رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يعقوب في فنيئيل فقال له ما اسمك. فقال يعقوب... وباركه هناك ... وأشرقت له الشمس إذ عبر فنوئيل وهو يخمع على فخذه ( تك 32: 27 ـ31) ما أجمل إلهنا، وما أرقّ معاملاته، وما أحكم أساليبه! ألم يكن يعرف اسم يعقوب؟ ألم يشرح تاريخه وهو بعد في بطن أمه؟ نعم كان يعرف، لكنه أراد أن يصل بيعقوب إلى اعتراف مختصر، لكنه شامل، بنقاط ضعفه وعيوبه، وكأنه يقول له: إن كل مشاكلك تقبع في معنى اسمك. وقد سأله عن اسمه وكأنه ينتظر أن يُجيب يعقوب بالقول: اسمي ـ بكل الأسف ـ يعقوب، فأنا الذي أتعقب رغباتي حتى أنجزها، وأنا الذي أحاول أن أقبض على زمام الأشياء بحكمتي، لأجعلها تنجز رغبتي.. ها إني أعلن فشلي. عند هذه النقطة، غيَّر الرب اسمه، هذا يعني أن المستقبل سيُرينا شخصية أخرى مختلفة تماماً عما مضى، فلن يعود يعقوب بل إسرائيل. كلمة إسرائيل تتكون من مقطعين: "إسرا"، و"إيل". وإسرا: تعني إدارة، وإيل: تعني الله، كأن الرب يريد أن يقول: يعقوب .. لقد عشت كل حياتك تجاهد مع الناس (كلمة يجاهد ويصارع في العبرية كلمة واحدة وهي إسرا وتعني يدير أو يأمر) وقد قدرت، ذلك لأنه كان لك من القوة ما يمكنك من الإدارة ويعينك على الصراع، لكن الآن وبعد أن صرت مخلوع الحُق، سيتسلم إيل الإدارة وستصبح أنت لا الآمر بل الأمير أي الذي تأتمر بأمر إيل، ولن تعود حياتك تُدار لحسابك بعد اليوم، بل ستُدار لحساب إيل، وهذه هي البركة الحقيقية في الحياة، لذلك يقول "وباركه هناك". وكم أشتاق من كل قلبي أن يدرك كل مؤمن هذه الحقيقة، أنه لن يعرف معنى البركة إلا بعد أن يتنازل عن إدارة حياته ويسلمها لله. وفي مكان الإفراغ ـ (وهو معنى اسم المكان ـ يبوق) ـ خسر يعقوب شيئاً وربح كل شيء. لقد خسر قدرته إذ أُفرغ منها، وسيصبح من الآن أعرج لا يستطيع السير إلا مستنداً على آخر، هذا ما خسره. إلا أنه ربح كل شيء، إذ أن هذا الآخر الذي سيستند عليه، هو الله نفسه. فيا لعظمة ربحه، نعم، فمَنْ يسير مستنداً على إيل، حتماً سيكون أميراً. وهناك أشرقت له الشمس. فمَنْ يدير له الله حياته، لن يزعجه ظلام، لن تحجب وجه الله عنه غيوم، نعم، لن تغيب الشمس أبداً عن حياة يديرها الله، ولن تُحرم من الدفء أبداً حياة تستند على الله. |
|