رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا شنودة الثالث اهتمام الله بالأشياء الصغيرة كل شيء إلي جوار الله، يعتبر صغيرًا وضئيلًا. أو كأنه لا شيء إلي جوار الله غير المحدود.. فاهتمام الله بخليقته، أو بالكون كله، هو اهتمام منه بشيء صغير. ولعل هذا من مظاهر تواضع الله ومحبته لخليقته.. حقًا ماذا تكون الكرة الأرضية سوي كوكب من كواكب عديدة جدًا لا تحصي! بل ماذا يكون الإنسان سوي حفنة من تراب أخذت من هذه الأرض! ومع ذلك ففي موضوع اليوم سوف لا نتناول اهتمام الله بالكون كله، أو بالبشرية جمعاء، إنما اهتمامه بالصغير في عالم الكون، وبالصغير في عالم الإنسان، وفي غير عالم الإنسان، أي اهتمامه بصغير الصغير..! محبة الله للأطفال ولنبدأ بمحبة الرب للأطفال واهتمامه بهم. إن الله يحب الأطفال. يحب فيهم البراءة والبساطة وعدم التعقيد وعدم الرياء.. وهكذا يقول (الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال، فلن تدخلوا ملكوت السموات) (مت18:3). وفي ترجمة King James للإنجيل، يقول عن الأطفال (Little Children). وفي إنجيل معلمنا لوقا يقول (من لا يقبل ملكوت السموات مثل ولد (as a little child)، فلن يدخله) (لو18:17). ويقول أيضًا من قبل ولدًا (Child) واحدًا مثل هذا، فقد قبلني) (مت18:5) (لو9:48). وقد دافع الرب عن الأطفال. فقال (من أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحي، ويغرق في لجة البحر) (مت18:5؛ لو17:2) وقال إنه ليست مشيئة أبيكم الذي في السموات أن يهلك أحد هؤلاء الصغار (مت 18:14). ودافع الرب عن الأطفال يوم أحد الشعانين. وقال للمحتجين عليهم (أما قرأتم قط إنه من أفواه الأطفال والرضعان هيأت تسبيحًا) (مت21:16؛ مز8:2). كان الرب يحب الأطفال ويحتضنهم (مر10:16). ولما كانوا يمنعونهم عنه استصغارًا لهم، كان يقول (دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات) (مت19:14؛ مر10:14). وكان الرب أيضًا يقول (انظروا، لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار). وقد اختار الرب أطفالًا للنبوة والخدمة ولمسئوليات خطيرة: اختار الطفل صموئيل، وناداه باسمه ثلاث مرات، وحمله رسالة يبكت بها عالي الكاهن في المرة الرابعة. نعم كلمة الرب وقت قيل عنه (وكانت كلمة الرب عزيزة في تلك الأيام) (1صم3:1-14). وجميل أنه قيل عن صموئيل (وكان صموئيل يخدم أمام الرب وهو صبي، متمنطق بأفود من كتان. وعملت له أمه جبه صغيرة) (1صم2: 18، 19). وكما اختار الرب صموئيل الطفل. اختار الرب إرميا الطفل أيضًا. وقال له (قبلما صورتك في البطن عرفتك. وقبلما خرجت من البطن قدستك جعلتك نبيًا للشعوب) (أر1:5). ولما اعتذر إرميا الصغير يقوله (آه، يا سيد الرب. إني لا أعرف أن أتكلم لأني ولد)، شجعه الرب قائلًا (لا تقل إني ولد.. لا تخف من وجوههم، لأني أنا معك لنقذك.. ها قد جعلت كلامي في فمك. انظر، قد وكلتك اليوم علي الشعوب وعلي الممالك، لتقلع وتهدم.. وتبني وتغرس) (أر1:7-10). ويشجع الرب هذا الصبي الصغير، ويقول له (هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة، وعمود حديد، وأسوار نحاس، علي كل الأرض، لملوك يهوذا ورؤسائها وكهنتها ولشعب الأرض، فيحاربونك ولا يقدرون عليك. لني أنا معك - يقول الرب لأنقذك) (أر1: 18، 19). حقًا ما أعجب محبة الرب للصغار، وتشجيعه لهم. كل هذه المسئوليات والوعود يقدمها للصبي الصغير إرمياء، الذي عرف الرب قلبه قبل أن يولد.. حقًا، (سبحوا الرب أيها الفتيان، سبحوا الرب) (مز113).. الرب يرفع معنويات الصغار، ويعينهم في مسئوليات قد تبدو فوق مستواهم. ولكنه إلي جوارها عبارة (لا تخف. أنا معك). وإذا بالصغير - نتيجة لمحبة الله - يصبح أكبر من الكبار!! يوسف الصديق كان أصغر إخوته. ولكن الله في محبته له أظهر هذه المحبة في أحلام، وفيها الدلالة علي أن أخوته سوف يأتون ويسجدون له.. (تك37:5-10). صار المتسلط علي كل مصر، بل جعله الله أبًا لفرعون وسيدًا لكل بيته (تك45:8).. ومثل يوسف الصغير الذي احبه الله وباركه، هكذا كان داود أصغر أخوته. حدث أن يسى البيتلحملي قد أبناءه السبعة الكبار إلى صموئيل النبي، ليأخذ منهم من يختاره الرب. ولم يختر الرب واحدًا من كل هؤلاء. وقال يسى (بقي بعد الصغير. وهوذا يرعي الغنم) (1صم 16: 11). هذا الصغير الذي لم يعفه أبوه من رعي الغنم في ذلك اليوم، ليحضر معهم إلى الذبيحة ويري النبي العظيم، نعم هذا الصغير هو الذي أمر الرب نبيه أن يمسحه ملكًا (فمسحه وسط أخوته.. وحل روح الرب علي داود من ذلك اليوم فصاعدًا) (1صم16: 13). ولنذكر أيضًا في محبة الله للصغار: عنايته بالطفل موسى، وبالطفل يوحنا. موسى الطفل الذي كلن معرضًا للموت مثل سائر الأطفال، وحسب أمر فرعون للقابلتين (خر1: 16).. يرسل له الله ابنة فرعون، فتراه في سفط علي جانب النهر فتحن عليه، وتأخذه إلى القصر الملكي وتتبناه، وتأتي بأمه لترضعه.. ويكبر موسى ويصير نبينًا. كذلك يوحنا بن زكريا، كان معرضًا في طفولته أن يقتل مثل سائر أطفال بيت لحم.. كيف اعتني به الله فعاش، وصار أعظم من نبي، بل أعظم من ولدته النساء، وصار أيضًا الملاك الذي يهيئ الطريق قدام السيد المسيح (مت11: 9-11).. حقًا ما أعجب محبة الرب للأطفال.. محبة الله لصغار المواهب من اهتمام الله بالصغار، نذكر أيضًا الصغار في المواهب. كان موسى صغيرًا في مواهبه، حسبما اعترف هو بهذا، واعتذر عن إرسال الرب له. فقال (أنا ثقيل الفم واللسان)، (لست صاحب كلام منذ أمس، ولا أول من أمس) (خر4: 10). وقال أيضًا (أنا أغلف الشفتين) (خر30:6).. فإذا بهذا الأغلف الشفتين يصير كليم الرب. ومن محبة الرب له، اختار له هرون أخاه لمساعدته، وقال له عن هرون: (هو يكون لك فمًا. وأنت تكون له إلهًا) (خر16:4).. ونقص مواهبه الجسدية لم تمنع اختباره... وكما اختار الرب موسى الثقيل الفم واللسان، اختار أيضًا ليئة وكانت عيناها ضعيفتين (تك17:29). وكانت مكروهة من زوجها يعقوب، الذي كان يحب أختها راحيل أكثر منها فلما رأي الرب ذلك عوضها بكثرة البنين. وما أجمل هذه الآية التي تدل عل حنو الرب، إذ يقول الكتاب (ورأي الرب ليئة مكروهة، ففتح رحمها. وأما راحيل فكانت عاقرًا) (تك31:29).. ووهب الله لليئة أن تلد ستة بنين ليعقوب وابنة هي دينة (خر 29: 20: 21). وكان من بين أبنائها: لأوى، الذي صار منه سبط الكهنوت، ويهوذا الذي منه سبط الملوك. ومن نسله ولد المسيح. ومن الناحية الأخرى، لما تعبت راحيل بسبب عقمها. عاد الرب فتحنن عليها، وولدت يوسف وقال (قد نزع الله عادي) (تك29: 22 -24). ولعل من محبة الله،وتحننه علي صغار المواهب، اختاره لجُهَّال العالم. وفي ذلك يقول القديس بولس الرسول (اختار الله جُهَّال العالم ليخزي الحكماء،واختار الله ضعاف العالم ليخزي الأقوياء. واختار الله أدنياء العالم والمزدري وغير الموجود، ليبطل الموجود، لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه) (1كو27: 29).. ماذا كان الرسول سوي جماعة غالبيتهم من الصيادين.. واختار الرب الرعاة البدو ليبشرهم الملائكة بميلاد المسيح (لو2: 8-14). واختار مريم المجدلية، التي سبق أن أخرج منها سبعة شياطين، لتكون مبشرة للرسل بالقيامة (مر16: 9، 10)، (يو20: 17، 18). إنها محبة الرب التي ترفع معنويات الصغير، فيصير كبيرًا.. اهتمام الله بصغار النفوس ومن محبة الله أيضًا: الاهتمام بصغار النفوس. وهكذا ورد في أقوال الوحي الإلهي (شجعوا صغار النفوس. اسندوا الضعفاء تأنوا علي الجميع (1تس5: 14). ويقول أيضًا (قوموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة) (عب12:12).. كل هؤلاء محبة الله ومراحمه تدركهم حتى لا يدركهم اليأس. وأليس هو الذي قيل عنه: "قصة مرفوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنه لا يطفئ" (مت 12: 20) ( أش42: 4). إنه يهتم بالفتيلة المدخنة، حتى لا تنهار من صغر النفس، قد تهب عليها ريح بنعمته فتشعلها. وكذلك القصبة المرضوضة قد يعصبها فتستقيم. ومن اهتمامه بصغار النفوس قوله (ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد).. لحيظة تركتك، وبمراحم عظيمة سأجمعك) (أوسعي مكان خيمتك.. لأنك تمتدين إلى اليمين وإلى اليسار. ويرث نسلك أممًا، ويعمر مدنًا خربة) (أش54: 1-7). ومن اهتمامه بصغار النفوس قوله (لأن الرب مسحني لأبشر المساكين، وأرسلني لعصب منكسري القلوب، لأنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق) (أش 61: 1). لعل البعض يقول: من أنا حتى أحشر نفسي وسط رجال الله القديسين؟ نقول له: أحشر نفسك إذن مع الركب المخلعة، والفتيلة المدخنة، ومع منكسري القلوب.. حقًا، ليس أحد منسيًا أمام الله، مهما كان صغيرًا ومسكينًا ومنكسرًا. إنه رجاء من ليس له رجاء، عزاء صغيري القلوب، ميناء الذين في العاصف.. لقد عزى بطرس الذي صغرت نفسه بع إنكاره، وبكي بكاء مرًا (مت26: 75)، فظهر له بعد القيامة ورفع معنوياته بقوله له (أرع غنمي. أرع خرافي) (يو21: 15- 17). كذلك ظهر الرب لأبينا يعقوب وهو خائف من أخيه عيسو وقد صغرت نفسه جدًا فعزاه وقواه وباركه (تك28: 32). اهتمام الله بصغار المركز من محبة الله أيضًا أنه يهتم بصغار المركز. راعوث الموآبية، وهي أرملة غربية الجنس، لا مركز لها.. أهتم بها الرب وأعطاها نعمة في عيني بوعز، وصارت جدة لداود النبي. وحمل اسمها أحد أسفار العهد القديم، ودخل اسمها في سلسلة أنساب المسيح (مت 1). وراحاب الزانية، أهتم بها الرب بعد توبتها وإيمانها، وأدخلها أيضًا في سلسلة الأنساب. حسبما الرسول قي قائمة المشهورين بالإيمان (عب11: 31). وسحل يشوع اسمها وأعطاها أمانًا هي وأهل بيتها (يش2: 1، 19).. إن كان الرب قد أعطي أهمية لراعوث وراحاب، فكذلك منح مركزًا لجدعون. جدعون هذا لما دعاه الرب ليصنع به خلاصًا، قال وهو شاعر بضآلة شأنه "هَا عَشِيرَتِي هِيَ الذُّلَّى فِي مَنَسَّى، وَأَنَا الأَصْغَرُ فِي بَيْتِ أَبِي" (سفر القضاة 6: 15). ولكن الرب شدده وقوي إيمانه، ومحنه علامات لتقويته، وأراه آيات، وصنع به انتصارًا عظيمًا، وصار من قضاه الشعب، وسجل اسمه في سفر القضاة (قض6-8). وكتب القديس بولس الرسول اسمه ضمن أبطال الإيمان (عب11: 32).. هذا الذي عشيرته هي الذُّلَّى فِي مَنَسَّى. بل لننظر إلى بيت لحم، القرية الصغيرة في يهوذا. علي الرغم من صغرها وضآلة شأنها، إلا أن الرب قد خاطبها قائلًا (وأنت يا بيت لحم، ليست الصغرى بين رؤساء يهوذا. لأن منك يخرج مدبر يرعي شعبي إسرائيل) (مت 2: 6). وصارت بيت لحم هي مدينة داود النبي، ثم المدينة التي ولد فيها السيد المسيح له المجد.. ومنحها الرب عظمه لم تنلها أمهات المدن وعواصم الممالك.. ومن اهتمام الرب بالصغار، أنه أطلق هذا اللقب علي المؤمنين به: وقال في ذلك (لا تخف أيها القطيع الصغير، لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت) (لو12: 32)، وهذا القطيع الصغير - ربما في عدده هو الذي سيدخل ملكوت السموات. لأن الباب المؤدي إلى الحياة الأبدية هو باب ضيق، (وقليلون هم الذين يجدونه) (مت 14:7). بودي أن أتحدثك عن اهتمام الرب في محبته بأمور كثيرة صغيرة: كالأشياء الصغيرة في عددها، أو في قيمتها، أو في حجمها، أو اهتمامه بالمخلوقات الصغيرة في شأنها، أو اهتمامه بالعمل الصغير.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من اهتمام الله بالصغار |
أمثلة في اهتمامه بالصغار |
موهبة إلهية تدل علي اهتمام الله بالصغار |
لأن اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح حياة وسلام |
اين اهتمام الله |