رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يسوع هو الحق يسوع ليس هو الطريق فحسب، انما هو أيضا الحق. يطلق لفظ حق أو حقيقة على كل فكر وكل كلمة تطابق الواقع. وأيضاً على واقع الشيء ذاته حينما ينكشف بجلاء ووضوح للعقل كما تشير اللفظة اليونانية ἀληθείας (معناها غير خفي). وأمَّا تعريف الحقيقة في العهد القديم فيعني أمانة نحو العهد (رومة 3: 6)، وفي العهد الجديد، فالحقيقة هي المسيح وإنجيله الطاهر" حَقيقةُ البِشارة"(غلاطية 2: 5). ويحتل مفهوم الحق او الحقيقة في انجيل يوحنا مكانة مرموقة. ليس الحق، بالنسبة إلى يوحنا، هو كيان الله في حد ذاته، بل هو كلمة الآب "إِنَّ كلِمَتَكَ حَقّ"(يوحنا 17: 17)، وهي كلمة ثابتة لا تتغير، وهي الحق الذي أتى يسوع "ينادي به" كما صرّح لليهود "أَنا الَّذي قالَ لكُمُ الحَقَّ الَّذي سَمِعَهُ مِنَ الله" (يوحنا 8: 40)، ويشهد له كما أعلن يسوع امام بيلاطس " أَنا ما وُلِدتُ وأَتَيتُ العالَم إِلاَّ لأَشهَدَ لِلحَقّ. فكُلُّ مَن كانَ مِنَ الحَقّ يُصْغي إِلى صَوتي" (يوحنا 18: 37). والشيء الجديد الذي جاءت به المسيحية عن المسيح أنه هو نفسه الحق "أَنا الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة (يوحنا 14: 6)، على أن هذا اللقب يفصح أيضاً، بطريق غير مباشر، عن شخص المسيح الإلهي، فإذا كان يسوع هو الوحيد بين الناس، الذي يمكنه أن يكون الحق، فلأنه في الوقت نفسه، هو الكلمة، " الابنُ الوَحيدُ الَّذي في حِضْنِ الآب" (يوحنا 1:18)، من حيث إنه الكلمة الذي صار بشراً، يحمل في ذاته ملء الوحي، ويُخبرنا عن الآب " إِنَّ اللهَ ما رآهُ أَحدٌ قطّ الابنُ الوَحيدُ الَّذي في حِضْنِ الآب هو الَّذي أَخبَرَ عَنه" (يوحنا 1: 18).ويعلق القديس أمبروسيوس "المسيح ليس فقط هو اللَّه، بل بالحقيقة اللَّه الحق، إله حق من إله حق". يسوع هو الحق، لم يقصد بقوله انه الحق تعليم الناس كل العلوم، إنما ان يُعلمهم ما يوصلهم الى السماء. وكل ما أتى به الأنبياء والرسل من التعليم الحق لم يكن إلاَّ منه كما أعلنه هو نفسه " قد سَلَّمَني أَبي كُلَّ شَيء، فما مِن أَحَدٍ يَعرِفُ الابنَ إِلاَّ الآب، ولا مِن أَحدٍ يَعرِفُ الآبَ إِلاَّ الابْن ومَن شاءَ الابنُ أَن يَكشِفَه لَه (متى 11: 27). وفيه فيه كملت الظلال والرموز الواردة في العهد القديم. فهو المن الحقيقي النازل من السماء (يوحنا 6: 32)، وخيمة الاجتماع (العبرانيين 8: 3). يسوع هو الحق لأنه كلمة الله، وهو يُعلن لنا كل ما يلزمنا معرفته عن الله وعن أنفسنا كما صرّح يسوع "تَعرِفونَ الحَقّ: والحَقُّ يُحَرِّرُكُم" (يوحنا 8: 32). والمسيح هو الحق المعلن لنا في قداسته ومحبته. هو أظهر الحق بأقواله وأعماله. فالحق الوحيد الذي لا يتغيَّر هو الله. ومن يكتشف الحق ويعرفه يثبت في الطريق فتكون له حياة. كما صرّح يسوع " أَنا نُورُ العالَم مَن يَتبَعْني لا يَمْشِ في الظَّلام بل يكونُ له نورُ الحَياة" (يوحنا 8: 12). المسيح هو الحق الذي ينبغي أن نؤمن به ونشهد له حتى الموت. وبكون يسوع هو نفسه الحق فإنه أولا أن ينقل إلينا في ذاته وحي الآب كما جاء في تعليم يوحنا الرسول "أنَّ الكلامَ الَّذي بَلَّغَتنيه بَلَّغتُهم إِيَّاه فقَبِلوه وعَرَفوا حَقّاً أَنِّي مِن لَدُنكَ خَرَجتُ وآمنوا بِأَنكَ أَنتَ أَرسَلتَني" (يوحنا 17: 8)، وهكذا يُشركنا في الحياة الإلهية كما جاء في تعليم يوحنا الرسول " أَنَّ اللهَ وَهَبَ لَنا الحَياةَ الأَبدِيَّة وأَنَّ هذهِ الحياةَ هي في ابنِه" (1 يوحنا 5: 11-13 وبكون يسوع الحق فانه ثانيا يحقِّق كلّ وعود الله كما جاء في تعليم بولس الرسول " إِنَّ جميعَ مَواعِدِ اللهِ لَها فيه ((نَعَم)). لِذلِك بِه أَيضًا نَقولُ لله: ((آمين)) إِكرامًا لِمَجْدِه" (2 قورنتس 1: 20)؛ وأخيرا بكون يسوع الحق المتجسّد فإنه ثالثاً يوجِّهنا ويقودنا إلى الإيمان به " إِن ثَبتُّم في كلامي كُنتُم تلاميذي حَقاً تَعرِفونَ الحَقّ: والحَقُّ يُحَرِّرُكُم " (يوحنا 8: 31-32). فإن المسيح يقول الحق (يوحنا 8: 45)، وهو " مِلؤُه النِّعمَةُ والحَقّ " (يوحنا1: 14). "وأمَّا النعمة والحق، فقد بلغا إلينا على يد يسوع المسيح " (يوحنا 1: 17)، إذ به وفيه قد ظهر الوحي الكامل والنهائي. إنّ الكثيرين يستطيعون أن يهتفوا "لقد علّمنا الناس الحقّ". ولكن لا يوجد سوى واحد يستطيع أن يقول: "أنا هو الحقّ". فالحق بالمعنى المسيحي هو حق الإنجيل أي الكلمة التي يوحي بها الآب والتي تقوم في يسوع المسيح والتي يُضيئها الروح القدس، "إِنَّ كلِمَتَكَ حَقّ" (يوحنا 17: 17)، ويتعيَّن علينا أن نقبلها بالإيمان، لتغيير حياتنا. هذه الحقيقة الخلاصية تقدمها لنا الكتب المقدسة الموثوق بها، وتسطع لنا في شخص المسيح الذي هو، في آن واحد، وسيط الوحي كله وملؤه. إنه الحق الذي يبدد كل ما هو باطل وما هو خطأ. وإنه الحق الذي يحطم كل خداع؛ ففيه نجد الثقة الحقيقية والحقيقة "إِنَّ جميعَ مَواعِدِ اللهِ لَها فيه ((نَعَم)). لِذلِك بِه أَيضًا نَقولُ لله: ((آمين)) إِكرامًا لِمَجْدِه"(2 قورنتس 1: 20). |
|