منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 21 - 09 - 2021, 03:51 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577



يوحنا ذهبي الفم  وهروب من الأسقفية



هروب من الأسقفية

بلا شك كان يوحنا على اتصال دائم على الأقل بإحدى الجماعات الرهبانية المقيمة بجوار إنطاكية، ينقل عنها الحياة الرهبانية. ليختبرها في بيته، حيث بدأت رائحة المسيح الذكية تفوح في قلبه بقوةٍ، وانطلقت في بيته، فانجذب الكثيرون إليه، أما هو فكان حريصًا على حياة "الوحدة" وإذ خلا كرسيان في سوريا اتجهت الأنظار حالًا نحو يوحنا وصديقه باسيليوس ليتسلما العمل الرعوي.
قال يوحنا: [شاع بغتة خبر أزعجنا كلينا، أنا وباسيليوس، وكان حديث القوم أن نرقى إلى المقام الأسقفي. حين وقفت على هذا النبأ، أخذ مني الخوف والقلق كل مأخذ. كنت أخشى أن ألزم على قبول السيامة للأسقفية، وبقيت مضطربًا، وسائلًا ذاتي: لأي الأسباب خطر مثل ذلك الخاطر في شأني؟(14)]
كان ذلك وهو بعد شاب في الخامسة والعشرين من عمره، حين أخذ منه الخوف كل مأخذ، لماذا؟
لقد امتاز يوحنا بوضوحه وصراحته مع نفسه ومع من هم حوله، لا يعرف التردد، لا في داخله ولا في مظهره، إذن فلماذا الخوف والقلق؟
أمور كثيرة جالت في فكره، فقد كان يوحنا يتهيأ داخليًا -من يوم إلى آخر- للانطلاق نحو الحياة الديرية متى سمح له الله بذلك، كل ما كان يربطه بالمدينة أُمه الأرملة التقية الوحيدة! وفي نفس الوقت كانت الكنيسة بكل جراحاتها تملأ قلبه، وتمتص كل مشاعره، كانت نفسه مُرّة في داخله من أجل فساد حياة المسيحيين وإغراءات اليهود وألاعيبهم وسموم الهراطقة، هذا كله بجانب حياة البذخ والترف التي تعيشها إنطاكية بأسرها، كان قلبه يدمي كل يومٍ، مشتهيًا أن يرى خلاص الجميع! هذان الاتجاهان -ميله الديري وحبه لخلاص الناس- لم يخلقا في داخله يومًا ما صراعًا: الدير أم الأسقفية؟ أو بمعنى أصح: الرهبنة أم الخدمة؟ فهو أن دخل الدير يتهلل بالحياة الملائكية، وإن خدم يفرحٍ بالبذل كل يوم من أجل الخراف الضالة، لا يشعر بصراعٍ في محبته للطريقين، فلماذا القلق؟
لو أن يوحنا قد شعر بقدرته على تسلم العمل الأسقفي لما هرب، وإن هرب فهو لا يحمل تمنعًا ظاهريًا لعلة أو أخرى، يود الهروب ليس تفضيلًا لحياة على الأخرى، ولا هربًا من المسئولية، لكن في إحساس داخلي بضعفه عن تسلم مثل هذا العمل الرعوي السامي. وفي نفس الوقت أن هرب تبعه صديقه باسيليوس، فيكون قد أفقد الكنيسة راعيًا جليلًا، يشتهي أن يراه عاملًا في كرم الرب!
أمور كثيرة شغلت قلب يوحنا وفكره، لكنه إذ التقى بصديقه باسيليوس، لم يكشف له شيئًا، ليس خبثًا لكن من أجل خير الكنيسة. وربما تحادثا معًا في "العمل الأسقفي وبركة البحث عن الخراف الضالة" في صدق وأمانة. حسب باسيليوس في هذا الحديث موافقة ضمنية على قبول السيامة. خاصة أنه يعلم أكثر من غيره ما يكنه قلب يوحنا صديقه من شوقٍ جادٍ نحو خدمة النفوس.
رضخ باسيليوس للسيامة، متوقعًا بفرحٍ سيامة صديقه يوحنا، ليعملا معًا بروح واحد، يسند أحدهما الآخر. لكن جاء دور يوحنا فاختفى في الجبال الأمر الذي أحزن قلب باسيليوس، فاضطر أن يكتب إليه يؤنبه على فعله هذا وخداعه له، أو ما يسميه خيانة العهد.
لم يرد يوحنا أن يترك صديقه متألمًا، فكتب إليه فيما بعد مقالًا غاية في الإبداع، يكشف له عن حقيقة موقفه بروح صريح واضح، تواضع مع محبة وعلم غزير، ألا وهو مقاله "عن الكهنوت De Sacredotio" المؤلف الذي يغذي أجيالًا من الكهنة والخدام.
كتب في بلاغة بروحانية صادقة، فبكل تواضع يروي في غير خجل أن توقفه عن دخول "الدير" سرَّه دموع أمه، ثم عاد يتحدث عن العمل الكهنوتي كعملٍ إلهيٍ فائقٍ، هو عمل السيد المسيح نفسه، العامل في كهنته. وفي غير خجلٍ يعلن شوقه للخدمة بل وشهوته لها، فهو لم يهرب إلى الجبال هربًا من الأسقفية، لكنه مع شوقه لها يشعر بعدم أهليته! لقد عرف أن الأسقفية بذل وألم، لكنها تحتاج إلى مؤهلات روحية عالية وقدرات!
لقد خط هذا الشاب مقاله في ستة كتب! وكأنه كان يكتب دستورًا يلتزم به في حياته الكهنوتية، أمام الله وأمام نفسه.


سيره القديس يوحنا ذهبي الفم † وعظه للبابا شنودة الثالث † 1994
















رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القديس يوحنا ذهبي وسر هروبه من الأسقفية
القديس يوحنا ذهبي الفم ومن سمه
القديس يوحنا ذهبي الفم وهروب من الاسقفية
يوحنا ذهبى الفم
يوحنا ذهبى الفم


الساعة الآن 12:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024