عامل البناء في عملية السلام: "الذي جعل الاثنين واحداً". يراد ب"الاثنين" اليهود والأمم اللذين جعلهما المسيح "واحداً": فهو لم يجعل اليهودي أممياً ولا الأممي يهودياً, بل أنسى اليهودي يهوديته, وأنسى الأممي أمميته, وصار الاثنان يذكران أنهما مسيحيان قبل كل شيء, وفوق كل شيء, ويقول العارفون بأصول اللغة الأصلية: إن كلمتي: "الاثنين" "واحداً" وردتا بصيغة, لا مذكرة ولا مؤنثة, ويعتقد الدكتور مونود أنهما تعنيان نظامين أو هيئتين باعتبار أن المسيح جعل من هاتين الهيئتين المختلفتين –اليهود والأمم- هيئة واحدة, واتحاداً واحداً, ونظاماً واحداً وكتلة واحدة, وكلمة: "واحداً" تعني أيضاً "جوهراً واحداً" لأنها هي ذات الكلمة التي استعملها المسيح في قوله: "أنا والآب واحد" (يوحنا 10: 30).
لسنا ندري هل وجدت بين العوامل الطبيعية مادة تصهر معدنين متباينين فتصيغ منهما معدناً واحداً. لكننا نعلم علم اليقين أن المسيح قد استطاع بدمه الثمين أن يصوغ من اليهود والأمم –اللذين لا يقبلان نماذجاً بطبيعتهما- معدناً واحداً صافياً, إذ أمعنت النظر فيه ألفيته عنصراً واحداً.