منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 28 - 04 - 2021, 11:29 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,765

معاناة أيّوب: البارّ المتألّم

معاناة أيّوب: البارّ المتألّم




معاناة أيّوب: البارّ المتألّم

في الواقع، لم يستطع أيّوب التحمّل أكثر. دافع عن نفسه على أنّه بريء من أيّ خطيئة، ومرّة أخرى اعترفَ بأنّه لا يوجد إنسان بلا خطيئة. وفي سَيْلٍ من الحزن والغضب صرخ مرّة أخرى متمنّيًا لو أنّه لم يُولد وأن يتركه الله وحده. ثمّ طلب في مرحلة ثانية أن يستمع الله إليه. ومع ذلك، في كلّ هذا يصرّ على أنّه لا يستحقّ كلّ هذه المعاناة، ويطالب الله بفرصة ليقف أمامه ويُعلن حُجّته.



في النهاية، إفتقد الله أيّوب ونفّذ طلبه وتحدّث إليه من قلب العاصفة. من جهّة، لم يفسّر الله لأيّوب أسباب معاناته. بكلمات أخرى ليست أجوبة الله عن أسئلة أيّوب هي التي جعلته يشعر بالإكتفاء، إنّما أسئلة الله التي طرحها على أيّوب: "أين كنت (أيّوب) حين أسّست الأرض؟" "هل تربط أنت (أيّوب) عقد الثُريا (النجوم)؟" لقد تحدّى أيّوب خالق العقل، لكنّه لم يدرك حتّى عقل النعامة. أليس هو الله؟ لذا اعترف أيّوب قائلاً: "قد نطقتُ بما لم أفهم. بعجائب فوقي لم أعرفها" (أيّوب 42/ 3). من جهّة أخرى لم يوافق الله على موقف أصدقاء أيّوب، فانحاز إلى أيّوب لأنّهم لم يقولوا الصّدق عن الله مثل أيّوب: "لم تقولوا فيّ الصّواب كعبدي أيّوب!" (أيّوب 42/ 7 - 8).



إن وجدنا أنفسنا مدفونين في سوادٍ أحلك من ظلمة اللّيل، فإنّ الله يتحدّث إلينا من وسط العاصفة. لكنّ قصّة أيّوب لم تنتهِ بعد. لم تكن الكلمة الأخيرة أو العمل الأخير لله. تألّم الله بدوره، تألّم في شخص المسيح عوضًا عنّا.



صار واحدًا منّا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة. حمل هذا الثقل إلى الموت، وبالموت فتح لنا طريقـًا إلى الحياة. لقد ذاق ألمًا حقيقيًّا، ونزف دمًا حقيقيًّا، وذاق الموت فعلاً. وعلى الصّليب شعر بالوحدة الشديدة، وعندما صرخ "إلهي... إلهي لماذا تركتني؟" كانت صرخة متألّم (متى 27/ 46). دفع الثمن الذي عجزنا عن سداده، وحمل الثقل الذي عجزنا عن حمله: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم" (متى 11/ 28). ويبقى السؤال: لماذا يسمح الله بالألم؟ أين الله؟ هل يشعر؟ أم أنّ صلواتي تصطدم بالحائط وترجع إليّ؟ هل هو قريب؟ أو بعيد يراقب من هناك؟ إذا كان جُرحي عميقًا وصرخ قلبي بهذه الأسئلة، ألا أستحقّ إجابة؟

تختصر هذه القصّة معاناة الإنسان مع الألم. تلتفّ المتاعب حولي وتخنقني، والهموم تمزّقني. باللّيل أعجز عن النوم، وبالنهار لا أجد راحة. أوجاعي فوق الإحتمال. تساعد الآلام التي عاناها أيّوب في تبرير الإنسان. أعاد ترتيب أيّوب شرف الإنسان من خلال إيمانه الذي عبّر عنه في أصعب مراحل الألم، وهكذا اشتركت عذاباته مسبقـًا بعذابات المسيح، الذي يعيد إلينا شرفنا جميعًا أمام الله، ويدلّنا إلى الطريق فلا نفقد الإيمان بالله في أحلك الظلمات. عندما واجه أيّوب الربّ بصمت. لا يقلّل صمت أيّوب من عمق الألم والخسارة التي نتحمّلها بصبر، بل يؤكّد على أهميّة الثقة بخطّة الله وسط الألم، حتّى عندما لا نعرف ما هي هذه الخطّة. يخضع الألم مثل الخبرات الإنسانيّة الأخرى لحكمة الله. نتعلّم في النهاية، أنّنا قد لا نعرف السبب المحدّد للألم، ولكن يجب أن نثق بإلهنا. هذا هو الحلّ الحقيقيّ للألم.

يساعدنا سفر أيّوب على إدراك أهميّة الإختبار في الحياة الرّوحيّة. يحتاج الإنسان إلى الإختبار من أجل إنضاج تقواه، والإنتقال بها من السطحيّة إلى الإتّحاد العميق بإرادة الله. فكما أنّ عصير العنب بحاجة إلى الإختمار ليصبح خمرًا جيّدة هكذا يحتاج الإنسان إلى التطهير والتحوّل ليجد ذاته ويلتقي الله. الحبّ هو دومًا عمليّة تطهير وتنقية، وتجرّد.

عاش المسيح، إبن الله الأزليّ، على الأرض إنسانًا واحتمل الجوع والعطش والتجربة والعار والإضطهاد والعري والحزن والخيانة والهزء والظلم والموت. لذلك فهو قادر أن يجيب سؤل قلب أيّوب حين قال: "ليس الله إنسانًا مثلي فأرُدّ عليه، أَو كي نجتمع معًا في محكمةٍ. ليس من وسيطٍ بيننا، يضعُ يدَه على كلينا. لو أنّه يرفعُ عنّي عصا عقابه، فلا يُرعبني رُعبًا. عند ذلك سأتكلّم دون أن أخاف، أمّا الآن فلا أستطيع". (أيّوب 9/ 33 - 35).

قال الكاردينال جون هنري نيومان: "إستطاع الربّ بكلمة واحدة خلق الكون من العدم، ولكنّه في ما خصّ خطايا البشر وآلامهم، لم يستطع أن يتجاوزها إلاّ بإشراك ذاته فيها، فعانى هو نفسه الألم من خلال إبنه الذي تحمّل الألم وتخطّاه ببذل نفسه. يتطلّب الإنتصار تعبئة قلبنا وتعبئة وجودنا كلّه. تبقى هذه التعبئة غير كافية، ولا يمكنها أن تكون فاعلة، إلاّ بالإتّحاد بمن حمل أعباءنا جميعًا".

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
حبة الخردل والمسيح المتألّم
أيّوب البارّ والإنتصار على الألم
البارّ المتألّم
معاناة أيّوب
الصّلاة الرائعة لوجه يسوع المتألّم


الساعة الآن 12:18 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024