|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يَدُ اللهِ المُؤدبة «مَزَّقَ يَعقُوبُ ثِيَابَهُ ... وناحَ علَى ابنِهِ أَيَّامًا كثِيرَةً ... فأَبَى أَن يَتعَزى» ( تكوين 37: 34 ، 35) جميل أن نلاحظ انتصارات النعمة الإلهية الواضحة في أيام يعقوب الأخيرة «أَمَّا سَبيلُ الصِّدِّيقينَ فكنورٍ مُشرِقٍ، يَتزايَدُ ويُنيرُ إِلَى النهَارِ الكامِلِ» ( أم 4: 18 )؛ وهو الأمر الظاهر جليًا في حالة هذا البطريرك. ما أضعف إظهارات الحياة الإلهية في حياة يعقوب سواء المبكرة، أو في منتصف عمره؛ فما أكثر سيره بقوة الجسد، حتى إنه يصعب علينا تحديد متى بدأت حياته الروحية بالضبط. لكن كلَّما اقترب من نهاية سياحته الأرضية، يزداد البرهان أنه «إِن كانَ إِنسَانُنا الخارِجُ يَفنى، فالدَّاخِلُ يتجَدَّدُ يَومًا فيَومًا» ( 2كو 4: 16 ). إن أُفول شمس حياة يعقوب يعلن عن انتصارات نعمة الله القديرة، وتأثير التغيير العجيب الذي تُحدثه قدرته في المادة التي تبدو غير واعدة. وعلينا أن نوجه انتباهنا الآن إلى بعض ثمار الحياة الإلهية في يعقوب. وما الذي يُنشئ هذه الثمار؟ واحدة من الإجابات عن هذا التساؤل نجدها في عبرانيين 12 «يا ابني، لا تحتقِر تأديبَ الرَّبِّ، ولا تَخُرْ إِذَا وبَّخَكَ ... كُلَّ تأديبٍ فِي الحَاضرِ لا يُرى أَنهُ للفرَحِ بل للحَزَنِ. وأَمَّا أَخيرًا فَيُعطي الذينَ يتَدَرَّبُونَ بهِ ثمرَ بِرٍّ للسَّلاَمِ» ( عب 12: 5 ، 6، 11). ألا تُعطي هذه الأعداد مفتاحًا للمشاهد الختامية في حياة بطريركنا! بأي وضوح يُمكننا تمييز يد الله المُؤدبة عليه؛ لقد تعاقبت الأحداث الأليمة على يعقوب. أولاً: ماتت المُرضعة المُخلِصة دبورة ( تك 35: 8 )، وتبع ذلك تقريبًا مباشرةً موت محبوبته راحيل ( تك 35: 19 ). ثانيًا: نقرأ أن بِكره رأوبين «ذهبَ واضطجَعَ معَ بِلهةَ سُرِّيَّةِ أَبيهِ، وسمعَ إِسرائِيلُ» ( تك 35: 22 )، ثم مات أباه إسحاق ( تك 35: 29 ). مسكين يعقوب! جاءته الأحزان ثقيلة وسريعة، لكن يد التأديب الإلهي كانت مزمعة أن تقع عليه أثقل وأقوى. فها يعقوب يُمَس الآن في مركز مشاعره؛ فيوسف ابنه المحبوب أُخذ منه، وندبه كميت. وكانت بلا شك لطمة قاسية ( تك 37: 34 ، 35). كيف يُنظر إلى تلك الأحزان والمآسي؟ هل كدلائل على الغضب الإلهي؟ أم كقضاء من الله؟ بالطبع كلا، فالله لا يتعامل هكذا مع خاصته، بل الرب يُؤدب مَن يُحب؛ وحتى الآلام والمآسي هي ضمن عطايا محبته، مُرسلَة عن إخلاص، لبركاتنا ولتدريب قلوبنا، ولفطم مشاعرنا عن الأمور الأرضية، لنُلقي بأنفسنا بالتمام عليه، حتى نتعلَّم اختباريًا كفايته لنا في كل الظروف. |
|