إن كان سفر يشوع هو سفر الخلاص المجاني، فيه يتسلم يشوع قيادة الشعب ليدخل بهم إلى أرض الموعد، يغلب الأمم الوثنية ويملك ويقَّسم، فإن سفر القضاة يكشف عن حال الإنسان في أرض الموعد، وقد استهان بعطية الله العظمى، وتَراخى في المطالبة بمواعيده الإلهية المجانية، إذ فترت غيرة الشعب وانصرف غالبيته إلى مشاركة الأمم الوثنية التي تركوها في وسطهم في عبادتهم والتلذذ معهم بالخطية. لكن الله لا يترك أولاده في الرجاسات إنما يؤدب مستخدمًا الأمم ذاتها كعصا قاسية للتأديب، حتى متى رجع الشعب يرسل لهم الله خلاصًا وينقذهم.
نستطيع أن نقول بأن هذا السفر هو سفر حياة كل مؤمن ذاق عذوبة الحياة الجديدة في المسيح يسوع بكونها الأرض الروحية التي تفيض لبننًا وعسلًا، لكن عوض الانطلاق فيها من قوة إلى قوة يتراخي مستهينًا بفيض نعمة الله، فيرتد إلى الحياة الجسدانية والفكر الأرضي القاتل، الأمر الله يدفع الله إلى تأديبه بالضيقات والآلام حتى يرده إليه ابنًا مقدسًا في الحق.