موسى وتسرُّعهُ
«لَمَّا كَبِرَ مُوسَى ...
خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ»
( خروج 2: 11 )
كان موسى حقيقة شخصية رائعة، وقد مُنِحَ إيمانًا عظيمًا، ومع ذلك فالروح القدس لم يُخفِ عيوبه. فموسى كان متسـرعًا أكثر من اللازم. لقد كان يريد أن يسير قبل الرب. ولكن وقت الله لخلاص إسرائيل لم يكن قد أتى بعد. وكان يجب أن تمر 40 سنة أخرى من العبودية. ولكن صبر موسى كان قد نفد، وبدأ يعمل بقوته الجسدية.
البعض يميل إلى تبرئة موسى، ولكننا نقرأ: «فَالْتَفَتَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ، فَقَتَلَ الْمِصْـرِيَّ» ( خر 2: 12 ). هذه الكلمات تضع دليلاً أن موسى، في هذا الوقت، كان يسير بالعيان لا بالإيمان. كما أنه بعد أن قَتَلَ الْمِصْـرِيَّ «طَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ»، مما يُبرهن على خوفه من اكتشاف الأمر. وفي اليوم التالي، عندما أدرك موسى أن أمر قتله للمصري قد عُرف، وأن فرعون سَمِعَ به، خاف، وهرب ( خر 2: 13 -15). وهذا ما يؤكد فكرتنا عن موسى. فعين موسى لم تكن على الرب، ولكن على الإنسان. وخوفه من الإنسان قد أوقعه في هذا الفعل. فبمجرد تخيّله أن فرعون ولا بد أن ينتقم منه، هرب إلى أرض مديان.
وبالرغم مِن أن هذا يبدو طبيعيًا من وجهة نظر الإنسان، ولكن يجب ألا نتجاهل أعمال العناية الإلهية، وتدبيرات الله. فإن وقت الله لخلاص إسرائيل لم يكن قد أتى بعد. كما أن ما فعله موسى لم يكن بحسب قصده، فلم يكن العصيان المُسلح هو ما يريده الله. وهكذا علَّم الله درسًا مفيدًا لمن كان سيصير في ما بعد خادمه الأمين. ولكن أليس هذا درسًا لنا؟ فعندما يفشل خادم الرب في الحصول على تصريح من الله ليؤدي مهمة معينة، فهذا لا يعني بالضـرورة وجود عيب في الخادم نفسه، ولكنه قد يكون بسبب أن وقت الله لهذه المهمة لم يأتِ بعد.