منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 21 - 09 - 2021, 04:01 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577



يوحنا ذهبي الفم  ضد أعداء الرهبنة



في عام 373م كان غضب فالنز قد جاش على الأرثوذكس، فألزم نساكهم ورهبانهم على الخدمة العسكرية والمدنية، واعتبر بعض المسيحيين في النسك ضربًا من الجنون، وقامت حملات عنيفة ضد الرهبنة مما اضطر يوحنا أن يخط كتبًا ثلاثة تحت اسم(8) "ضد أعداء الرهبنة" Adverssus oppugnatores vitae monastiac يهاجم أعداء الرهبنة ويفند حججهم.
يرى البعض أن المناسبة الحقيقية لوضع هذا العمل هو أن النساك والرهبان الذين كانوا بجوار أنطاكية، كانوا يتعهدون بتعليم أبناء المدينة وتهذيبهم. وهذه كانت قاعدة عامة في بعض المناطق، فنسمع عن الأنبا شنودة رئيس المتوحدين أنه كان يذهب إلى الدير الأبيض في سوهاج بصعيد مصر، وهو في التاسعة من عمره.
كان من ثمر ذلك أن كثير من الشباب من إنطاكية ارتبطوا بالرهبان، ولم يرغبوا في العودة إلى عائلاتهم، الأمر الذي سبب ضيقًا شديدًا. وأساء البعض معاملة الرهبان في شوارع أنطاكية وأسواقها، خاصة المناطق التي كان بها وثنيون. لذلك أراد القديس يوحنا أن يدافع عنهم، موضحًا أنه ليس من معلمين ومرشدين أفضل من المتوحدين والرهبان، لأبناء المسيحيين والوثنيين أيضًا(9).

بدأ عمله بإيضاح أن مضطهدي رجال الله يهلكون كما ورد في الكتاب المقدس،يشبه القديس الحياة العادية في المدينة أشبه ببيتٍ مشتعلٍ بالنار، وأن العالم محتاج إلى الرهبان لممارسة الحياة المتعقلة، وأن يكون للرهبان عملهم النافع في المدينة.
يفترض القديس يوحنا في الكتاب الثاني أن ابنًا متميزًا وغنيًا لوالدٍ وثنيٍ ذهب إلى الجبال لينضم إلى الحياة الرهبانية.
بالمنطق ماذا يقول لأبيه؟ إنه صار غنيًا بتحرره من كل الضروريات. هذا ويودع أبوه فقط أمواله، أما الراهب فيودع الغنى الذي للمسيحيين الصالحين. يليق بأبيه إلا يخجل من ملبس الراهب البسيط، فإنه في عيني الشعب المسيحي أثمن من الثياب الملوكية الفاخرة. وأيضًا أثر الراهب الصالح على الشعب أعظم من أثر الملك. لا يستطيع أحد أن يحرمه من شيءٍ، لأنه لا يملك شيئًا، ويعفو عن الذين يسيئون إليه بفرحٍ. وإذ هو يجحد العالم، يستطيع أن يعزي الحزانى، وفي وقت الاضطهاد يصير مثلًا للبطولة أمام الآخرين. أما عن علاقته بأبيه، فإن مثل هذا الابن يكون أكثر لطفًا عن الغير. إنه يقتني عظمة حقيقية وفرحًا صادقًا لا يزول، لأنه روحي. لهذا يليق بالأب إلا يحزن من أجل ما يليق به أن يهنئ ابنه. في الأزمنة القديمة كان قدماء اليونانيين (الوثنيين) يفكرون هكذا. إنهم يعرفون أن الإنسان الصالح سعيد والشرير بائس. لهذا انتظر قليلًا، فستفكر كما أفكر أنا، وربما أنت نفسك تسلك الطريق الذي سلكه ابنك.
أخيرًا في الكتاب الثالث يأتي دور الأب المسيحي المؤمن. يقول له الذهبي الفم إنه ملتزم أولًا أن يربي ابنه حسنًا، أو يقوم آخر بتعليمه. وألا يكون الإنسان أشر من ابن القاتل. للأسف فإن مطامع أغلب الآباء تتجه فقط نحو الغنى والمراكز الممتازة وذات السلطة، فهم يفسدون نفوس أبنائهم من صبوتهم المبكرة بالطمع والطموح (الخاطئ)، ويسلكون بمبادئ ضد مبادئ المسيح. كيف يمكن للطفل أن يخلص نفسه؟
إن كان أحد يفكر في جريمة اللواطة، فإن الشخص يدهش إن هذه المدينة أنها لم تتدمر بعد بالنار والكبريت مثل سدوم وعمورة.
ينبع كل هذا الشر عن حقيقة أن الشخص يستهزئ هكذا بفلسفة الحياة الرهبانية.
ومع هذا فإن الرهبان أكثر سعادة من أهل العالم الذين يعيشون في الحسيات والمبالغة. إنه بكل دقةٍ، هؤلاء يجلبون كل ضررٍ على أنفسهم، أما الآخرون منهم كمنارة في بحر عاصفٍ، يُظهرون للذين هم مهددين طريق الميناء الهادئ. النوع الأول هم وباء للأرض كلها. الرهبان -على العكس- يسلكون حياة الملائكة المملوءة سلامًا وهدوءًا وانسجامًا وحبًا وسعادة أصيلة. لهذا ليس شيء أفضل من أن يعهد بأبنائه لمثل هؤلاء الناس، مبكرًا ما أمكن. إن كانوا لا يطلبون تعليمًا هكذا، فإنهم يطلبون فضيلة أعظم، وهذه أثمن بكثير. هكذا يفكر الفلاسفة الوثنيون، كما يعلم الرسل بهذا: أولًا الفضيلة وبعد ذلك الثقافة؛ أولًا الحكمة وبعد ذلك المعرفة. فإن ارتبط الاثنان معًا يكون الأمر الأول أفضل. كل من الرهبان وأهل العالم على السواء يرتبطون بالفضيلة، لكن الذين يعيشون حياة دنيوية يسقطون من الفضيلة بسهولة عن الرهبان.
قد تقول إنك تريد أن ترى أحفادك. لكن كيف تعرف أن أبناءك سيتزوجون؟ وكم من آباء كثيرين ليس لهم خبرة سوى الحزن والمرارة من أبنائهم! ويفسد العث ممتلكاتك وأموالك، بينما غنى الحياة الرهبانية لن يفسد. لكنك تقول يمكنه أن يتزوج أولًا، وبعد ذلك يبدأ الحياة الرهبانية في شيخوخته. وكأن الشباب ليس بذي قيمة، هذا الذي يحتاج إلى حفظٍ لفضيلتهم، وأيضًا أنت لا تعرف إن كان ابنك يعيش حتى الشيخوخة. أخيرًا فإن المتزوج لا يقدر أن يفصل نفسه بسهولة عن زوجته وعائلته.
هكذا اترك ابنك في سلامٍ في مدرسة الرهبان حتى إن قام فيها لمدة عشر أو عشرين عامًا. فإنه سيكون بالتأكيد أكثر قوة ونضوجًا في أخلاقياته، وفي علاقته بك وبالمجتمع البشري.
حقًا لو أن كل الأطفال تعلموا هكذا، فالعالم يتحول حالًا إلى فردوس. الناس في المدن يصيرون مثل الملائكة. وإن لم يصير ابنك قديسًا عظيمًا فليكن قديسًا صغيرًا. إنما يلزمه أن يبدأ السباق من أجل مكافأة النصرة وهو بعد صغير، عوض أن يبدأ الصمود وهو شيخ. لقد تكرس صموئيل لله منذ صبوته، وإبراهيم كان مستعدًا أن يذبح ابنه الشاب لله.
قدموا إذن خدامًا لله متأهلين، ولا تضعوا عقبات في طريق أبنائكم، لئلا يسلكوا هذه الفلسفة السامية بغير رضاكم. إنكم تجلبون على أنفسكم عقوبة، وتمدحون نصيحتي بعد أن تصير بلا نفع لكم.
في هذه الكتب أعلن لنا بهاء الرهبنة وجمال حياتها النسكية، كما قدم لنا صورة مشرقة لهذه الحياة كما كانوا يعيشونها في ذلك الحين. فالرهبان يسكنون القلالي المنعزلة، يعيشون بنظام الشركة تحت قيادة أب abbot. كانوا يلبسون ثيابًا من وبر الإبل أو شعر الماعز، فوق "تونية" من التيل. يستيقظون قبل الشروق، ويبدءون يومهم بالتسبيح والصلوات المشتركة تحت قيادة الأب. عندئذ يذهبون إلى أعمالهم الموزعة عليهم من قراءة ونسخ وأعمال يدوية تقدم أثمانها للفقراء. أما طعامهم، فمن الخبز والماء وقليل من بعض الخضروات، ينامون على مرقد من القش، ولا يحتاجون إلى شيء، متحررين من كل قلقٍ وهم لا يعرفون كلمتي "لي ولك"، اللتين تسببان الكثير من المشاكل في العالم. إن رحل أحدهم لا ينوحون عليه، بل يقدمون شكرًا لله. يحملونه إلى القبر وسط تسابيح الحمد، إذ هو لم يمت بل صار كاملًا. لقد سمح له أن يرى وجه المسيح.
في اختصار -بالنسبة لهم- الحياة هي المسيح والموت ربح!(10)
لقد بقيت هذه الصورة حية في داخله حتى بعد انغماسه في الخدمة، فنراه يحدث شعبه عن الحياة الديرية، قائلًا:
[كأنما نجلس على سرير من العشب كما كان السيد المسيح يجلس على البَرّ!
كانت الغالبية منهم يتناولون وجبتهم في الهواء الطلق، السماء لهم سقف، والقمر سراج، ليسوا في حاجة إلى زيت ولا إلى خدم. كأنما القمر يتلألأ بجلاله لهم وحدهم!(11)]
مرة أخرى يرفع أنظارهم إلى برية مصر، مسجلًا لنا أحاسيسه الرهبانية الصادقة، قائلًا:
[هلموا إلى برية مصر لتروها أفضل من كل فردوس!
ربوات الطغمات الملائكية في شكل بشري، وشعوب من الشهداء، وجماعات من البتوليين... لقد تهدم طغيان الشيطان وأشرق ملكوت المسيح ببهائه!
مصر هذه أم الشعراء والحكماء والسحرة، حصنت نفسها بالصليب!
لم تفعل هذه الأمور الصالحة (الحياة مع المسيح) في المدن فحسب بل وفي البراري أكثر من المدن. أينما حللت في هذا البلد تشاهد معسكر المسيح، القطيع الملوكي، ودولة القوات العلوية!
لا نجد هذا بين الرجال فحسب بل وبين النساء أيضًا... فقد مارسن طلب الحكمة في صورة لا تقل عن الرجال، لا مثل قضاة اليونانيين وفلاسفتهم الذين يتسلحون بأتراس وركوب الخيل، إنما يخضن معارك أشد ضراوة!
السماء بكل خوارس كواكبها ليست في بهاء برية مصر الممتلئة من قلالي النساك(12).]
<h1 dir="rtl" align="center">

</h1>




سيره القديس يوحنا ذهبي الفم † وعظه للبابا شنودة الثالث † 1994
















رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يوحنا ذهبي الفم ومجد الرهبنة
يوحنا ذهبى الفم
يوحنا ذهبى الفم
الافخارستيا - يوحنا ذهبي الفم
القديس يوحنا ذهبى الفم عن الرهبنة


الساعة الآن 12:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024