البطريرك القديس قد قضى حياته الأولى كجمرة نار ملتهبة بالحب نحو خلاص الآخرين كارزًا بفمه الذهبي، فقد التزم أن يقضي السنوات الأخيرة من عمره شاهدًا بآلامه وأتعابه وكارزًا بقلبه الذهبي، أفضل بكثير مما فعله كل أيامه السابقة! لقد دخل بؤرة الألم بشجاعة صليب سيده، شاهدًا للمصلوب، لا بالبلاغة ينطق بها على منبر الكنيسة الرخامي، وإنما بالألم والتعب يدخل بها إلى قلوب الكثيرين!
ففي خريف سنة 403م أقام أركاديوس لزوجته أفدوكسيا تمثالًا من الفضة(1)، نصب على عمود من البرفير، قائم على قاعدة مرتفعة نقشت بأجمل النقوش(2). أقيم هذا التمثال في أكبر ساحات المدينة بجوار كنيسة أمنا صوفيا بمحاذاة مجلس الشيوخ، وفي حفل تنصيب التمثال اجتمع الشعب في الساحة التي تحولت إلى مسارحٍ وملاهٍ وحفلاتٍ راقصةٍ ماجنةٍ. لم يطق الذهبي الفم هذا العمل بجوار الكنيسة، فأخذ ينهي عن هذه الأعمال ويحرمها.



أثار ذلك مشاعر الإمبراطورة، فأدمت جراحاتها السابقة، واشتد بها الضيق حتى فكرت في عقد مجمع آخر فيه تستبعد الذهبي الفم من أمام وجهها. وإذ سمع البطريرك لم يبالِ بالأمر، بل على العكس وقف يوم عيد يوحنا المعمدان يبدأ عظته بهذه الكلمات اللاذعة(3): [هوذا هيروديا تثور من جديد، لأنها تعود فترقص، إنها تطلب رأس يوحنا من جديد في طبق!]




مجمع بالقسطنطينية

في هذه المرة أخفقت أفدوكسيا في إقناع البطريرك ثاوفيلس أن يحضر ليجدد حكمه على يوحنا، لكنها صممت أن تعقد مجمعًا بالقسطنطينية، فأوعزت إلى الإمبراطور أن يدعو الأساقفة. فجاءوا يتوافدون إلى العاصمة، كان من بين الذين قبلوا الدعوة:
سيفريان أسقف جبالة المقيم بالبلاط والمملوء حسدًا وكراهية تجاه البطريرك يوحنا.
ليونتوس Leonius أسقف أنقرة،
أكاكوس Acacus أسقف بيرية (حلب)،
أنتيخوس أسقف عكة،
أمونيوس أسقف لاذيقية بسيدية،
بريسو Brido أسقف فيلبي.
في أواخر عام 403م التأم المجمع من حوالي مائة أسقف، ولم يجد الأساقفة ما يشتكون به على البطريرك، فأعلنوا أنه ما كان له أن يتسلم شئون رعاية كنيسة القسطنطينية دون أن يبرئه مجمع آخر، وأن قرارات مجمع السنديانة قائمة، يجب تنفيذها. لكن لم يكن ممكنًا نفي الأب البطريرك، إذ كان الإمبراطور يعلم ما يجره عليه مثل هذا التصرف.
تحولت القسطنطينية إلى كتلة من الجحيم، الإمبراطورة مع الأساقفة في حالة غليان، يودون الخلاص من يوحنا لكنهم عاجزون. والشعب يشعر بالتيارات التي تجتازها الكنيسة ولا يعرف ماذا يفعلون. والبطريرك محصور بين حبه لشعبه وخوفه عليهم.
وسط هذا الجو المتأزم جاء عيد الميلاد، وعلى خلاف العادة لم يحضر الإمبراطور احتفالات الكنيسة بالكاتدرائية، ولا اشترك في التناول من الأسرار المقدسة، معتبرًا يوحنا معزولًا عن كرسيه!




عيد الفصح لعام 404 م.

اقترب أيضًا عيد الفصح لعام 404 م.، والبطريرك شبه معتقل في دار الأسقفية، لا يُسمح له بممارسة خدمته في الكنيسة(4)، فاضطر أركاديوس أن يأمره بالخروج من الكنيسة، أما هو فأجابه قائلًا: [لقد تسلمت الكنيسة من يسوع المسيح، ولا أستطيع التقصير في خدمتها، فإن أردت لي أن أترك هذه الحظيرة المقدسة اطردني بالقوة(5).]
جاء سبت النور، وكانت الكنيسة تستعد لتعميد طالبي العماد والسهر طوال ليلة العيد، فطُرد الذهبي الفم من الكنيسة، وحظر عليه الخروج من قلايته(6)، كما طرد رجال الإكليروس الذين يميلون إليه من الكنائس.
التجأ الكهنة مع الشعب إلى الحمام الكبير الذي شيده قسطنطين الكبير، وحولوه إلى كنيسة يقضون فيه خدمة العيد، لكن سرعان ما دخل الجند وهجموا على الشعب، وتحول الحمام إلى عويل وبكاء وضرب الكهنة والشمامسة، وطردوا بثياب الخدمة، وتلطخت المعمودية بالدماء(7).
خرج المؤمنون خارج أسوار المدينة يقيمون الذبيحة في ميدان قسطنطين، ومنذ ذلك الحين صار الشعب يعقد اجتماعات -متى كان الوقت مناسبًا- تارة في موضع، وأخرى في موضع آخر... وصار أضداد البطريرك يسمونهم باليوحناويين(8)Johnites.
تأزمت أحوال المدينة، فقد روى المؤرخ سوزومين، أن عبدًا كان يجري نحو دار الأسقفية، وإذا ما قبله أحد ليسأله عن سرّ جريه، يطعنه بخنجره. فالتف الشعب حوله، وأمسكوه، وأسلموه للقصر الإمبراطوري يتهمونه بمحاولة اغتيال البطريرك، طالبين إدانته. وفعلًا هدَّأ الوالي روعهم وأُلقى به في السجن، معلنًا لهم أن العدالة تأخذ مجراها.
هز هذا الحدث الشعب، وخاف كثيرون على حياة بطريركهم المعتقل داخل دار الأسقفية، وتناوب بعض المتحمسين حراسة الدار ليل نهار(9).
في ذلك الوقت كتب الأب البطريرك رسالة وجهها إلى Innocent إنوسنت أسقف روما، وفنريوس Venerius أسقف ميلان، وكروماتيوس Chromatius أسقف أكويلية، يخبرهم بالأمر، طالبًا ضرورة تدخلهم لتهدئة الاضطرابات في القسطنطينية. وقد جاءت الرسائل الثلاث بنص واحد، تحمل هدوءًا مع وضوح في عرض قضيته.




تعجل تنفيذ قرار النفي

لم يدم الأمر طويلًا فقد دخل أكاسيوس وأعوانه إلى الإمبراطور أركاديوس، وكان ذلك في الخميس بعد العنصرة مباشرة، يتعجلون تنفيذ قرار النفي من أجل سلام الكنيسة والشعب، معلنين مسئوليتهم الخاصة في هذا الأمر.
اقتنع الإمبراطور برأيهم وأرسل أحد كبار رجاله إلى الأب البطريرك يسأله ترك الكنيسة من أجل السلام العام(10)، فخضع للظلم الجائر، إذ يخرج متألمًا من أجل رعيته المتألمة.



خرج من دار الأسقفية إلى الكاتدرائية يقبل المذبح قبلاته الأخيرة، ويلتقي بشعبه الثائر الذي ملأ الكنيسة يريد أن يرى أسقفه للمرة الأخيرة.
قبَّل البطريرك الأساقفة الذين معه قبلاته الأخيرة وهو يقول لهم: "إني أترككم الآن، انتظروا رجوعي إليكم". ثم دخل المعمودية حيث استدعى الشماسة أولمبياس وزميلاتها حيث قال لهن: "تعالوا يا بناتي، واسمعوا لي. فقد تحدد مصيري... لقد انتهى طريقي، فقد لا أرى وجوهكن مرة أخرى. رجائي إليكن أن لا تترك واحدة منكن خدمتها في الكنيسة. فإنه أيا كان الأسقف الذي يرسم بعدي، اخضعن له كما ليوحنا تمامًا، ما دام لا يعتلي الكرسي بالدسائس ويختار بتزكية جماعية، فإنه ينبغي أن يكون للكنيسة أسقف بهذا تجدن رحمة. اذكروني في صلواتكن".
بكت الشماسات ووقعن على قدميه. أما هو فاضطر أن يتركهن ويخرج من المعمودية خارج الكنيسة دون أن يراه الشعب، وانطلق إلى الميناء لكي تبحر به السفينة إلى بيثينية، مدركًا أنه لا يعود بعد يرى شعبه، ولا يتحدث مع هؤلاء الذين أحبهم، الذين هم أحشاؤه، ولدهم في المسيح يسوع ربنا!




احتراق الكاتدرائية

خشي أعداؤه أن يركض الشعب إليه ويلحق به ويلزمه بالعودة قسرًا، فصدرت الأوامر بإغلاق أبواب الكنيسة على من بداخلها. لكن سرعان ما انتشر الخبر في كل القسطنطينية، وجاء من الشعب من كان في الأماكن العامة يجري يمينًا ويسارًا، لا يدري ماذا يفعل. أسرع البعض نحو الشاطئ لعلهم يقدرون أن يلحقوا بأبيهم قبل إبحاره، وآخرون صاروا يطيرون في شوارع المدينة. وحدث رعب وسخط ضد الإمبراطور. أما الذين كانوا داخل الكاتدرائية فقد شعروا بالخديعة، فاتجهوا نحو الباب المغلق وضغطوا عليه بعنف فانكسر، واندفعوا تجاه الساحة ليجدوا جماعات من الأعداء يقذفونهم بالحجارة، ويدفعونهم دفعًا للعودة تجاه الكنيسة. وفي لحظات ارتفع لهيب النيران في الكنيسة من كل جهة، ثم لحق بسقفها. وفي وقت قصير دفعته الرياح تجاه مبنى مجلس الشيوخ ليأتي عليه تمامًا. وقد بقيت النيران مشتعلة طوال الليل، منذ العشية حتى الصباح.
ألهب الحريق جو القسطنطينية، فقد اتهم أتباع يوحنا أضدادهم أنهم دبروا خطة الحريق لكي يقتلوهم داخل الكاتدرائية، وقال البعض أن النار قد خرجت من تحت المذبح تعلن غضب الله على ما حدث في الكنيسة تجاه الأسقف المظلوم يوحنا، وقام أضداد يوحنا يتهمون أتباعه أنهم صنعوا هذا الحريق تنكيلًا بالسلطات، فصار الحريق فرصة للتنكيل بهم.
لم تمضِ فترة قصيرة حتى رسم أرساكسوس Arsacius، أخو البطريرك السابق ليوحنا "نيكتاريوس"، ليكون أسقفًا على القسطنطينية. وكان شيخًا ابن ثمانين عامًا، طيب القلب، يحمل سمعه حسنة، أفسدها بالتصرفات التي قام رجال الإكليروس في عهده تحت اسمه. من ذلك أنه إذ رفض أتباع يوحنا في الاشتراك معه في الصلاة، ويبدو أنهم -في ثورتهم الداخلية- بدأوا يقاومونه، أبلغ السلطات، فهاجم الجند اجتماعاتهم، وتعدوا الأوامر الصادرة إليهم -كما هي العادة في مثل هذه الظروف- إذ سلبوا ونهبوا حليّ النساء وضربوا الكثيرين.
لقد ذاق أتباع يوحنا الأمرين، وكما روى سوزومين أن بعضهم امتنع عن الظهور في الأماكن العامة والأسواق، بينما اضطر البعض إلى الهروب من المدينة.




ذكر سوزومين أمثلة من الذين أصابهم الضيق بسبب الأسقف يوحنا، نذكر منهم:
1. القديسة نيكارتيه Nicarete: وهى سيدة بثينية، تنتمي إلى إحدى العائلات الشريفة، امتازت بتواضعها وصمتها وحسن سلوكها وتصرفها، رفضت قبول إقامتها كشماسة أو كبتول تخدم الكنيسة، وذلك لإحساسها بعدم الاستحقاق، مع أنها عاشت حياتها في بتولية دائمة، بسيرة فاضلة، تفضل خدمة الله في كل شيء أكثر من اهتمام أرضي...

2. القارئ (أغنسطس) أتروبيوس: استدعته السلطات، وشددت عليه أن يعترف بأسماء الأشخاص الذين أشعلوا النيران في الكنيسة، أما هو فلم يذكر اسمًا رغم شدة العذابات التي وقع تحتها، فقد جلدوه بعنف زائد، كما مشطوا جنبيه ووجهه بأمشاط حديدية، ووضعت مشاعل بجوار أجزاء حساسة من جسمه وإذ رفض الاعتراف بشيءٍ أُلقي في جب، حيث انتقلت نفسه هناك بعد قليل.
يقول سوزومين أنه يليق به أن يروي قصة الحلم الذي رآه سيسينوس Sisinius أسقف أتباع نوفتيان، فقد رأى في نومه رجلًا جميلًا يجلس بجوار مذبح الكنيسة التي دشنها أتباع نوفتيان باسم القديس إسطفانوس أول الشهداء، وكان الرجل يشكو ندرة وجود أناس أتقياء، وأنه أخذ يبحث عن إنسان تقي في كل المدينة فوجده، وإذ به أتروبيوس. قام سيسينوس من النوم يبحث عن القارئ أتروبيوس من سجنٍ إلى سجنٍ حتى وجده أخيرًا، وتحدث معه يخبره بالحلم الذي رآه، طالبًا بدموع أن يصلي من أجله.

3. القديسة الشماسة أولمبياس Olympias: سبق لنا الحديث عنها، كانت المدينة كلها تعلم الكثير عنها، فقد أوكل إليها بيت العذارى والأرامل. اتهمت ضمن المحرضات والمحرضين على إشعال النار في الكنيسة. هاجمها الوالي وحاول مضايقتها، لكنها بجرأتها وتصرفاتها الباسلة أمامه أدهشت الكثيرين. لقد أعلنت له أنه يجب محاكمته هو، وبعد صراع مرّ معه اضطرت إلى ترك القسطنطينية إلى Cozicus، ولم يعرف إن كان خروجها حدث بمحض اختيارها أم قسرًا.
في وسط هذه الأتعاب كان قلبها يحترق من أجل خدمة الكنيسة بالقسطنطينية، من أجل العاصفة التي اجتاحت كل جوانب عملها، كما كانت تتألم لأبيها المستبعد عن كرسيه وعمله الكرازي. لكن البطريرك يوحنا لم يتركها في آلامها، بل أرسل لها عدة رسائل من منفاه مملوءة تعزيات. تحدث فيها عن فائدة الآلام والتجارب، كما بشرها ببعض أخباره المفرحة، مشجعًا إياها على العمل والجهاد.

4. الكاهن تيجيروس Tigiriys: كان في أصله عبدًا، لكنه عُتق بسبب تقواه وخدماته المملوءة إخلاص فرُسم قسًا. وكان يتسم بالوداعة ومحبة الفقراء والغرباء. بسبب الأحداث الأخيرة جُلد على ظهره، وقُيدت يداه ورجلاه، وشد جسده في عذراء(11) rack.




إلى المضطهدين

كتب القديس يوحنا إلى الأساقفة والكهنة والشمامسة المضطهدين بسببه يقول لهم(12):
"إنكم تحسبون شهداء. لقد حُسب شهيدًا ذلك الذي قاوم الزواج غير الشرعي، هذا الذي عاش في البرية ووضع في السجن وقطعت رأسه(13)... وأنتم أيضًا تدافعون عن قوانين الآباء التي وطأتها الأقدام، وعن الكهنوت الذي أُهين ودُنس. لقد تألمتم كثيرًا من أجل الحق لكي تضعوا نهاية للنميمة الفاضحة.
اذكروا المكافأة التي ستنالونها."
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القديس يوحنا ذهبي الفم ومن سمه
القديس يوحنا ذهبي الفم
القديس يوحنا ذهبى الفم
القديس يوحنا ذهبي الفم
كتب القديس يوحنا ذهبى الفم


الساعة الآن 12:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024