وَعَدَ الربُّ قديماً بخلاص البشرية و رجوعها إلى الملكوت السماوي ، كما ذكر الكتاب في ( تكوين 3: 15 ) أنّ نسل المرأة يسحق رأس الحية – أي إبليس الحية القديمة – و هذه النبوة كانت قبل التجسد الإلهي ( يوحنا 1 : 1 و 14 ) بآلاف السنين، و تأخّر الله في إتمام وعده لأسباب كثيرة منها هو أن يـجدّ إنــاءاً طاهراً يتجسّد و يتأنّس منه ، و لمّا وجده كما يقول الآباء الأولون في ثيؤطوكية الأربعاء : ” تطلّع الآب من السماء فلم يـجد من يشبهك ، أرسَلَ وحيده أتى و تجسّد منكِ ” . هذا هو أول سبب نعظّم به العذراء مريم .
قالت القديسة مريم في تسبحتها الإنجيلية أن الله نظر إلى اتضاع أمته ، و مظاهر هذا الاتضاع ، هي أنها حينما علمت بخبر تجسد ابن الله منها لم تتكبر و لم تنتفخ ، بل احتفظت باتضاعها و قالت للملاك المبشر : ” هوذا أنا أمة الرب ” ، و قالت أيضاً ” تبتهج روحي بالله مخلصي ” ( لوقا 1: 47 ) ، أي أنها في احتياج إلى خلاص الفادي مثل باقي البشر ” .
أيضاً مجرّد أن عَلِمت من الملاك المبشر – رئيس الملائكة جبرائيل – بحبَل اليصابات نسيبتها و هي في سن الشيخوخة ( لوقا 1 : 36 ) ، قامت و ذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا ، و دخلت بيت زكريا ، و سلّمت على اليصابات ” ( لوقا 1: 39 و 40 ) . لقد ذهبت لخدمتها و لم تتكبر أو تنتفخ بأنها صارت أُمّاً لله الكلمة المتجسد ، لذلك قالت : ” لأنه نظرَ إلى اتضاع أمته فهوذا منذُ الآن جميعُ الأجيال تطوبني . لأن القديرَ صنعَ بي عظائم و اسمه قدوس . و رحمته إلى جيلِ الأجيال للذين يتقونه . صنعَ قوةً بذراعهِ شتّت المستكبرين بفِكر قلوبِهم . أنْزَلَ الأعزّاء عن الكراسي و رفع المتضعين ” ( لوقا 1 : 48 – 52 ) . و قد ذُكِر في مزمور (138 : 6 ) : ” الربُّ عالٍ و يعاين – ينظر – المتواضعين ” ، و في سفر الأمثال : ” هكذا يعطي نعمة للمتواضعين ” ( أمثال 3: 34 ) . كلام العذراء القديسة و تسبحتها هو من الكتاب المقدس .