فما هو الناموس الذي أبطله المسيح؟ أهو الناموس الطقسي؟ أم هو الناموس الأدبي؟ أم هو كلاهما معاً؟
يلوح لي أن الناموس المقصود أكثر من سواه في هذه القرينة, هو الناموس الطقسي. لأن وصاياه مفرغة في قالب أوامر ونواهٍ مفروضة فرضاً: "لا تمس ولا تذق ولا تجس التي هي جميعها للفناء في الاستعمال" (كولوسي 2: 21و 22). هذه هي الفرائض التي أقام منها اليهود سوراً رفيعاً, كانوا يشرفون من قمته على الأمم, فينظرون إليهم نظرة كلها زراية واحتقار فاليهود كانوا يتورّعون عن أن يمسوا شيئاً في الأسواق العامة, متى علموا أن يداً أممية مسته قبلهم, لئلا يتنجسوا. وكانوا يأنفون من أن يأكلوا على مائدة واحدة مع شخص أممي, لئلا يتلوثوا. فجعلوا من هذه الفرائض الطقسية حصناً منيعاً تحصنوا وراءه ضد الأمم. وما الفواصل القائمة في عصرنا لحاضر بين البرهميين والهندوكيين سوى بعض الفواصل التي أقامها اليهود من هذه الفرائض, حائلاً بينهم وبين الأمم. ومن الغريب أن تلك الفرائض وضعت قديماً على اليهود لتقيهم شر الاختلاط بالأمم, فأقام اليهود منها تمثالاً عبدوه!