رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مشورة نعمي فقالت نعمي لكنتيها: اذهبا ارجعا كل واحدة إلى بيت أمها ... وليُعطكما الرب أن تجدا راحة كل واحدةٍ في بيت رجلها ( را 1: 8 ، 9) نرى هنا نعمي تنصح كنتيها بغير ما كان يجب أن تشير به عليهما، تنصحهما أن ترجعا إلى موآب، بل وترجو الله أن يباركهما هناك. غريب أن نرى نعمي تنصح كنتيها، بل وتلح على كل واحدة منهما أن ترجع إلى بيت أمها لتحيا في موآب. أ ليس هذا دليلاً على أن مستوى نعمي الروحي كان غاية في الضعف؟ وأغرب من ذلك، أن نرى نعمي ترجو الرب أن يعطي راحة لكل واحدة منهما في بيت رجلها. حقًا ما كان أبعد قلب نعمي عن الله، وما كان أعمق ذلك الخراب الذي غمر نفسها، لما كانت تنصح كنتيها بهذا الكلام! راعوث، تلك التي هي رمز المؤمن الحديث في إيمانه، كان ينبغي أن يقدَّم إليها من نعمي البالغة في إيمانها كلمات نُصح وتشجيع لتنفصل انفصالاً كاملاً عن موآب وأهلها وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالله وبشعبه في أرضه. غير أنه على الرغم من إلحاح نعمي، فإن راعوث وعُرفة صممتا على عدم تركها، فلم يرق ذلك في عيني نعمي، فأعادت الكرّة بذلك الإلحاح لإرجاعهما إلى موآب، وطفقت تقول لهما: «ارجعا يا بنتيَّ ... هل في أحشائي بنون بعد، حتى يكونوا لكما رجالاً؟ ...». ولقد كانت نتيجة هذا الإلحاح الشديد أن رجعت عُرفة إلى موآب، وأما راعوث فلصقت بها، فلم يرق ذلك في نظر نعمي، فتحولت إلى راعوث تلح عليها أن ترجع وراء سلفتها، إلى شعبه وإلى آلهتها ـ يا لها من نصيحة تُقدَّم من مؤمنة بالغة إلى مؤمنة حديثة الإيمان!! هل تسمحوا لي أيها الأخوة الأحباء أن أسأل عن نوع النصائح والإرشادات التي تقدمونها للأحداث بين شعب الله؟ هل ترشدونهم إلى السُبل التي يؤول السير فيها إلى مجد الرب وخير نفوسهم؟ أم إلى سُبل قد تُشبع الجسد ولكنها تقتل النفس روحيًا وتجلب الإهانة على الاسم الحسن؟ وما أجمل أن نلاحظ كيف يسند الله أولاده المتوكلين عليه، بالرغم من كل المؤثرات التي يُراد بها إبعادهم عن شخصه العزيز، وتحويل إيمانهم عنه، وإضعاف محبتهم له .. فها قد فرغت نعمي من تقديم مشورتها، وما كان أردأها مشورة، وماذا كان تأثيرها على راعوث؟ جميل أن نرى أن إيمان هذه الحديثة الإيمان كان يقوى وقد انتصر. |
|